
طارق الشناوي
المواطن حمادة والوزير صابر!!
انشغل الشارع بحكاية المواطن المسحول حمادة صابر وكانت النخبة تتابع بشغف استقالة وزير الثقافة صابر عرب، بينما الرأى العام مستاء من إعلان رئيس الوزراء هشام قنديل فى خطابه السياسى أن النساء الريفيات وخاصة فى بنى سويف لا ينظفن أثداءهن قبل إرضاع أطفالهن ويتعرضن للاغتصاب عند قضاء حاجتهن فى العراء!!
حمادة عند البعض أيقونة الفصل الثانى من الثورة مثل التونسى محمد البوعزيزى الذى أحرق نفسه فتفجرت ثورة الياسمين، إلا أنه لم يمكنهم من تحقيق ذلك وسرعان ما اكتشفوا أنه رجل محترف تظاهر، كان من بين الذين رفعوا يافطة «آسفين يا ريس» مؤيداً لحسنى مبارك عندما وجد من يدفعه للذهاب إلى هناك أثناء محاكمة القرن، تراجع فى البداية عن اتهام وزارة الداخلية بسحله وحمل المتظاهرين المسئولية كاملة ثم تراجع عن التراجع. من الواضح أن حمادة أعجبته «الشغلانة» عندما تحول بعد تصوير واقعة سحله وتعريته إلى نجم على كل الشاشات فهو يخترع حكاية كلما وجد أمامه كاميرا ومذيعًا تتناقض مع الأخرى التى أدلى بها قبل لحظات لفضائية منافسة. يلاعب حمادة كل الأطراف فهو بطل عند من أرادوا إسقاط مرسى والإخوان بينما هو عميل وأرزقى ويلعب بالبيضة والحجر عند القنوات التى تروج لمرسى وجماعته ويستحق أكثر من السحل والتعرى ليصبح عبرة لمن يتظاهرون.
الوجه الآخر للصورة تراه فى وزير الثقافة الذى تقدم باستقالته للمرة الثانية، الأولى كانت قبل ثمانية أشهر عندما أراد الحصول على جائزة الدولة التقديرية وحيث إنه كان يشغل موقع الوزير الذى يمنح الجوائز وكانت بالطبع ستصبح فضيحة بجلاجل لو منحها نفسه ولهذا كان الحل الوحيد هو الاستقالة وبعد أيام قليلة جاءت حكومة إخوانية كان حريصاً على أن يتودد لها ليضمن احتفاظه مجدداً بالحقيبة الوزارية.
بعض المثقفين- قبل أن يتراجع عن استقالته- صنعوا منه بطلاً مؤكدين أن ضميره الوطنى لم يرض بأن يقتل أكثر من شاب فى المظاهرات أمام قصر الاتحادية وتضامن مع المواطن المسحول وهناك من يقول أنه أراد دعماً مادياً من رئيس الوزراء للإنفاق على أنشطة الدولة وعندما لم يستجب تقدم باستقالته بينما مكتب رئيس الوزراء أكد أنه استقال لأسباب صحية. هل هو حقاً بطل ثورى قال لا للإخوان؟ الوزير لجأ إلى حيلة الصمت لتظل كل الاحتمالات ممكنة وسياسة الباب الموارب تفتح شهية الناس لكل التأويلات، من أرادوه بطلاً فسروا صمته نبلاً وتعففاً وغضباً مكتوماً أقوى من الصراخ، بينما يرى النظام الإخوانى فى هذا الصمت المريب تراجعاً بل وندماً على الاستقالة وهو ما تحقق قبل أيام قليلة.
حمادة صابر كان ينتظر الفضائيات التى أحالته فى ساعات إلى نجم بينما صابر عرب أغلق تليفونه المحمول وأغلق حتى على نفسه باب شقته ولم يشأ أن يصدر بياناً ولم يكتب على صفحته فى الفيسبوك ما يشفى غليل الناس الذين يريدون معرفة الحقيقة. المواطن حمادة صابر والوزير صابر عرب لا أحد منهما بطل ولكنهما ورقتان لعب بهما الإعلام كما يحلو له وعلى مزاجه لا يعنيهم حقيقة ما حدث، بينما رئيس الوزراء المنوط به إجلاء الحقيقة للرأى العام ترك كل ذلك وتحدث عن الرضعة وقضاء الحاجة فى العراء، وهى انفلاتة لسان لم ولن تغفرها له النساء فى بنى سويف ولا العديد من المنظمات النسائية، ثم يأتى المشهد الأخير وزير الإعلام المصرى قرر تحويل المخرج التليفزيونى الذى صور حديث «الرضعة» للتحقيق وكل جريمته أنه حرص على عرض الحقيقة فلا أحد يريد أن يستمع أو يرى الحقيقة!!