الأربعاء 6 أغسطس 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
سكك حديد العبيد!!

سكك حديد العبيد!!




 
 
فى بدايات القرن الثامن عشر، اعتمدت الولايات المتحدة الأمريكية على استيراد العبيد من القارة الأفريقية، خاصة من الساحل الغربى للقارة، حيث تقع بلدان أفريقية «كالسنغال، وغينيا، ونيجيريا، والكاميرون».

 
 
 
 
ولعل أشهر القصص التى تعرضت لها السينما فى «هوليوود» عن استيراد أو خطف العبيد من أفريقيا هى قصة «كينتا كونتى» المشهورة، تليفزيونياً أيضاُ كمسلسل شاهده أكثر من مليار إنسان على وجه الأرض!!
 
ومع ذلك كانت وسائل نقل العبيد عبر المحيط الأطلنطى بالبواخر العظيمة «القديمة»، ولكن حينما تطأ أقدامهم السواحل الأمريكية كان النقل يتم عبر السكك الحديدية التى انتشرت فى الولايات، حتى قبل الحرب الأهلية الأمريكية، والتى ساعد فى إنشائها بل الأساس فى وجودها، هم هؤلاء العبيد الأفارقة المخطوفون من بلادهم بواسطة «تجار العبيد» حينذاك!!
 
ومع ذلك فإن السكك الحديدية، والتى أول ما أنشئت كانت فى بريطانيا العظمى، وهى التى نقلتها إلى «أمريكا» ولكن قبل أن تنقلها إلى أية ولاية أمريكية.
 
نقلتها إلى «مصر» فنحن المصريين  أصحاب أقدم خطوط سكك حديد فى العالم، بعد «بريطانيا» مباشرة، حيث هى المنشئة لها، وبحكم أن «مصر» كانت تحت الاحتلال البريطانى وخدمة للاقتصاد والجيوش البريطانية، أنشأت بريطانيا خطوط سكك حديد مصر من الإسكندرية إلى القاهرة، ومن القاهرة إلى أسوان ومن القاهرة إلى السويس، وأيضاً كان خط الشرق من القاهرة إلى لبنان مروراً بالقدس وفلسطين قبل وعد «بلفور» عام 1917 وإنشاء دولة إسرائيل!!
 
ومع ذلك فإن خطوط سكك حديد مصر، قد مرت بمراحل تاريخية مهمة جداً، حيث كانت هى المرفق الوحيد فى البلاد الذى يتمتع بحسن السمعة، سواء فى مواعيده أو نظام عمله أو فى هيئة موظفيه، وكان يضرب بالسكك الحديدية المثل فى المواعيد حيث يقال «وكأنك ضابط نفسك على سكك حديد مصر»، حينما يفى أحد بموعده بالضبط لأداء أو للقاء!!
 
وكانت العربات ذات سمات كلاسيكية رائعة، حيث تقص علينا «أجاثا كريستى» حينما كتبت قصتها الشهيرة، «قطار الشرق السريع» أو حادث فى الأقصر، وتناولت بالشرح كيف كان قطار النوم فى «مصر» الذى يقوم من القاهرة مساء ليصل صباحاً إلى مدينة الأقصر فى صعيد مصر!!
 
ولعل أفلام الأبيض والأسود المصرية، قد أوردت لنا كثيراً من القصص فى قطارات مصر، بل غنى لها «محمد عبدالوهاب» «ياوابور قولى رايح على فين»!!
 
ولعل كتابتى لهذه المقالة عن قطارات العبيد، هو ما يثيرنى حينما نتحدث عن حوادث قطارات «مصر» والتى يضيع فيها سنوياً الآلاف، ولكن عقب كل حادث تقوم  الدنيا ولا تقعد!! إلا بمرور أسابيع ثلاثة أو أربعة، وننسى، حيث آخر حادث كان فى «البدرشين وقبله العياط لثانى مرة»، حيث ضاع فى الحادث الأول يناير2002  ما يقرب من ألف مصرى، والثانى خلال العام الماضى ما يقرب من المائة ثم ذلك الحادث الذى أودى بحياة خمسين تلميذاً صغيراً أثناء ذهابهم إلى مدرستهم صباحاً!!
 
ولكن الأفدح من ذلك أن حال قطارات «مصر» أكثر إهمالاً وأكثر فداحة حتى على المستوى الذى يرقى بأن يكون تحت عنوان «قطار نوم أو الدرجة الأولى» إنه لم يصل بعد حتى إلى مستوى قطارات العبيد، فى أوائل القرن الثامن عشر الناقلة للمخطوفين من السواحل الأفريقية، بغرض بيعهم فى سوق «النخاسة».. هذا المقال أنشره قبل وقوع حادث قطار آخر ربما بيوم أو أسبوع أو شهر وربما الآن!! .