الإثنين 21 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
هذا «العسكرى» تحتاجه مصر

هذا «العسكرى» تحتاجه مصر


   لأول  مرة مصر تنوّع مصادر السلاح بشكل جاد ودقيق دون مواربة، وربما يقول البعض أننا من قبل كنّا نتعامل مع أمريكا وأيضًا مع بعض الدول الشرقية الناشطة فى تصنيع السلاح مثل الصين وغيرها، هذا حقيقى ولكن هذه الدول جميعها تعمل تحت مظلة التصنيع العسكرى الأمريكى والأكثر  بينها شراكة فى تصنيع المعدة الواحدة؛ بمعنى أن الطائرة العسكرية مثلا نجد مكونها متعدد الجنسيات وكل جزء ينتج فى دولة وأهمها أمريكا، ثم يتم تجميعه فى دولة صاحبة التصميم ولتكن الصين ويكتب على المعدة أنها دولة المنشأ لأنها بالفعل صاحبة الفكرة؛ لكن لا يمكن لها التنفيذ إلا بعد المشاركة مع الدول الأخرى وطبقًا لاتفاقيات محددة، ولذلك فإننا عندما كنّا نقول  لدينا تنوع سلاح لم يكن بالشكل الدقيق للمعنى، كان بقايا السلاح الروسى القديم الذى يعد تصنيعه شرقيًا بالكامل دون أى تدخل غربى ومن عهود مضت، وقمنا بإدخال تعديلات ورفع كفاءته ليكون مساعدًا لنا بجانب تسليحنا الذى طوال عهدين سابقين غربيًا خالصًا وأمريكيًا بالدرجة الأولى وعانينا الكثير للحصول على مدمرات «بيرى » البحرية، وكانت تلوح واشنطن أن تكاليفها باهظة علينا وإذا أردناها فعلينا بغلق مصنع المدرعات «إم 1 - إيه 1» وأخذنا سنوات كان المشير طنطاوى  يقوم برحلات مكوكية لواشنطن حتى تم لنا الحصول عليها بنظام التأجير لمدة سنوات ثم بعد ذلك تصير ملكًا لنا، مع أن بيرى لم تكن مدمرة حديثة بل كانت فائض الترسانة العسكرية البحرية الأمريكية  …
   بعدها حاولنا التفاوض على زيادة المساعدات فتم انتقاصها لإعاقتنا، وعرض عليهم المشير طنطاوى أن يضعوا لنا جزءًا من المساعدات فى بنك لتضاف إليها فوائد تساعدنا على شراء المعدات العسكرية التى تتزايد أسعارها والمساعدة تقل ولا تزيد، فى حين أن أمريكا تجزل العطاء لإسرائيل، ورفض طلبنا  هذا، ولكننا الآن لدينا الميسترال التى نقلتنا إلى استراتيجية «المياه الزرقاء العميقة» وهى  أعلى الدرجات البحرية العسكرية فى العالم والأكثر سيطرة…
 وأقول هذا لأننا من أيّام قليلة وجدنا «زوبعة أمريكية» لأن مصر تريد الحصول على المقاتلة الروسية «سوخوى 35» والحقيقة الزوبعة لها أكثر من سبب: الأول؛ هو الثار الأمريكى من «سوخوى»  على وجه الخصوص، تلك المقاتلة التى استخدمت  فى حرب73 بكفاءة عالية  لتحول الطيران الإسرائيلى الأمريكى الصنع الى جثة هامدة، حتى إن بعض الشعراء كتبوا «شعرا»  فى السوخوى التى تفوق بها المقاتل المصرى  رغم أنها معدة ثقيلة وتتطلب مهارات بدنية خاصة وعالية المستوى عكس المقاتلات الأمريكية، ما جعل واشنطن تقيم جسرًا جويًا  سريعًا  لمساعدة تل أبيب؛ حتى إنها أرسلت المقاتلات وعليها مقاتل أمريكى لأن الإسرائيليين لم يدربوا عليها بعد …
    أمريكا التى تخشى التجاوب الكفء للمقاتل المصرى مع «سوخوى 35» الحديثة الصنع والمهام القتالية،  وجعلت وزيريها للدفاع والخارجية يحذران مصر،  ويلوحان للمرة الألف بالمساعدات العسكرية الهزيلة ويقولان منعها سيؤثر على أمن مصر، يعلمان تمامًا أن هذا لم يعد يجدى معنا لقد جربوا هذا  فى 2011 وحتى 2014 كانت المساعدات العسكرية الأمريكية متوقفة ولَم تخر مصر ساجدة لأمريكا رغم ظروفنا الحالكة وقتذاك، ولكن حدث ما لا تتوقعه أمريكا فى تلك السنوات عندما تقلد «عبدالفتاح السيسى» وزارة الدفاع وكان جيشنا فى حالة معنوية سيئة نتيجة مهاترات بعض الفوضويين الذين نالوا من الجيش وكتبوا عبارات مزرية على معداته التى كانت تحمى الشعب والمنشآت الحيوية وكان الجيش قد أنزل الشارع «المدرعة إم 60 » وهى قديمة نوعا ما ولكن أول شيء فعله فى  سبتمبر 2012 وبعد شهر واحد من تقلده وزير دفاع استبدل هذه المدرعة التى يجب أن تختفى معنويًا من أمام المقاتل المصرى وأدخلها الورش العسكرية لعمل صيانة لها  وفتح مخازن الجيش لتخرج «إم 1 - إيه 1»  للاستخدام وهى تجميع مصرى خالص، ولكنها كانت ضمن «الاحتياطى الاستراتيجى لتسليح الجيش» وأراد السيسى توجيه رسالة لأمريكا ومن يتبعها مغزاها «عندما تخرج مصر احتياطيها التسليحى»، إذن هى قادرة على شراء الجديد والأحدث ودون مساعدات من أحد، ويومها أقام السيسى «تفتيش حرب وفرش ميدان» بإحدى مناطق المنطقة المركزية واستدعى الاحتياط وفئات من كل قوى الشعب لم يستثن أحدًا ليستعرض الجيش بتسليح وزى جديد وأيضًا معنويات مرتفعة للمقاتلين وكان مشهدًا لن ينساه كل من حضره  …  
إذن  أمريكا  تعلم أن مصر لا يهمها هذا التلويح الباهت القديم الجديد بشأن    المساعدات، ومن ناحية أخرى سبق وطلبت مصر من أمريكا المقاتلة الحديثة «إف 35 » ولكنها رفضت فى حين منحتها للسعودية وإسرائيل، وحجتها فى هذا أن السعودية ليست دولة مواجهة مع إسرائيل وأنها اشترطت عليها الاستخدام عبر قواعد محددة، وأن إسرائيل توجد فى منطقة تحيطها كل الدول العربية التى سبق وتعاونت بأشكال مختلفة فى حرب 73 وأن هذا يحتم أن يكون لديها سلاح يفوق ما لدى الدول العربية مجتمعة، وأيضا مصر  دولة مواجهة مع إسرائيل فلا يجوز لها الحصول على سلاح متقدم مثلها حتى لو كان بينهما اتفاقية سلام …
الغريب فى الأمر أن مصر اتفقت على صفقة الـ «سوخوى» الحديثة فى شهر إبريل الماضى أثناء زيارة الرئيس السيسى لروسيا وأعلنت الصحافة الروسية بأنها «20 مقاتلة قيمتها مليارا دولار» وسيتم تسليمها خلال عامى 2020/2021، فلماذا بعد 6 شهور تثير أمريكا هذا الموضوع؟ هل لأن موعد اعتماد المساعدات اقترب وهو فى مارس القادم؟ أم إنه مرتبط بأحداث المنطقة وانتزاع مواقف محددة من مصر؟
فى كل الأحوال الرئيس السيسى هذا الرجل  ذو الخلفية والتاريخ العسكرى الحافل والجرىء تحتاجه مصر بعقليته وتدبيره العسكرى  وقدرته على اختيار القادة العسكريين القادرين على اجتياز الصعب معه…