
طارق مرسي
«حفظى» يعزف السيمفونية الـ41
انت اللى هاتغنى يا حفظى.. مقطع سينمائى شهير لخص أمر وزارى بتحمل مهمة صعبة ومسئولية ثقيلة، لكن «حفظى» كان «قدها وقدود»، بل فى دورة هذا العام من مهرجان القاهرة «عزف» السيمفونية الـ41 فى افتتاح المهرجان السينمائى الأشهر والأعرق فى الوطن العربى.. وكسبت وزيرة الثقافة د. إيناس عبدالدايم الرهان.
الدورة الـ40 كانت بالنسبة لحفظى بروفة نجح ببساطة فى العبور بها لبر الأمان دون خسائر تحسب ضده وفى الدورة الـ41 عزف وأمتع كل من حضر افتتاح مهرجان القاهرة السينمائى الدولى، وكسبت وزيرة الثقافة الرهان لأنها استشارت «أولى الأمر» عندما اختارته وفى مقدمتهم الناقد الراحل يوسف شريف رزق الله من واقع خبراته الكبيرة وتاريخه الطويل فى السينما العالمية.
رئيس مهرجان القاهرة لم يخذل أيضًا أستاذه الذى رشحه للوزيرة، وفى الدورة الـ41 وضعه فى برواز «صانع الجميل» وقدم مقطوعة للوفاء العظيم بأن أطلق اسمه على هذه النسخة وفى الوقت نفسه حاضرًا كمدير فنى للمهرجان، بينما بقى الناقد «أحمد شوقى» منفذا تقديرا للسينمائى الكبير وهذه اللفتة وهذا الوفاء كفيل بتكرار النجاح.
افتتاح الدورة الـ41 فى الحقيقة شهد نقلة نوعية فى «استايل» المهرجان وروحه وفكره واتسمت فقراته بالطزاجة والمواكبة، وعلى غرار الأوسكار والمهرجانات العالمية كسر بها حالة التكرار والمتواليات العددية، فمذيعة الحفل ليست بالضرورة أن تكون مذيعة محترفة كما هو الحال فى الدورات الماضية، فقد كانت رقة وحضور «دينا الشربينى» تكفى كحلقة وصل بين فقرات الافتتاح مع مشاركة كل من يسرا وخالد الصاوى وهند صبرى وأحمد داود، هذه التوليفة كانت قادرة على الابتكار والاختلاف، ووسط هذه الأجواء الدافئة صعد المكرمون المخرج شريف عرفة ومنة شلبى والمخرج البريطانى تيرى جيليام.
ورغم «جدة» وحداثة فقرة الفنان خالد الصاوى التى كانت أشبه بـ«مونودراما» استعرض فيها حضوره وتمكنه كممثل قدير، ولكنه غرق فى المحلية التى لا تتناسب مع المهرجان الذى يتصف بالعالمية بفقرة كان هدفها الأساسى كشف الضغوط التى يتحملها الفنان من أجل خروج فيلمه للجمهور وعلى الشاشة، ولكن تحامل على الإنتاج وسيطرة رءوس الأموال على العمل الفنى، وبالتالى فضح ثقافة الجهل والرجعية فى السينما المصرية.
والأسئلة المطروحة هنا هل كان الصاوى يستقوى بالخارج فى مهرجان موجه للعالم كاشفا المأزق الذى يعانى منه الشارع السينمائى.. أم كان يستنجد باليونسكو لمكافحة الفقر والجهل والمرض، أم كان يخاطب منظمات حقوق الإنسان وإبراز الممثل فى صورة «قليل الحيلة» أمام تحكم المنتج غير المؤهل للإنتاج؟ «الصاوى» فجر فى فقرته قدراته الكوميدية، ولكنه خرج عن النص باختزال الإنتاج السينمائى فى شخصية «التاجر» و«الحاج» مما دفع «محمد حفظى» للاعتذار للمنتجين من ضيوف المهرجان وخارجه وتدارك الخطأ الذى وقع فيه «الصاوى» رغم الاستجابة القوية التى لاقاها أثناء ارتجاله دور الممثل المغلوب على أمره، والخضوع لهذه النوعية من المنتجين.
فى المقابل جاء الفيلم التسجيلى الذى يرصد عطاء الجنس الناعم من عاشقات السينما ودورهن وتأثيرهن فى تاريخ السينما المصرية من عزيزة أمير وبهيجة حافظ إلى آسيا داغر وفاطمة رشدى وأمينة محمد أكبر رد لاعتبار الإنتاج فى مصر وترسيخا لتوقيع معاهدة 50/50 بحلول عام 2020 بشراكة مع Vogue Arabia للمساواة بين الرجل والمرأة والملزم للمهرجان بوجود نصف فريق البرمجة ولجنة الاختيار من النساء، وهذا ما سوف يلتزم به وبقناعة إدارة المهرجان وبأن النساء من القوة الدافعة فى صناعة السينما المصرية والعربية، وأن الوقت قد حان لتأييد مهاراتهن وجهودهن.
أما مسك ختام «الافتتاح» فكان عرض فيلم «الأيرلندى» للمخرج الشهير مارتن سكورسيزى وبطولة الثلاثى العملاق آل باتشينو وجو بتشى وروبرت دى نيرو.. وإنتاج نيتفلكس العالمية.. وهذا الفيلم كسر عقدة عزوف ضيوف الافتتاح عن متابعته بعد أن شهد إقبالا شديدا لمشاهدته ربما لأول مرة فى تاريخ افتتاح هذا المهرجان.
هذا الفيلم الذى أثار ضجة عند عرضه هو السطر الأخير فى سيمفونية الافتتاح للعازف «محمد حفظى» بعد مقدمة «الوفاء العظيم» للراحلين فى دورة مليئة بالفاعليات والمحاضرات والندوات و150 فيلما منها 35 فيلما يُعرض لأول مرة حتى 29 نوفمبر الحالى.>