الأحد 20 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
«المقاول المستأجر» و«الكتل الحرجة»

«المقاول المستأجر» و«الكتل الحرجة»


أعداء الوطن لديهم شهور ومناسبات يعتبرونها «مواسم» مهمة للأخذ بالثأر ممن تسببوا فى إبعادهم أو القضاء على مخططاتهم، ولذا لم يتأخر المالكون للمستأجر المدعو « المقاول محمد على » من استغلاله قبل أن ينتهى شهر أكتوبر العظيم فى حياة المصريين شعبًا وجيشًا، ولا ننسى أن يناير على المشارف وتلك مناسبة أخرى محاولين محو نكستهم بعد أن فشلت كل الكتل الحرجة التى سأذكرها فى أن تقيم حياة سياسية مستقرة وغير فاسدة..
عندما شاهدت مساء الأربعاء الماضى حوار «المقاول» تيقنت أنه يؤدى دوره بمواصفات مهنته التى ينتمى إليها خمسة عشر عامًا كما يقول، فهو بالفعل اتفق مع مستأجريه على مقاولة ضد جيش مصر وعليه أن يكمل التشطيب حتى لو انهارت العملية بعدها بدقائق لقد قبض وانتهى الأمر، المقاول الجاهل والمذيعة المتوترة بشكل ملفت للنظر فى هذا الحوار «رشا قنديل» وهى للأسف مصرية اعتادت حوارات مع موتوري السياسة من المصريين على وجه الخصوص، ارتدت السواد وظهرت بوجه شاحب دون مساحيق وواضح أنها أرغمت على هذا الحوار وأن سبب الرفض أن الضيف «حمار» لن يساعدها فى الخطة المعدة من وراء استضافته، وهو بالفعل ما حدث عندما قالت له «تذكر أنك تريد أن ترى مصر وقد انضمت إلى الاتحاد الأوروبى.. فهل تعلم لو حدث هذا سوف تكون ممن يسائلهم الاتحاد عن فسادهم لأنك اعترفت بفسادك علنًا وستكون تحت طائلة القانون الدولى فى ذلك؟» قال لها ببلاهة « يعنى إيه؟» وهنا أسرعت بالخروج من هذا السؤال الذى أظهر ضيفها أنه جاهل فعليًا، وحافظ ومش فاهم، ولكنهما  أعلنا الاثنان بمنتهى الغباء أن من وراءهما ليست «الجماعة الإرهابية الإخوانية» وحدها بل هناك تيارات وقوى أخرى وضعت يدها معهما متعاونة ومتخفية بكل ما تملك وراء الستارة الإخوانية، ولكن للأسف هذا الحوار الهزيل كشفهم وعرّى سوءاتهم، ظهر ذلك عندما قال المقاول: «أنا كنت فى الجيش وباسمع أن طنطاوى والضباط مش راضيين عن توريث جمال مبارك وبيقولوا لازم اللى يحكم منهم» والله تعجبت، و«كأن الضباط حيقعدوا يحكوا معاه فى هذا؟!»، واحد بيشتغل من خارج المؤسسة إزاى حيعرف ما يدور داخلها ومع ذلك هذا لم يكن سرًا، بالفعل الجيش كان رافضًا مبدأ التوريث لأن هذا الجيش دوره فى الدستور حماية جمهورية مصر العربية وليس مصر المورثة، فالجمهورية لا تورث ولا يفرض عليها حكم ما إخوانى أو وراثى، ولكن السؤال لماذا لم يتحدث المقاول فى فيديوهاته السابقة عن هذا الرفض التوريثى والآن يذكره وكأنه معلومة مشينة فى حق الجيش وأن مبارك وأولاده ضحية وليس العكس.
هذا أظهر ضلوع «الكتل الحرجة» رويدًا رويدًا فى المشهد والتى يتحكم فيها ثلاث كتل كالآتى:
1 - كتلة الدولة العميقة بكل ما تعنى الكلمة وهى نظام مبارك العتيد الذى مكث ثلاثين عامًا تمكن خلالها من مفاصل الدولة أداءً وفكرًا فاسدًا، ويقوم كتنظيم سرى يعيش فى الخفاء ومظلل باليتم السياسى ويعلن عن نفسه من وقت لآخر عن طريق رموزه ويمثلهم أولاد مبارك، والدولة العميقة تدس أنفها بصور شتى، أولها التحكم فى رأس المال، الذى لوحت به بعد أن أزاح الإخوان مرشحهم « الفريق شفيق» الذى كان سيعمل جاهدًا لعودة النظام دون نقصان، وبعد انتهاء المحاكمات والذى منه لنظام مبارك برزوا مرة أخرى مداعبين أحلام الإخوان بالعودة لكراسى البرلمان والمحليات والنقابات وأيضًا الشيوخ، وليس هناك مانع من الهيئات التى بالفعل بها أربابهم الآن، لكن المهم أن الإخوان يساعدونهم من الخارج فى عودة نظام مبارك والباقى على الدولة العميقة فى الداخل.
2 - كتلة اليسار بكل ألوانه وصوره متدثرًا بمعانى الحرية والديمقراطية والمكلف من الخارج الإقليمى والعالمى بالتعاون مع المتأسلمين ودعمهم، وطبعًا مش غريب عننا ما قام به بعضهم «نافعة - داوود - إسراء» وغيرهم.
3 - كتلة التيار المتأسلم بكل صوره، وأشكاله، وصار مكونًا متشابكًا تربطه مصالح الوجود بأى صيغة مهما كلفه الأمر وهو يمد يده لكل الأطراف المناوئة، ومظللًا بالقوى الخارجية التى تدعمه سرًا وعلانية ويترأس تلك الكتلة « الإخوان » وهو الراية الإعلامية التى تعمل من خلالها الكتل السابقة.
 وكل من تلك الكتل له ثأره مع الشعب والجيش، اللذين رفضا التوريث، ثم حكم الإخوان، وبعدهما رفضا مرشح اليسار، كل هذا يجعلهم يطلون فى المشهد الإعلامى الإخوانى لأنه اليافطة العريضة الجامعة لأهدافهم جميعًا، ولذلك فإن وراء المقاول قوى ذات حيثية فى مجاله ستعوضه عما فقده وهذا متوفر فى الكتلة الأولى «رجال مبارك» الذين لهم باع فى إسبانيا على وجه الخصوص واسألوا «المرحوم حسين سالم»، ومطلوب من القوى الأخرى اليسارية والإخوانية دعمه ومساندته والفواتير سيتم دفعها، الفلوس المهربة موجودة، ورءوس الأموال العملاقة موجودة، وموظفو الدولة العميقة ما زالوا متمكنين، وأضيف إليهم التمكين الإخوانى.
وهنا يمكننا الوقوف على باقى المشهد المرتبط تمامًا، بل ومتسق مع حدوتة المقاول عندما خرجت علينا حناجر كثر تذكرنا بأننا ناكرين جميل رموزنا، وكان القصد هو الزج بـ«مبارك» بأنه بطل الضربة الجوية 73 لم ينكر أحد أنه قائدها ولكن أيضا هناك آخرون أبطال ظلوا فى طى الكتمان طوال ثلاثين عامًا لم يتحدث أحد عن أعمالهم أو بطولاتهم حتى ماتوا كمدًا ودون أن يحكوا أو يفخر بهم الشعب المصرى، المهم أن قبل هذه النعرة المباركية ظهر الابن الأكبر «علاء» عند النصب التذكارى فى ذكرى الرئيس السادات وأكتوبر وقبلها فى ذكرى جمال عبد الناصر ثم فى عزاء الفنان طلعت زكريا، ووضع فى شهر أبريل الماضى فيديو لكلمة والده عن تحرير سيناء كان قد ألقاها فى 2010، وقام علاء أيضًا بالتعليق على أحداث مثل صفقة القرن وغيرها عبر حسابه، والحقيقة أنه يقتسم الأدوار مع شقيقه جمال.
وإذ بنا نجد الإخوان الذين لعبوا مع قوى خارجية لإسقاط نظام مبارك، ورفضهم التوريث الذى كانوا يباركونه، ويقومون عبر قنواتهم وعن طريق أبواقهم المأجورة بالدفاع المستميت عما يقوم به علاء مبارك فعلًا وكتابة، ومروجين له، ومدافعين عنه بضراوة.