قواتنا البحرية.. من قوات «ساحلية» إلى قوات «المياه الزرقاء العميقة»
نحتفل هذا الأسبوع بعيد قواتنا البحرية الـ52 وقد سبق عيدنا الكبير بنصر أكتوبر بـ 6 سنوات، أعياد لا تُنسى من ذاكرتنا خاصة إن كان كل يوم يضيف قوة لمصر وشعبها، وقبل أن أتحدث عن بحريتنا التى صارت من «كبريات البحرية الزرقاء العميقة» بالإقليم وهى القوة القادرة على التحديات المستجدة عابرة لحدود سواحلنا رادعة بمعنى الكلمة، أتذكر طفولتى مع إيلات وحرب 67 وكنت بمدينتى الإسكندرية ومن أهالى منطقة شهيرة تقع بها قيادة القوات البحرية «منطقة بحرى» بعد الانسحاب فى 5 يونيو بأيام قليلة كانت صاعقتنا البحرية تمشط منطقة ساحل المتوسط؛ وإذا بهم يوميًا يخرجون ضفادع بشرية من البحرية الإسرائيلية، حتى إن أهالى منطقتنا كانوا يقيمون على طول الشاطئ منتظرين أبطالنا خارجين من الماء ومعهم ضفادع العدو الضالة ويزفونهم ولو طالوهم لفتكوا بهم ولكن جنودنا كانوا يحمونهم لأنهم صيد ثمين للمعلومات، تلك المناظر التى لم تفارق عينى استوعبت بعد أشهر قليلة من النكسة كيف دمرنا إيلات كنّا أول ناس تعلم؛ فأبناء عائلاتنا وجيراننا هم من ينتمون للقوات البحرية وباللنشات الصغيرة التى انطلقت من قاعدة بورسعيد حققنا معجزة غيّرت مفاهيم المعارك العسكرية البحرية حتى وقت قريب …
وتمر السنون لنجنى ثمرة كفاح الشعب والجيش معًا، وبما إننا نحتفل بقواتنا البحرية هذا الأسبوع وتحديدًا «21 أكتوبر» لنا أن ننتشى ونفخر مثل الشعوب القوية الأخرى بالإنجازات العسكرية، وبحريتنا تقول أن الإنجاز يا مصريين كبير جدًا ولا يُستهان به أبدًا؛ ليس لأننا الترتيب السادس على مستوى العالم فى ترتيب القوات البحرية، ولكن بالإنجاز الأكبر عندما تصبح بحريتنا مصنّفة ضمن بحريات «المياه الزرقاء العميقة» يعنى إيه الكلام ده ؟ يعنى بحرية المياه الزرقاء هو مسمى «جغرافى عسكرى بحري» يمثل قوة بحرية قادرة على العمل دوليًا وبشكل أساسى عبر المياه العميقة للمحيطات المفتوحة والقادرة على العمل المستمر لفترات طويلة عبر تلك المياه ، وكمان بحرية المياه الزرقاء تسمح للبلد بإظهار القوة خارج حدودها البحرية إذا لزم الأمر، وعادة ما تشمل هذه القوة واحدة أو أكثر من حاملات الطائرات حيث تستطيع إرسال سفن بحرية أصغر حجمًا إلى الخارج لفترات زمنية قصيرة، وبحرية المياه الزرقاء تقوم بحماية شواطئ وسواحل الوطن والقتال داخل البحر لحماية الطرق البحرية ومهاجمة سفن وشواطئ العدو ومن مميزات القوة الزرقاء أنها تمتلك أسلحة مهمة وحديثة، بجانب حاملة الهليكوبتر مثل البوارج الحربية والمدمرات والقوارب والغواصات لتشكل مجتمعة صورة مكتملة تعرف بـ «الأسطول» وممكن أن تكون بها عدة أساطيل لضمان الردع القوى …
وقد صارت قواتنا البحرية مصنفة عالميًا ضمن قوات بحريات المياه الزرقاء عندما احتفلنا منذ سنوات قليلة للغاية بانضمام قطع كبيرة ومهمة من السفن الحربية وخاصة حاملة الطائرات «الميسترال» وفرقاطات حديثة مثل «فريم وجوويند» ولنش الصواريخ الروسى «مولينيا» والغواصات «209 / 1400» وهذا نقل قواتنا البحرية نقلة كبيرة للغاية ووسّع نطاق نشاطها فى الحماية لسواحلنا الممتدة لآلاف الأميال البحرية من السلوم غربًا إلى رفح شرقًا وحتى مضيق باب المندب جنوبًا وتأمين المجرى الملاحى العالمى قناة السويس، ليس هذا وحسب؛ بل صارت قوة ردع كبيرة حققتها من خلال عملية أطلق عليها «إعادة الأمل» حيث قامت قواتنا الزرقاء بتأمين حركة الملاحة البحرية فى جنوب البحر الأحمر وباب المندب باعتباره المدخل الجنوبى لقناة السويس وتقوم قواتنا البحرية فى ظروف صعبة للغاية فى ظل تهديدات وتحديات عدة لحماية ثرواتنا ومقدراتنا من الغاز وثروات أخرى فى باطن البحر وصارت قوة لا يستهان بها فى شرق المتوسط لا تسمح لمن تُسول له نفسه بأن يفكر فقط فى مجرد أى عمل «بلطجة بحرية»، وصارت مصر تقوم بمناورات عسكرية بحرية مع الدول الشقيقة والصديقة عبر المحيط الهندى والبحرين المتوسط والأحمر قمنا من خلالها بدراسة مسارح عمليات بحرية لها تأثير على الأمن القومى المصرى، والأكثر أننا توسعنا فى إنشاء قواعد عسكرية بحرية جديدة تضاف إلى قواعدنا السابقة بالإسكندرية وبورسعيد وسفاجا لتضاف لها مرسى علم ومطروح وغيرهما ورفع كفاءات القواعد القديمة وذلك لاستيعاب أكبر عدد من القطع البحرية وتوفير قواعد لوجيستية ومناطق ارتكاز لتوفير الانتشار المناسب والمتوازن بمسارح العمليات البحرية ليمكننا من دفع الوحدات البحرية باتجاه التهديد فى أقل وقت ممكن …
ولقواتنا البحرية دور مهم فى العملية «الشاملة» بسيناء يتلخص فى عزل منطقة العمليات من ناحية البحر وعدم السماح بهروب العناصر الإرهابية بحرًا وأيضًا منع أى دعم يصل لهم من جهة البحر، وتقوم البحرية فى سيناء أيضًا بتأمين خط الحدود الدولية فى الاتجاه الشمالى الشرقى وإجراء القانون البحرى لحق الزيارة والتفتيش للسفن المشتبه فيها، وتقوم الصاعقة البحرية باستخدام العائمات الخفيفة المسلحة بمداهمة جميع الأوكار والمنشآت وتفتيشها بطول خط الساحل …
ونختتم وليس ختامًا بمشاركة مصر فى المحافل الدولية الكبرى الخاصة بصناع القرار لقادة القوات البحرية بالعالم لدورها البارز فى الحفاظ على الأمن البحرى بالمنطقة ودورها الناجح فى القضاء على الهجرة غير الشرعية وسماسرة الموت ويعتبر سبتمبر 2016 هو إسدال الستار على هذه الظاهرة عبر حدودنا حسب تقارير الاتحاد الأوروبى …
تحية لجيشنا العظيم فى شهر الانتصارات والفخر العسكرى وتحية لقواتنا البحرية الزرقاء فى عيدها، وكل التحية للرئيس السيسى العقلية العسكرية المقدرة لبناء جيش حديث قوي، ولشعب مصر الصبور كل سنة وأنت طيب ودومًا داعم لجيشك…
