
طارق مرسي
الله فى ملتقى سانت كاترين
جبال ليست ككل الجبال إنها لوحات ربانية وضعها الخالق تعكس قدرته وأسرار عظمته فى خلق الكون وإبداع هذه المحمية الطبيعية الإلهية.
أتحدث عن جبال سانت كاترين المقدسة فى أرض مصر والتى فيها «كلم الله موسى تكليما»، «يا موسى إنى أنا ربك فاخلع نعليك إنك بالوادى المُقدًّس طُوی».
فوسط جبال الطور فى «وادى إسلا» بالقرب من سانت كاترين.. تجلت قدرة الخالق.. وفى هذا البقعة المقدسة أقيمت النسخة الخامسة من ملتقى الأديان الذى يرفع شعار «هنا نصلى معًا» للسلام تحت رعاية الرئيس عبدالفتاح السيسى وقيادة اللواء أ.ح خالد فودة محافظ جنوب سيناء وحضور وزراء الأوقاف والهجرة والثقافة والتموين والصحة والشباب والرياضة والتنمية المحلية وأكثر من 32 سفيرًا يمثلون بلادهم وعدد من نواب البرلمان والإعلاميين والفنانين فى مقدمتهم الإعلامى طارق علام والمخرج خالد جلال ود.أحمد عواض.
النسخة الخامسة ليست أيضًا مثل كل النسخ السابقة حيث شهدت تطورًا نوعيًا فى برنامج الملتقى والاستعدادات غير العادية مما أخرج هذه النسخة بشكل عالمى ومتحضر يبشر باستمرار إقامته عملاقًا وسط كل ملتقيات العالم لتفرده من الناحية الدينية الفريدة من نوعها فى مشهد نادر الحدوث ولا يتكرر إلا فى «أم الدنيا».
فى ملتقى الأديان بسانت كاترين يجتمع رموز الديانات الثلاثة «اليهودية والمسيحية والإسلام» فى أرض السلام وحرم دير سانت كاترين الذى يحتضن بين أركانه ومحيطه كنيسة التجلى ورفات القديسة كاترين ومسجدًا يعود إلى العصر الفاطمى وشجرة العليقة التى ناجى فيها سيدنا موسى الله.. وفى مشاهد تؤكد ملامح الشخصية المصرية التى اجتمعت فيها الأديان الثلاثة من تسامح وقبول للآخر أقيم هذا الملتقى العملاق، الذى تعتبر رسالته صادقة ضد التطرف الدينى لكل العالم بأن مصر مهبط الأديان السماوية ستظل وطن التعايش السلمى والسماحة بين الأديان ولو كره المتطرفون.
ملتقى «الأديان» تذوب فيه كل أنواع التمييز الدينى ونموذج حى لدولة المواطنة المتكاتفة من أرض مصر فى رسالة لو تعلمون عظيمة.. وملحمة إنسانية نادرة يتلاحم فيها أبناء هذا الوطن العظيم.
وقائع هذه النسخة أقيمت فى أجواء مبهجة فى نفس توقيت شهر الانتصارات وذكرى السادس من أكتوبر المجيدة، فى سيناء التى ذكرت فى القرآن الكريم بقوله تعالي: «وشُجرة تخرج من طور سيناء» وفى موقع آخر «التين والزيتون وطور سنين وهذا البلد الأمين».
ففى هذه البقعة الإلهية توجد سيناء المذكورة فى القرآن وجبل موسى الذى أطلق عليه «جبل المناجاة» وجبل الرب ويبلغ ارتفاعه 2285 مترًا فوق سطح البحر وسمى بجل موسى نسبة إلى نبى الله موسي، وتحتفظ سيناء بموقعين هما منطقة عيون موسى بالقرب من رأس سدر وصخرة موسى بوادى الأربعين بمدينة سانت كاترين والصخرة الشهيرة الموجودة بها لاتزال تحتفظ بالعيون التى خرجت منها المياه ويقال نقلاً عن أهل سيناء أن جنود الاحتلال الإسرائيلى حاولوا نقل الصخرة إلى إسرائيل فترة الاحتلال الغاشم من خلال طائرة هيلكوبتر لكن الأهالى ومطران دير سانت كاترين منعوهم بكل قوة.
برنامج «ملتقى الأديان» تضمن مؤتمرًا صحفيًا عالميًا أقيم بعد مراسم الصلاة فى دير سانت كاترين والمسجد الملحق به تحدث فيه اللواء «خالد فودة» عن ملامح التغيير الكبير الذى شهدته مدينة سانت كاترين ومشروعات التنمية التى تمت بها على مستوى الطرق وإعادة ترميم بعض الأماكن الأثرية ومن بينها متحف «السادات» فى وادى الراحة والذى أعيد ترميمه محتفظًا بنفس البناء وبه مقتنيات بطل الحرب والسلام وتحويله إلى مزار سياحى إلى جانب وضع حجر الأساس لمسجد الوادى المقدس الكبير بالجهود الذاتية بين المحافظة ووزارة الأوقاف إلى جانب إقامة فندق سياحى كبير يليق بقدسية المكان وزواره من أنحاء العالم وكلها إجراءات ترسم ملامح مستقبل هذه البقعة المقدسة.
فى نفس السياق تحدث وزير الأوقاف د.محمد مختار جمعة وقال إن الملتقى نموذج طبيعى يؤكد أن مصر بلد التسامح والأصالة ويترجم مبدأ المواطنة ومفاهيم حقوق الإنسان دون تمييز سواء فى الدين أو الجنس أو اللون.
وبنفس الحماس تحدثت د.إيناس عبدالدايم عن احتفاظ مصر بحيويتها المتفردة كنموذج التعايش وتعزيز قيم التسامح والمحبة بين الشعوب.
وفى المساء أقيم حفل فنى به مزيج من الإنشاد الصوفى والدينى والترانيم القبطية لفرق عالمية تمثل كرواتيا ورومانيا واليونان وفرقة السباعية من أسوان والتنورة التراثية وفرقة الهيئة الإنجيلية وقداس الكاثوليك على خلفية رائعة بالليزر كتبت لوحات جميلة تحمل رسوم الهلال والصليب وتحيا مصر والأجمل هو قيام الفرق المشاركة بغناء رائعة «يا أحلا اسم فى الوجود».
وأخيرًا أقيم على شرف المحافظ اللواء خالد فودة حفل عشاء أحيته فرقة شعبية من سيناء وفرقة إماراتية تحت إشراف د.خالد جلال نالت إعجاب الجميع، وتكريم المحافظ لبعض الأسماء التى ساهمت فى خروج ملتقى هذا العام بمظهر مشرف وفى مقدمتهم الخبير السياحى د.عاطف عبداللطيف الذى حصل على درع محافظة جنوب سيناء نظرًا لمجهوداته فى الملتقي.
إن النجاح الكبير الذى حققه الملتقى فى نسخته الخامسة فى الحقيقة ثمرة جهود رجال محبة لتراب هذا الوطن العظيم.