الخميس 17 يوليو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
ماذا أنتم فاعلون؟!

ماذا أنتم فاعلون؟!


هل أصبح الضرب والتعذيب والكى فى مناطق العفة وسيلة معتمدة من وسائل التربية والتأديب؟ هذا ما أكدته اعترافات سيدة يطلق عليها لقب جدة لطفلتين نزعت من قلبها كل أنواع الشفقة والرحمة، ماتت واحدة (جنة)، والأخرى تتواجد فى إحدى دور الرعاية الاجتماعية بإذن من النيابة، حفاظًا عليها من أن تحظى بنفس مصير شقيقتها الصغرى لحين تحديد من سيتولى رعايتها.
وسواء كانت هذه الطفلة البريئة ضحية سيدة أو جدة غاب عنها ضميرها أو إنسانيتها، فهى فى الأساس ضحية مجتمع بأكمله، أهمل بقصد وتعمد فى حق أطفاله، مكتفيًا فقط بوجود كيانات أعلن بكل صراحة أنها كيانات وهمية، لا هم لها سوى الحديث ليل نهار عن رعاية حقوق الطفل والمرأة، كيانات اكتفت ببيانات الشجب أو الإدانة، والتعبير عن الحزن والأسى لوفاة طفلة أو طفل هنا أو هناك، مطالبة بتوقيع أقصى درجات العقوبة ضد الجرائم التى تُرتكب فى حق أطفالنا وهى بالمناسبة كثيرة ومتعددة، دون أن تقدم أى دليل ملموس على رعاية هذه الحقوق أو الرعاية على أرض الواقع، فمازال يوجد فى مجتمعنا الطفل (بلية) الذى يعمل فى مهن تنتهك طفولته، ويلقى كل صنوف الهوان والضرب والتعذيب على يد من يعمل عندهم، ومازال يوجد بيننا من يستغلون أطفالنا فى التسول، بحجة جمع تبرعات للمؤسسات التى يشرفون عليها، دون أدنى مراعاة لحقوق الطفل وآدميته، ومازال مجتمعنا يعمل وفق قانون أحوال شخصية عقيم، يذهب ضحيته فلذات الأكباد، مثلما حدث مع (جنة)، يعطى الحضانة لشخوص غير جديرة بالمسئولية التى ألقاها على عاتقهم مثل هذا القانون المعيب، والذى يسىء البعض استخدام بعض مواده لحرمان الأب أو الأم من رؤية أطفالهم، بخلاف احتوائه على مواد تسمح فى بعض فقراته بوجود لفظ (حق التأديب الشرعى) الوارد فى الفقرة 7 مكرر من قانون الطفل رقم 12 لعام 1996، وهو اللفظ الذى يعد بابًا خلفيًا لممارسة العنف ضد الأطفال.
موت (جنة) جعل الجميع يخرج من شرنقته للحديث عن طفلة بريئة ذهبت إلى خالقها دون أن ترتكب أى ذنب، رغم أن الجرم والذنب واضح وضوح الشمس ويظلل الجميع، ويوميًا تحدث فى مصر حالات عنف وتعذيب ممنهج، يكتوى بنارها أطفال كُثْر شاء حظهم أن يتواجدوا فى أسر ضربها التفكك والجهل والتخلف.
السؤال الآن لكل رب أسرة ومؤسسات مجتمع مدنى وجمعيات حقوق إنسان وحكومة ونواب برلمان، بالإضافة إلى الكيانات إياها: ماذا أنتم فاعلون بعد موت (جنة)، هل ستستمرون فى حالة الصمت المطبق إزاء كل ما يتعرض له أطفالنا من انتهاكات، أم ستقفون وقفة واحدة تهدف فى المقام الأول إلى حماية أطفال مصر، وذلك عن طريق وضع تشريعات وقوانين تراعى فى المقام الأول صالح شباب ورجال المستقبل، الذى سيقود مسيرة التنمية لاحقًا، وهل سنرى قانونًا محترمًا للأحوال الشخصية يحفظ للأسرة المصرية كرامتها؟ يراعى فيه حق الحضانة والرؤية والنفقة، وغيرها من المواد الخلافية التى تتسبب فى تشريد أطفالنا، وتعريضهم للعديد من الأزمات والأمراض النفسية.
ولهذا ولغيره كثير لا بد أن نجعل من موت (جنة) الخطوة الأولى فى طريق الإصلاح لكل أحوال الأسرة المصرية، التى مزقتها الخلافات والصراعات، من جراء قوانين جار عليها الزمن، وهنا تحديدًا أعتقد أن البرلمان عليه دور أساسى ومهم فى إفراز قانون يراعى فيه صالح الأسرة والأطفال من بعدها، بعيدًا عن العواطف والقيل والقال، ودون انتظار للكيانات المسئولة عن الطفل والمرأة التى لم تقدم شيئًا، بعد أن صعدت روح (جنة) البريئة إلى بارئها، تشكو ما حل بها من ألم وعذاب من بنى البشر، فى غفلة من مجتمع لم يرحم طفولتها.