الخميس 17 يوليو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
الموت داخل مصعد!!

الموت داخل مصعد!!


دونا عن باقى دول العالم، ما زالت حوادث المصاعد « الأسانسير » فى مصر مستمرة بل وتتزايد، فمن يوم لآخر نبدأ يومنا بحادثة لمصعد هنا أو هناك، تاركا خلفه العديد من الضحايا، وبدلا من أن يكون المصعد وسيلة آمنة لوصول مستخدميه بيسر إلى مقار عملهم أو منازلهم، تحول إلى كابوس مزعج من جراء السقوط المفاجئ لسبب معروف أو لغيره، بعيدا عن حالات الرهاب «الخوف» من استخدام المصعد التى تتملك البعض، والتى تؤدى إلى العديد من العقد النفسية والهلع الدائم من استخدام هذه الوسيلة، خصوصا لمن سبق وأن تعرض أحد أقاربه أو معارفه لحادث سابق ناتج عن سقوط مصعد من قبل، كوارث أو مصائب المصاعد، فطنت له السينما المصرية فتم تجسيده من خلال فيلم «بين السما والأرض»، للثلاثى المصرى العبقرى نجيب محفوظ مؤلفا والسيد بدير كاتبا للسيناريو والحوار بالمشاركة مع صلاح أبو سيف مخرجا، فى فيلم أبوسيف تم إنقاذ من تعطل بهم المصعد دون وقوع خسائر أو ضحايا، ولكن فى الحقيقة وعلى أرض الواقع، حوادث المصاعد دائما ما ينتج عنها ضحايا، كان آخرها فى الأسبوع الماضى عندما تعرض أحد المصاعد فى إحدى مدن محافظة سوهاج لحادثة سقوط مفاجئ من الدور السادس «كان على متنه 14 شخصا» مخلفا أكثر من 9 مصابين، حادثة مصعد محافظة سوهاج لم ولن تكون الأولى أو الأخيرة لمثل هذه الحوادث فى مصر، فمن قبل سقط مصعد بمستقليه فى مستشفى جنوب مصر للأورام، ومن قبل أيضا سقط مصعد فى مستشفى بنها الجامعى،أسفر عن وقوع ضحايا بين قتلى وجرحى، وسقط مصعد آخر فى عمارة سكنية بالإسكندرية، وآخر فى الشرقية، حوادث السقوط المفاجئ المتكررة للمصاعد فى جميع أركان المحروسة، تؤكد أن هناك أمرًا غير سليم مطلوب البحث عنه وعن أسبابه، بعيدا عن القرار المعتاد والمحفوظ فى مثل هذه الحوادث والذى ينتهى بقرار تشكيل لجنة، لبحث أسباب السقوط ومحاسبة الجانى أيا كان شركة أو أفراد، والتى وللحقيقة لا نعلم من تمت محاسبته أو معاقبته، أتباعا لنظرية «أكفى على الخبر ماجور» ولذلك مازالت حوادث المصاعد مستمرة مخلفة خلفها العديد من الضحايا، جل ذنبهم أنهم استخدموا مصاعد متهالكة «جار عليها الزمن» ولم تمسسها يد الصيانة منذ تركيبها وغير مرخصة، مصاعد  مصحوبة بغفلة من الضمير انتابت بعض أصحاب العمارات، أو أصحاب بعض الشركات التى تخصصت فى تصنيعها من خامات رديئة وغير مطابقة للمواصفات بهدف الربح المادى ولا شيئًا سواه، رغم أن قانون البناء رقم 119 لسنة 2008 بالمادة 68 من القانون تتضمن كودًا خاصًا للمصاعد الكهربائية لتركيبها وتشغيلها وصيانتها دوريا، وعلى مالك العقار أو ذوى الشأن إرفاق عقد تركيب المصعد من إحدى شركات المصاعد المتخصصة المعتمدة من اتحاد المقاولين، وصورة من تصريح مزاولة المهنة للشركات، وصورة بطاقة قيد وتصنيف شركة المصاعد بالاتحاد المصرى لمقاولى التشييد والبناء داخل طلب ترخيص المصعد، ولكن للأسف مهندسو الأحياء لا يلتزمون بتطبيق القانون «فهم أول من يخالفونه» فنجد فى العمارات أو المنشآت السكنية مصاعد مجمعة محليا، تم إنتاجها فى مصانع «بير السلم» لا تحظى بأى نوع من أنواع الرقابة أو التفتيش، ناهيك عن الصيانة المنعدمة توفيرا للنفقات، وأن وجدت ليس هناك من سبيل، سوى فى استخدام قطع غيار مقلدة وغير مطابقة للمواصفات، لأن الشركات المعتمدة والمرخص لها بالعمل فى هذا المجال ترفض صيانة مصاعد تم تجميعها من هنا أو هناك ولا تصلح أصلا لأن يطلق عليها لفظ مصعد، حفاظا على اسمها ومكانتها فى السوق، وللأسف جل هذا يأتى على حساب المواطن وأمنه وصحته وسلامته، فهو وحده من يدفع ضريبة استخدام مصعد غير آمن، رغم كون المواطن مسئولًا أيضا عما يحدث له، لسابق موافقته على السكن فى عمارة غير مرخصة وبالتالى المصعد الخاص بها غير مرخص، والشركة التى قامت بتركيبه أيضا غير مرخص لها بالعمل فى هذا المجال، ولذلك نجد مصاعد الموت هذه منتشرة فى مصر بصورة كبيرة، مصاعد لم يراع فى تصنيعها أبسط قواعد الأمان، من حيث مساحته وسرعته وقوة الماكينة الخاصة به، ولا يتم بها أى نوع من أنواع الصيانة الدورية للكشف على الأبواب أو السيور وتغييرها أذا كانت تحتاج التغيير، وكذلك لا يتوفر بها «حبل البراشوط» فرامل الأمان فى حالة قطع الواير، بالمناسبة هذه الاشتراطات غير متوفرة فى أغلب مصاعد مصر، وتحديدا غير المرخص منها، لكونها لا تحظى بأى نوع من أنواع الرقابة من قبل المسئولين فى الأحياء، الذين سبق وأن «تنشوا » عن العمارة نفسها وقت تشييدها، فلماذا إذن يجهدون أنفسهم فى البحث عن كون هذا المصعد أو ذاك مرخصًا أو غير مرخص، فهم أو تقاريرهم لا ترى النور سوى عند حدوث كارثة تتمثل فى سقوط مصعد بركابه أو عند سقوط العمارة لإخلاء المسئولية عن أنفسهم.. السادة مسئولو الأحياء وأجهزة الرقابة الصناعية قدر بسيط من الضمير، يحمى أسرنا وأسركم من الموت داخل علبة محكمة الإغلاق نطلق عليها مجازا اسم مصعد.