الجمعة 25 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
قال لى « توت»

قال لى « توت»


قال لى «توت» فى أسى ومرارة وغضب والدموع تكاد تطفر من عينيه:
- أى مهانة تلك التى تشملنى فى عصركم؟.. هل يجوز للملك الذهبى الذى يزن تمثاله نحو «11» كيلو جرامًا من الذهب الخالص المرصّع بالأحجار الكريمة.. والذى يعود عمره إلى القرن الرابع عشر قبل الميلاد.. أن يعامل تلك المعاملة السيئة؟..
لقد تسامحت منذ عدة سنوات حينما تعرض التمثال لترميم خاطئ ألحق به ضررًا«بالغًا» من الصعب إصلاحه، وذلك باستخدام لاصق قوى تسبب فى وجود منطقة صفراء شفافة بين  اللحية وبقية القناع.. وأن أحدهم حاول إزالتها بآلة حادة مما أدى إلى حدوث خدوش شوهته..
لقد التقيت وقتها بمكتشف مقبرتى «هوارد كارتر» بوادى الملوك بالأقصر.. وصحت فيه غاضبًا: لقد وقعت فى براثن حلاق غشيم شلفط خلقتى..
علقت ضاحكًا:
«شر البلية ما يضحك.. لقد كان الحدث مجالا» للتهكم ورسوم الكاريكاتير المختلفة على مواقع التواصل الاجتماعى.. وصفحات المجلات منها كاريكاتير يقول: ممنوع الاقتراب لحد اللزق ما ينشف.. قال «توت»:
- كان تبرير «هوارد» وقتها لى أن الإهمال وعدم الاكتراث والتسيب الإدارى اللذين أديا إلى هذا الحادث ليسا أمرًا «مفزعًا  أو غريبًا» أو مفاجئًا» من وجهة نظره.. فهو يرى أنه يمثل إحدى النتائج المنطقية لتدهور مفهوم الفن وخاصة فن النحت عند العامة والذى تصاعد تصاعدًا مؤسفًا «خلال الثلاثين عامًا» الماضية.. وصولًا إلى حكم الإخوان الذى ما زالت تداعياته وتأثيراته تحكم عقول وسلوك الناس نتيجة فتاوى الظلاميين والتكفيريين والسلفيين والدعاة.. وشيوع ثقافة «الحلال والحرام» التى انتشرت وذاعت وشملت الكثير من مناحى الحياة، فمن ينسى ذلك الإرهابى قائد مفجرى تماثيل «بوذا» الذى أعلن عن نيته فى تفجير تمثال «أبو الهول»  لأنه رجس من عمل الشيطان صُنع لكى يعبده الكفار.. ومن ينسى تدمير رأس تمثال « طه حسين» فى مسقط رأسه فى المنيا.. وتشويه التماثيل فى الميادين ومنها تمثال الحوريات على كورنيش الإسكندرية.. ومن ينسى تلك السيدة الملتاثة التى قفزت سور فيلا المثال «حسن حشمت» وحاولت تدمير تماثيله الموضوع فى حديقة الفيلا..
ثم أردف:
- لم أقتنع تمامًا بتبرير «هوارد» فقد أطاحت ثورة «يونيو» بحكم الإخوان.. ومع ذلك فإن مسلسل الإهمال ما زال مستمرًا.. فنحن بأيدينا وليس بمعاول هدم إرهاب طالبان.. نترك آثارنا نهبًا للإهمال المدمر تحت تأثير مياه الصرف الصحى أو بلصق دقني «بالاوهو» «إن التسيب أصبح طقسًا» اعتياديًا.. وازدراء الجمال وكراهية الفن أمسى مقدمة منطقية لسيطرة القبح والدمامة.. إن تدمير التراث الفنى والحضارة العظيمة أضحى عادة لا تثير دهشة أو استهجانًا.. وأصبح من الطبيعى أن نصحو كل يوم على خبر مفزع يتصل بتشويه أثر.. أو تحطم تمثال أو سرقة أيقونة أو تلف لوحة.. أو بيع رأس تمثال آخر لى بصالة مزادات بلندن بمبلغ «4,7» مليون جنية إسترلينى..
عاجلته مؤكدًا بحماس:
اطمئن يا «توت» لقد استنكر وزير الآثار عملية البيع، وقال إن المسئولين عن المزاد لم يجيبوا عن سؤال مهم، هو كيف خرج هذا الرأس من مصر واكتفوا بالقول إن القطعة تم شراؤها من مجموعة خاصة.. بالرغم من أن هذه القطعة كانت معروضة بإسبانيا عام «2002».. وأن عدم إبراز الصالة شهادة التصوير الخاصة بتلك القطعة يؤكد عدم شرعية امتلاكها واصفا تلك الخطوة بأنها غير أخلاقية..
ضحك « توت» فى سخرية وقال:
- وحق الإله «رع».. كم ذا بمصر من مضحكات.. عصركم مليء بالنكات.. «إنها خطوة غير أخلاقية؟!!!!.. هل هذا هو كل ما فعلتموه؟!!!.. تصريحات حنجورية؟!.. وكفى الله المؤمنين شر القتال..
- لا.. لقد صرح أيضًا أن وزارة الآثار لن تتوانى فى اتخاذ أى إجراءات لاسترداد الآثار المصرية التى خرجت من «مصر»  بطرق غير مشروعة..
- أخشى ما أخشاه أن يحدث معى ما حدث مع «سخم كا» التمثال الفرعونى والذى يرجع عمره إلى أربعة آلاف عام.. والذى خرج من مصر واشتراه «ماركيز» أهداه لمتحف دون أن تمتلك «مصر» أى إثباتات بملكيته.. واكتفت بالتحزيرومنح وزارة الثقافة البريطانية مهلة لمنع تصدير التمثال خارج بريطانيا.. وانتهت المهلة وتم بيعه فى يوليو «2014» فى أحد مزادات «لندن».. وأطلق وزير سابق حملة تبرعات بجمع مبلغ «15,5» مليون إسترلينى لشراء التمثال من أجل الإبقاء عليه داخل بريطانيا.. ولكن لم يتم التبرع بجنيه واحد لتلك الحملة.. وقد كشفت مصادر أثرية أنه تم بيع التمثال لسيدة قطرية بـ « 160» مليون إسترلينى.....
ثم تركنى «توت»  وانصرف وهو يردد باكيا  ملتاثا:
- منكم لله.. أى ذنب ارتكبته حتى يتم تشويهى وسرقتى وبيعى فى مزاد.. ياليتك يا «هوارد» ما اكتشفت مقبرتى وتابوتى.....