
طارق مرسي
ذعر فى تل أبيب بعد نجاح «الممر»
النجاح الكاسح لفيلم «الممر» فى الأسبوع الماضى واقترابه من تحقيق رقم قياسى فى نسب المشاهدة وإيرادات شباك التذاكر وتجمد إيرادات المنافس الأول له فيلم «كازابلانكا»، الذى يشهد نكوصًا فى نسب مشاهدته لم يكن مفاجأة لكل من شاهده لروعة المحتوى وصدق الأداء.
لكن المفاجأة الحقيقية هى أن الأصداء الكبيرة التى حققها الفيلم وصلت تل أبيب لدرجة أنها أثارت الذعر من الرسائل التى يطرحها وتأثيرها على المخططات الصهيونية، حيث كانت دراساتهم تقوم على زوال جيل أكتوبر واختفائه من المشهد تماما والبدء فى المشروع الصهيونى الذى يرتكز على التأثير فى أبناء هذا الجيل بأسلحة الجيل الرابع ومحو آثار الهزيمة فى السادس من أكتوبر والسيطرة على عقول الشباب وتغييبهم بأسلحة التواصل الاجتماعى والتطبيقات المشبوهة، لخلق جيل غائب عن قضايا وطنه.
فيلم «الممر» قلب لهم كل الموازين بعد النجاح الكبير الذى حققه بعد عرضه فى توقيت يتوافق مع ذكرى نكسة 67 لتتحول الذكرى السوداء إلى ممر، ثم إلى نصر مبين بعد حروب الاستنزاف والتى مهدت الطريق لتحقيق نصر أسطورى على عدو خبيث.
تأثير فيلم «الممر» واستخدام القوى الناعمة الأمثل فى إيصال رسالته وتوقيت عرضه، جدد أحزان العدو وأربك حساباتهم الصهيونية، فحسب توقعات الكتاب المتابعين للمد الصهيونى فإن الفيلم سيساهم فى تعميق الشخصية الوطنية المصرية، وبالتالى هدم نظرياتهم حسبما كشف أستاذ العبرية والمراجع اللغوى د. منصور عبدالوهاب لقناة «تن» ويرى أن أى عمل يدعم الشخصية الوطنية المصرية يقلل منهم ويبدو أن ما توقعه الخبراء المصريون قد تحقق بعد نجاح الفيلم وامتداد تأثيره على الشباب المصرى واستعادة ذاكرة البطولات والانتصارات ليعيد التاريخ نفسه بعد النجاح الواسع لمسلسل «رأفت الهجان» فى أوائل التسعينيات وردود الأفعال الغاضبة داخل تل أبيب حوله، وتخوفهم من أن يكون الفيلم بداية اهتمام واسع بإطلاق أعمال تجسد النزاع المصرى -الإسرائيلى تنتهى بنصر أكتوبر.
«الممر» الذى قدمه ببراعة المخرج شريف عرفة على شريط سينمائى يفتح الطريق أمام مرحلة جديدة فى تاريخ السينما نحو هذه النوعية من الأعمال القومية التى لم يتم تقديمها بكل هذه الجودة والإتقان والذكاء من قبل، وكما نجح «عرفة» فى تقديم نماذج رائعة للفيلم الكوميدى فى «عبود على الحدود» و«الناظر» وفتح الطريق لإطلاق نوعية افلام أكشن بمواصفات عالمية كما فعل فى «مافيا» يقدم النموذج الأمثل للفيلم الوطنى وبأسلوب غير مسبوق توازنت فيه كل الخطوط ببراعة. سواء على المحيط الاجتماعى وعكس صورًا من داخل المجتمع كشفت أسباب الهزيمة وأيضا نجح فى إبراز الصور الحقيقية للشخصية الإسرائيلية المشهورة بالغطرسة والغرور وتقديم مردود مؤثر لإذلالها، كما اتضحت فى شخصية الضابط الإسرائيلى «إياد نصار» فى مقابل استجماع إرادة المصريين فى نموذج «نور» أو أحمد عز وكتيبته المكونة من أحمد صلاح حسنى ومحمد فراج.. فى خلال ساعتين ونصف الساعة من المتعة والإثارة وهو زمن قياسى للفيلم المصرى واستقبله الجمهور بحفاوة وحب.
لم يفت «عرفة» ومعه الشاعر «أمير طعيمة» فى رسم صورة إيجابية للمرأة المصرية فى الفيلم مما يؤكد تعمده لتقديم خلفية اجتماعية متكاملة.. وتمثلت فى ثلاثة نماذج وهى: زوجة الضابط المصرى «هند صبري» وإيمانها بدور زوجها الوطنى والخطيبة التى ترفض التضحية بفارس أحلامها أمام إصراره بفك الارتباط، فضلا عن صورة المرأة البدوية البطولى من خلال أسماء أبواليزيد والذى يحمل رسالة تعمد المخرج إبرازها لأبناء مصر من أهل سيناء ودورهم الوطني.
فيلم «الممر» فى مقابل الانزعاج من تأثيره على أبناء صهيون كان له مردود رائع وفى لفتة ذكية تدعو للتفاؤل بعدها، حيث حرص فريق المنتخب القومى على مشاهدته واستلهام إرادة النصر من أحداثه وكسر حالة الملل قبل بدء المونديال الإفريقى وهنا التاريخ يعيد نفسه عندما استلهم القدير حسن شحاتة أغنية «ماشربتش من نيلها» للمطربة شيرين فى آخر بطولة للفريق القومى فى أنجولا وكانت جزءا من خطة النصر والبطولة.