الخميس 17 يوليو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
ماذا حدث للمصريين؟

ماذا حدث للمصريين؟


مع الاعتذار للكاتب والمفكر الراحل الكبير الدكتور جلال أمين، رأيت أن عنوان كتابه الشهير (ماذا حدث للمصريين) هو المعبر الحقيقى عن جل ما يحدث من تغيرات فى حياة المصريين، سواء بالسلب أو الإيجاب، خاصة بعد أن طرأت على الشخصية المصرية العديد من التصرفات والسلوكيات غير المعتادة فى مجتمعنا المحافظ بطبعه، ليصبح ارتباط الدين بالدنيا غير مفهوم بعد أن انتشر المتشددون حولنا، وذهب الإسلام الوسطى إلى غير رجعة نتيجة لتمكن ضعاف الفكر والنفوس فى فرد عضلاتهم علينا، بل فردها بطول ذراعها على المؤسسة الدينية نفسها، التى تراجع دورها طواعية نتيجة لوجود مثل هؤلاء بين جدرانها، خاصة العائدين منهم إلى أرض الوطن  بعد عودتهم من هجرتهم إلى بعض الدول، التى تتمسك بالدين شكليا دون البحث فى حقيقته وجوهره، مختزلين الدين فى الجلباب الأبيض وتربية اللحية بالنسبة للرجال، وارتداء الحجاب وانتشار محلات بيعه، حتى وصلنا إلى المايوه الشرعى مؤخرا بالنسبة للنساء.
يحدث هذا فى الوقت الذى تمكن فيه الفكر الاستهلاكى من عقولنا، فتحولنا بطيب خاطر إلى تقليد نمط الحياة الغربية فى المعيشة وغيرها، فشهدنا العديد من محاولات أغلب المنتمين للطبقة الوسطى أو بمعنى أصح الفقيرة لبلوغ طبقة الأغنياء، حتى ولو لم تتوافر الإمكانيات (ثقافية أو تعليمية أو اجتماعية أو اقتصادية) لذلك،نشأ الصراع بين هذه وتلك، لتزداد الفجوة بين أبناء المجتمع الواحد، مسببة العديد من الأمراض والجرائم الاجتماعية التى لم نسمع عنها من قبل، فمن يصدق مثلا أن يفرح مثل هذا الحقير الذى كان يقيم فى دولة الإمارات العربية، عندما سمع خبر مقتل شباب مصر الأوفياء، أثناء تصديهم لأمثاله من الخونة والجبناء فجر أول أيام العيد، مرددا عبر صفحته من خلال إحدى المنصات الاجتماعية عن الحادث : (دى احلى عيديه  دى ولا أيه؟!) شامتا فى موت أبناء وطنه، (سبق وأن سجد لله شكرا من أنجبوه يوم هزيمة مصر فى حرب 1967).
هكذا تربوا ورضعوا الخسة والخيانة هم وآباؤهم، وكيف نصدق خروج عالم أزهرى جليل بتصريحات صريحة له بضرورة ضرب الزوجة (باللين والرفق ودون إحداث إصابات) ونحن فى القرن الحادى والعشريسن، متغافلا أن الزوجة تعمل مثل الرجل وتساهم فى التزامات الأسرة المالية، وأن لها من الحقوق مثل ما للرجل .. وفى ظل انتشار فتاوى الجهاد والعنف والسماح بسرقة غير المسلم، التى تواجهنا صباح جل يوم من أناس ليس لهم علاقة بالفتوى وعلومها، لم يكن غريبا أن يشهد مجتمعنا الاعتداء على مواطنين مصريين وأعمال العنف والقتل فيهم، بل ترحيلهم من بيوتهم، فقط لكونهم غير مسلمين.
هذا بخلاف جرائم العنف والقتل والذبح غير المبررة بالمرة، مثل جريمة الابن الذى يقتل أبيه لرفضه إعطاء نقود له لشراء مخدرات، أو الابنه التى  تقتل أمها ثم تجلس بجانبها بعد ذبحها دون أن تتحرك مشاعرها من جراء ما فعلته، لمجرد أنها ضغطت عليها بالزواج من رجل كبير السن عنها بمراحل، أو أم تذبح أطفالها متجردة من جل مشاعر الأمومة التى حباها بها الله، حتى نصل إلى الجرائم الأخلاقية التى انتشرت فى مجتمعنا مؤخرا بدرجة كبيرة، مثل جريمة اعتداء الأب على بناته جنسيا تحت التهديد بالقتل أو الضرب حال كشف السر، ومثل اعتداء البالغين على الأطفال، تحت تأثير المخدرات أو لإرضاء الشهوات، وقتل الزوجة لزوجها بمشاركة عشيقها وابنتها، جميعها جرائم تدل على أن هناك تغييرا كبيرا حدث فى المجتمع المصرى،لدرجة وصل معها الأمر إلى أن يتجرد أستاذ جامعى من جل معانى الرحمة والإنسانية، بعدم سماحه لطالبة تؤدى الامتحان من دخول دورة المياه بحجة عدم الغش، لتتبول على نفسها نتيجة لتعنته ورفضه، ولم يقدر قيمة كونه أستاذا جامعىا.
المؤسف عقب ذلك أن يخرج علينا عميد الكلية التابع لها مثل هذا الشخص مبررا بأنه لم يكن يقصد، كذلك صاحبت الزيادة السكانية الكبيرة  ارتفاع حالات الطلاق فى مجتمعنا، ومتلازم معها انتشار ظاهرة العنوسة مما تسبب فى وجود مشاكل وأزمات لم يعتدها مجتمعنا من قبل ، بالإضافة إلى ظهور جرائم من نوع أخر، نتيجة للزحام وعدم وجود مساكن كافية مما أدى إلى انتشار العشوائيات، لدرجة أن الأسرة الواحدة تعيش فى حجرة واحدة، بل إن البيوت فى بعض المناطق لا يفصلها عن بعضها سوى أمتار قليلة مما أدى إلى انعدام الخصوصية بين أفراد الأسرة الواحدة، وما نتج عنها من مشاكل وأمراض اجتماعية خطيرة مثل مواقعه الأخ لأخته تقليدا لما قد يراه يحدث بين الأب وزوجته، فطفت على السطح سلوكيات ناتجة عن انعدام الخصوصية .
هذه بعض من جل التغيرات والسلوكيات والمشاكل والأزمات التى تميز المجتمع المصرى حاليا، ولابد من مواجهتها بقوة ومعالجتها بسرعة، حتى لا تستفحل ويشتد عودها وتصبح مواجهتها صعبه، وذلك عن طريق إزالة أسبابها وعدم السماح لبعض التيارات السياسية المعادية للحرية من منح المصريين حقهم فى العيش فى جو من التسامح والإخاء، وكذلك منح المزيد من الحريات سواء فى الفكر أو الإبداع أو إبداء الرأى،مع ضرورة دعم الطبقة الوسطى صاحبة الأغلبية فى مجتمعنا اجتماعيا وثقافيا وتعليميا واقتصاديا وسياسيا لسد أبواب ثقافة العنف والعشوائية لهدم نظرية (متعرفش أنا ابن مين).