الخميس 24 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
«النهضة» للكلاب المدللة!

«النهضة» للكلاب المدللة!




 كانت «نانا» قد انتهت من تناول طبقها المفضل «إيمانسيه زيوريكواز» مع صوص المشروم والكريمة وبطاطس «روشتى» فى المطعم الفاخر بالكوربة بمصر الجديدة، حينما رأتنى داخلا.. فحيتنى بإشارة فاترة بيدها مرددة باقتضاب: هالو.
 
 بادرتها فى فضول: واضح إنك فى حالة نفسية غير طيبة.
 
قالت: للأسف المصائب لا تأتى فرادى، بدأت بخلاف حاد نشب بين والدها ووالدتها التى أصابها الاكتئاب بسبب سيطرة السوقة والرعاع والأوباش والبلطجية والباعة الجائلين والشحاذين على شوارع وسط البلد بميادينها المختلفة، وانتشار الزبالة، والمظاهرات والاعتصامات فسادت الفوضى وعم القبح وتحول وجه «مصر» الحضارى الجميل إلى وجه دميم لا يطاق.. هذا بالإضافة إلى هجوم المتطرفين الذى بدأ فى حربه المقدسة ضد الحريات العامة، فارتداء «البكينى» وقص شعر السافرات وتحرش الذين نصبوا أنفسهم حماة الفضيلة تحت شعار «النهى عن المنكر والأمر بالمعروف».
 
لذلك فقد طلبت والدتها من والدها مبلغ مليونى دولار لتجديد أحد الشاليهات الخاصة بهم الذى يقع فى «بامبرغ» فى منطقة خلابة فوق الهضاب السبعة.. تمهيدا لقضاء بعض الأشهر هناك ريثما تهدأ الأوضاع فى مصر ويعتدل مزاجها النفسى.. لكن الوالد رفض.. فتركته غاضبة وسافرت إلى سويسرا للاستجمام.. ثم لم تمر عدة أيام حتى رحلت «طاطا» عن عالمنا فجأة ودون وداع.
 
- صديقتك؟!
 
- لا..كلبتى.. بعد أسبوع من مرضها وإقامتها فى العيادة البيطرية.. لم أقصر لحظة واحدة فى العناية بها، وكنت أزورها مرتين فى اليوم الواحد حاملة لها الوجبات الثلاث الفاخرة.. ومنها أطعمة «رجيم» ذات سعرات حرارية منخفضة.. وأخرى تحتوى على فيتامينات ومنشطات.. وفواتح للشهية عبارة عن أكياس تحتوى على شرائح من البط والديك الرومى.
 
ثم اكتشفت أبشع ما يمكنك تصوره.. لقد استولى العامل الوضيع هناك على طعامها وأكله طوال فترة تواجدها فى العيادة.. وكان الحقير يطعمها من فضلات الزبالة حتى وافتها المنية.
 
لابد يامستر «بشاى» أن تكتب عن أخلاق الناس التى انحطت وسلوك المصريين الذى تدنى.. ولابد أن تشارك شلتنا فى الدعوة إلى العدالة الاجتماعية.. إنها حلمنا الذى ننتظر تحقيقه.
 
هتفت بحماس:
 
- طبعا.. لقد وضعت يدك على بيت الداء.. وجوهر القضية.. الثورة تعنى العدالة الاجتماعية.. وبدون العدالة الاجتماعية لا تتحقق الديمقراطية.. ولا الحرية الإنسانية.. ولا الكرامة البشرية.. لا تتحقق الثورة أو كأنها لم تقم.
 
 إن المقدمة المنطقية التى أدت إلى قيام ثورة 25 يناير العظيمة تتصل اتصالا مباشرا بانعدام العدالة الاجتماعية والشعور بالفوارق الطبقية نتيجة الثراء الفاحش فى مقابل الفقر المدقع والتناقض الحاد بين قاهرة الأغنياء وقاهرة الفقراء.. قاهرة يعيش نصف سكانها تحت مستوى الفقر يشربون من مياه المجارى.. ويأكلون من تلال القمامة فى الشوارع.. وقاهرة أخرى يأتى طعام الأثرياء فيها من مطعم «مكسيم» ساخنا.
 
 افتقارنا إلى العدالة الاجتماعية هو الذى أدى إلى اضطرار فقراء الوطن إلى التهام طعام الكلاب والقطط.. ولو كان الفقر رجلا لقتلته.. و..
 
 صرخت مقاطعة:
 
 - ما هذا الذى تقوله؟ أنا أقصد العدالة الاجتماعية المفقودة نتيجة التفرقة فى المعاملة بين الإنسان والحيوان.. الجريمة التى ارتكبها هذا العامل السافل لو تمت فى أى دولة أوروبية لعوقب بالسجن.. لكنى هنا عندما ذهبت لتحرير محضر بالواقعة فى قسم البوليس.. سخر منى الضباط هناك.. هل تعلم أنه فى فرنسا يوجد نظام تأمين صحى للقطط والكلاب؟!
 
 قلت ساخرا:
 
 - رائع، لديك روح ثورية عظيمة، تفتقدك لجان الحوار الوطنى.
 
 قالت:
 
 - وأنت.. ما وظيفتك؟ أنا والشلة لدينا مشروع كامل للنهضة أفضل من مشروع الإخوان.. ومن مشاريع الليبراليين.. وجبهة الإنقاذ.. هل يمكنك أن تنقله على ألسنتنا؟!
 
 - بكل سرور.. كلى آذان صاغية.
 
 - لابد من إنشاء سور ضخم مثل سور الصين العظيم لعزل الأحياء العشوائية، والعشوائيين بشكلهم المزرى وملابسهم الرثة عن الأحياء الراقية لتنشيط السياحة حتى لا تقع أعين السائح الأجنبى على هذه المناظر القذرة.. وتوحيد زى المتسولين وإجبارهم على ارتداء يونيفورم بألوان زاهية تبعث على التفاؤل والبهجة.. وكذلك باعة المناديل الورقية.. وزيادة عدد الفنادق الخمسة نجوم للكلاب فليس من المعقول فى بلد تعداده «85» مليون نسمة.. لا يوجد غير خمسة فنادق تخدم مائة وستين نوعا من الكلاب المدللة فقط.. ولابد أيضا من زيادة عدد المستشفيات البيطرية والعيادات الخاصة والاهتمام بالطب النفسى للكلاب.. وزيادة حجم الاستيراد لطعام القطط والكلاب التى لم تزد على 3,2 مليار جنيه للقطط الأليفة... و700 مليون جنيه لكلاب الحراسة و3,2 مليون جنيه أدوية ومستلزمات بيطرية فى عام 2012 فقط.. تصور؟!
 
 أين العدالة الاجتماعية؟!