الثلاثاء 22 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
ممر النصر والإبداع

ممر النصر والإبداع


أخيرًا.. وبعد مرور 52 عامًا على عتمة 67 و46 عامًا على نصر أكتوبر المجيد، أصبح الآن لدينا «فيلم عالمى» يسجل أغلى الأمجاد على شريط سينمائى لجيل اليوم وللأجيال القادمة ويرصد صفحة من صفحات البطولة والفداء لهذا الوطن الغالى.. إنه فيلم للتاريخ والجغرافيا والتربية الوطنية.
ممر شريف عرفة يرسم طريق النصر بآيات الفخر والأمل وكما تقول أغنيته الرسمية التى كتبها أمير طعيمة:
لسه جى من وسط ليل العتمة ضى.. يفرد جناح النور ويوهبلك حياة
تفتح عيونك على الأمل وتشوف مداه.. وساعتها بس هتعرف إن بكرة جى، ولسه عندك حلم وهتفضل وراه
خروج فيلم «الممر» بهذا الإبداع والروعة والاقتدار يقف وراءه مقومات كثيرة وعقائد عظيمة أولها إيمان المؤسسة العسكرية، بأن دور القوى الناعمة مؤثر وعميق، فضلًا عن يقظة إدارة الشئون المعنوية والتى كانت وراء إنجاز هذه التحفة السينمائية، وكما أكد صناع الفيلم وكما يقول الشريط السينمائى، فلم تبخل القوات المسلحة بجهد لتسهيل المهمة لخروجها على أكمل وجه سواء على مستوى توفير المعدات أو المعلومات الدقيقة والخبرات لتقديم صورة صادقة عن هذه المرحلة الدقيقة من عمر الوطن، رغم أن أحداث الفيلم لا تتجاوز الثلاثة أيام، لكنها كانت فترة مشجعة ونواة لخوض حروب الاستنزاف الممهدة لأسطورة نصر أكتوبر المجيد، كما تعكس إصرار المنظومة العسكرية ليس على الثأر ورد الاعتبار بل تلقين العدو درسًا لن ينساه التاريخ العسكرى.
الفيلم وصناعه لم يكذبوا خبرًا ليس على مستوى الإنتاج أوالتمثيل بل كل العناصر مجتمعة فمنذ اللحظات الأولى تشعر بأن الجميع فى مهمة وطنية لكتابة وثيقة سينمائية لكل الأجيال وهذه المرة بدون أخطاء أو مفارقات وربما لمسح خطيئة التقصير لتقديم عمل يتوازى مع معجزة هذه الفترة طوال السنوات الأخيرة وإثبات أن خير أجناد الأرض كانوا قد المسئولية فى لحظات الانكسار والانتصار.
وجاء اختيار المخرج الكبير شريف عرفة لإنجاز هذه المهمة السينمائية لجزء مكمل لإتمام المأمورية الصعبة لتأصيل مشواره السينمائى ومما جعلها أسهل وأعمق كتابته للسيناريو والحوار ومشاركة الشاعر أمير طعيمة معه فى كتابة الحوار، وأتصور أنه درس هذا العمل سيسهل مهمة إضافة سيناريست موهوب للسينما.
طعيمة بالتأكيد هنا كانت معايشته للعمل وكتابته كفيلة لخلق أغنية رائعة «الممر» تعكس حالة التعبئة العامة.. هذا الجو الشاعرى أضفى سحرًا للصورة السينمائية وأكملها ببراعة الموسيقار الكبير عمر خيرت.. والمدهش أن الحالة الموسيقية التى تخيلها المخرج قد تحققت بدءًَا من اختياره العبقرى لأغنية أم كلثوم «الله معك» كمحرك للأحداث وبأنها شفرة إعلان الحرب ورسالة للعدو وتكتمل حالة الشجن عندما يغنى أحد الجنود أثناء إنجاز العملية الصعبة أغنية عبدالحليم حافظ «كان يوم حبك أجمل صدفة» بصوت محمد الشرنوبى كنوع من رفع الروح المعنوية لرجال يواجهون الموت فداءً للوطن.
أم كلثوم وحليم وخيرت وطعيمة فى امتداد خلاق كانوا من عناصر القوى الناعمة، تناغموا مع أوركسترا ثمثيلية تاريخية ومتمكنة بقيادة أحمد عز وأحمد رزق وأحمد صلاح حسنى وأحمد فلوكس ومحمد الشرنوبى ومحمد فراج وهند صبرى وإياد نصار وأسماء أبو اليزيد ومحمد جمعة والوجوه الجديدة ألحان المهدى وأمجد الحجار ونديم هشام وأمير صلاح الدين مع ضيوف شرف حقيقيين مؤثرين وهم: شريف منير وعمر زهران وحجاج عبدالعظيم.
شريف عرفة لم يكتف بهذا الأوركسترا أو هذه التوليفة المبدعة بل حرص على زراعة كل اللهجات فى إشارة ذكية بمشاركة كل أطياف الشعب، مسلم ومسيحى، من قبلى وبحرى وبدوى والأخير كان له دور بطولى مما يعمق الاعتزاز بهذه البقعة الأصيلة من أرض مصر ولو كره المأجورين من خلال «أبو رجيبة» وفرح «أسماء أبواليزيد» وهى موهبة واعدة.
عرفة مع هذا التشكيل الفنى نسج حالة رفيعة المستوى من الأحداث غزل فيها مشاهد إنسانية فجرت وصنعت مشاهد حربية عالمية أبدع فى نقلها مدير التصوير أيمن أبو المكارم واتضح فيها مساهمة القوات المسلحة «جوية وبحرية» لخلق أحداث حقيقية غير مسبوقة فى أفلام تحمل نفس الرسالة، مع ترسيخ عقيدة الحرب مع عدو تاريخى.
فأحمد عز «نور» الذى كتب تاريخه الفنى الحقيقى فى الفيلم أكد نضجه الفنى يواجه صراعًا نفسيًا داخل أسرته مع زوجته ليلى «هند صبري» وابنه على الذى يواجه أزمة سخرية زملائه من الهزيمة ويؤكد له نور بثقة أن المباراة لم تنته.. فضلًا عن سخرية أبناء الوطن من النكسة وترجمها «عرفة» فى مشهد عبقرى فى سنترال جمع فئات الشعب لم يخل من تربص الجماعات المتأسلمة، واكتمل المشهد البديع بتدخل الشرطة لفض الاشتباك بذكاء ومهارة تعمق دورها التاريخى لتحقيق الأمن والأمان.
الممر يعكس دور الصاعقة المصرية فى حرب المصير ويعيد بها للأذهان معجزاتها وبطولات إبراهيم رفاعى وغيره من خير أجناد الدنيا..فضلًا عن بسالة القوات البحرية ويمهد لبطولات عظمى فى حرب الاستنزاف وانتصار مبين فى السادس من أكتوبر.
الفيلم نجح باقتدار فى خلق حالة جمع فيها لمحات من بطولات عظيمة من تأليفه بأحداث تكتب تاريخ مصر.. بالإضافة إلى ألوان سينمائية اجتمع فيها الأكشن «للمغرمين بالإثارة والتشويق» واجتماعى ورومانسى وكوميدى وغنائى بلغة سينمائية وتجارية رغم أنه يصنف كفيلم إنسانى يتبنى عقائد حربية، وبالتالى يناسب كل الأذواق فضلًا عن إيقاظ وتنبيه الروح الوطنية.. كما أنه يغرى لاستكمال سيمفونية النصر وصناعة فيلم عن حرب أكتوبر للأجيال القادمة والأروع أن تشارك فيه كبرى شركات الإنتاج ووقتها لن تبخل القوات المسلحة فى تسخير كل إمكانياتها لخروجه لنور لن ينطفئ.
 فيلم «الممر» وسام على صدر كل من شارك فيه كما أنه أفضل ما يهدى لأفضل ما يهدى به وهو جيش مصر العظيم والذى ما زال يواصل العطاء والفداء ويخوض حربًا كبرى لتطهير تراب الوطن من الخونة والمأجورين.. والمفارقة هى طرحه ضمن أفلام العيد ليكسر كل الحواجز ويؤكد وعى جمهور السينما الحقيقى بعد إقباله على مشاهدة الفيلم الذى تقول كل الشواهد إنه سيستمر فى دور العرض، وفى الوقت نفسه ستتحول أغنيته البديعة التى كتبها أمير طعيمة ولحنها الموسيقار عمر خيرت لأغنية الموسم وهى جديرة بذلك والإعلان الرسمى لمولد مطرب جديد «محمد الشرنوبى» وخلق جيل جديد سيكون هو مستقبل السينما المصرية فى الفترة القادمة.>