
طارق مرسي
رمضان تحت الصفر
الوصول إلى القمة سهل لكن المحافظة عليها الأصعب، مثل شعبى وحكمة مأثورة لا يعلم الجيل الرابع من النجوم عنها شيئًا.. فهم لا يعترفون ولا يؤمنون بها بل ربما يعتبرونها «دقة قديمة».
«محمد رمضان» من هؤلاء النجوم الذين تنطبق عليهم هذه المقولة، بل فى مقدمة الذين لا يؤمنون بها.
«رمضان» صعد إلى القمة بالمعايير المتعارف عليها والمتداولة حاليا بسهولة وبسرعة البرق والإنترنت السريع فى غفلة من كبار النجوم ولحظات تأمل طويلة، وعلى وجه الدقة فى فترة تخبط المزاج العام وتقلبه بعد قيام ثورة يناير، وتحديدا فى فترات الانفلات الأمنى والأخلاقى، صعد فى هذا التوقيت بسهولة وصدقه الجمهور لأنه جاء معبرا عن الحالة العامة وارتباك المجتمع وحقق شهرة عريضة فى وقت قصير.. شهرة لم تعرف التدرج الطبيعى كما حدث لنجوم كبار مثل عادل إمام الذى بدأ مشواره الفنى من تحت الصفر حتى وصل إلى القمة بعد مسيرة حافلة بالتقلبات والمعاناة حتى اجتاز كل الصعاب متفوقا على الجميع بجهده وذكائه وموهبته الكبيرة.. إنه النموذج الفنى الفذ والمتكامل ليس فى تاريخ السينما فقط بل فى تاريخ الفن المصرى عموما (راجعوا كتالوجه الإبداعى فى السينما والتليفزيون والمسرح)، فهو الزعيم بكل المقاييس حتى فى حياته الخاصة بأنه قدم نموذجا فريدا لمؤسسة الأسرة فى الوسط الفنى على عكس عشرات النجوم من قبل ومن بعد و«القدوة الحسنة» فى السيرة والمسيرة.
تطبيق كتالوج «الزعيم» الفنى والأسرى على نموذج مثل محمد رمضان، ولا وجود هنا للمقارنة، لاختلاف الثقافة والأصالة والعمق الفنى، فنجد أن رمضان ضل الطريق مبكرا بينما ساعدته الظروف في الصعود إلى القمة دون معاناة لم ينجح فى المحافظة عليها مفضلا تقديم نفسه كنجم استهلاكى له تاريخ صلاحية.. أو ظاهرة فنية زائلة.
«رمضان» واصل مسلسل السقوط بإحياء حفل استعراضى مسىء لمشواره الفنى المفكك وخرج يقدم استعراضات بينما هو شبه عارٍ على طريقة «الأمريكان شو».. الحفل قوبل بانتقادات وسخط عارم لتصديره ثقافة لا يعرف مفرداتها ولا تنسجم مع الشهرة التى حققها دون عناء أو مشقة.
حفل «رمضان» أثار عاصفة من الجدل والرفض بسبب ملابسه التى اعتبرها البعض مخالفة للتقاليد والعادات الفنية وغير الفنية، وتوالت البلاغات ضده على طريقة «شرين عبدالوهاب» واتهامه بتكسير الثوابت والمعتقدات بشكل دفع نقابة الموسيقيين لإصدار بيان يؤكد على إعادة النظر فى منح التصاريح مستقبلا لإقامة مثل هذه الحفلات الخارجة عن الغناء والأعراف الفنية، وفى الوقت نفسه تدفقت البلاغات ضده للنائب العام ونقابة الممثلين التى يحمل عضويتها.
وبعيدا عن الاتهامات والبلاغات فإن رمضان مع سبق «الإصرار» يواصل تشويه نفسه وخسارة قاعدته الجماهيرية فى أنشطة تسىء له، فهو ليس مطربا حتى يسارع لإقامة حفل غنائى استعراضى أو أنه تلقى دراسته فى أمريكا.. لكنه يبدو أنه وبعناد حريص على مواصلة الإسفاف بالاستخدام المسىء للغناء بعد أغنياته «نمبر1» و«أنا الملك» التى يسخر فيها من منافسيه مستعرضا قوته الوهمية، وكان يجب على النقابة الموسيقيين ملاحقته وردعه بعد كل هذا العبث.
ثلاثية رمضان الغنائية سبقها رعونة «ثلاثية» فى استثمار مشروعه الفنى عندما اقتحم الدراما التليفزيونية رغم نفوذه السينمائى وتسلل إلى المسرح ليؤكد أنه نجم ثلاثى الأبعاد 3d ولا يعرف أنه يحرق نفسه تحت إغراءات المادة والطمع.
رمضان ممثل موهوب ولكنه فى حاجة إلى ترتيب الأوضاع والابتعاد عن غرف المشورة السوء و«البطانة» الوهمية التى يحتمى فيها قبل فوات الأوان.. فالفتى الأسمر الذى كان «نمبر وان» أصبح الآن تحت الصفر وعليه إعادة تصحيح مشروعه الفنى مرة أخرى.>