الأحد 20 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
الإهمال والإدمان والإرهاب

الإهمال والإدمان والإرهاب


هذه الثلاثية المدمرة التى يحملها عنوان مقالى ليست جزافية إنها حقيقة تجسدت فى شخص السائق المستهتر المدعو «علاء فتحى» والذى هو عنوان كارثة الأربعاء الماضى الحزين، لشهداء مصر فى هذا اليوم الذى أحرق قلوبنا كل الرحمة والسلوان لذويهم ونتمنى الشفاء للمصابين ومغادرة المستشفيات بسلامة فى أقرب وقت …
هذا السائق الذى حكمنا عليه جميعًا بالتأكيد تعاطيه لأحد أنواع المخدرات والتى هى آفة يسلكها أغلبية مهنة السائقين لأسباب منها مساعدتهم كما يذكرون لتحمل مشاق السفر وعدد ساعات العمل، ولكن فى حالة هذا «الإرهابى» ليس فى حاجة لها بالمرة فهو يعمل من 7صباحا وحتى 2 ظهرا وعمله داخل محطة مصر فى عملية جر عربات القطار إلى ورش الصيانة بعد رحلتها، إذن فهو يعمل بعدد ساعات معقولة كأى موظف وعمله لا يتطلب منه سوى الدقة فيما يقوم به لأنه متعلق بأرواح بشرية وهذا الشخص اللامبالى إرهابى بالفعل لأن الإرهاب ليس من ينتمى إلى جماعة عنف تُمارس القتل فقط ، ولكن أيضا ترويع الآمنين بطرق مختلفة وبخلل يصدر من أشخاص غير مبالين بالأرواح التى تحصدها أعمالهم المدمرة … هذا الكائن قال بشكل استفزازى عندما سُئل لماذا لم يوقف الجرار قبل نزوله لاستكمال مشادة كلامية مع زميل له اصطدم جراره هو الآخر به  قال «يظهر نسيت الله أعلم» بمنتهى الحماقة أيضا يقول عندما تحرك الجرار أبلغت برج المراقبة الذى قام بالرد على مرة وفى الأخرى لم يرد وبالتالى هو أيضا لم يتأخر فى الاستهانة بما فعله بل ذهب إلى منزله ليأكل ويستحم وينعم وعندما اتصل به رئيسه يخبره بالكارثة التى فعلها قال له بكره أجيلك مش حأقدر أجيلك بالليل  علشان أعصابى تعبانه حتى تم القبض عليه وهو فى كامل لياقته مكررا بأنه لم يشاهد الحادث ولا المصيبة التى قام بها … يا أيها الإرهابى أنت غادرت المحطة بعد أن تحرك جرارك ودمر الناس اللى واقفين على الرصيف فكيف لم تر أنه عمى القلب والبصيرة أيضا ، هذا الإرهابى المهمل بيوصف الحادث بأنه «نصيب»، وعندما سئل هل هو إخوانى ؟ ضحك وقال لا مش إخوانى،  ونقول له ربما لا تكون إخوانى ولكنك إرهابى مثلهم لأنك تسببت فى قتل أرواح آمنة  لاحول لها ولا قوة، وسواء كنت مستأجرا أو مدمنا أو مهملا فجميعهم تربطهم صفة «إرهابى مجرم» … ولأن الإهمال له عشرات السنين فى هذا المرفق الحيوى والذى اعتدنا منه حصد الأرواح حتى صار مرفق الكوارث والنكبات ينقصه مسئولون يقظون قادرون على هذه الفئة الضالة أمثال هذا السائق الجبان عديم الإنسانية والإحساس، هذا المسئول الذى تحدث مع السائق تليفونيا يخبره بالكارثة كيف تقبل منه الرد بأنه سوف يأتى له فى اليوم التالى وقبل هذا أين دور برج المراقبة الذى كان فى إمكانه التحكم فى الجرار وإيقافه قبل اصطدامه بالرصيف، وقبل هذا وذاك محاولة السائق الجهول بالتنصل من فعلته بأن الجرار فى حالة سيئة وإن لم يكن فإنه ماتمكن من التحرك والسير خارج الورشة حتى وإن لم يقم بشد الفرامل؟ ويضيف هذا الجهول بأنه من المفروض أن يكون على كل جرّار «اثنان» السواق ومساعد له ولكن ما يحدث أنه ليس هناك مساعدون ولذلك الجرارات يكون بها السائق فقط ، وهل هذا أيها الجهول يعفيك من المسئولية الجنائية التى قمت بها بدم بارد وتقول «نصيب» … من الطرائف التى قالها هذا الإرهابى الجهول أنه لا يشاهد التليفزيون فهو  بالفعل مغيب تماما  هل يعرف شيئًا عن أخبار بلده وأحوال البشر من حوله أم أنه خلق لنفسه عالما مغيبا عن الجميع حتى عن الأهل والأسرة إنه مع إدمانه أكيد يعيش حياة الهلوسة واللامبالاة ، هذا الجاهل الذى يعمل بهذا المرفق ربع قرن من الزمان والذى يحمل شهادة متوسطة «دبلوم صناعى» فاقد للوعى بفعله هو وترصده لنفسه ليجعلها جهولة مغيبة مرتكبة لأعمال إرهابية مزرية، أين الكشف الدورى النفسى والإدمان ؟ أين التأهيل المستمر للعامل الذى هو أهم وأسبق من تحديث المعدة أو الماكينة ؟ أين أيها المرفق الكارثى الذى تدمى قلوبنا سنويا لحصد أرواح المصريين، نريد القصاص من مسئولى هذا المرفق اللعين …
وإذا كان هذا الحال الذى له عقود جاء بالوزير المستقيل ليصلح حاله وطلب منا زيادة تذاكر وقال صراحة فى وسائل الإعلام بأن هذه الزيادة لتحسين خدمات المرفق والتأهيل للعاملين، ولكنه لم يفعل سوى تصوير نفسه داخل عربات المترو الجديدة أو التى قام بتحسينها ولكن أبدا لم يكن هناك أى تحسين فى البشر القائمين على الخدمات أو حتى العاملين أمثال هذا السائق الإرهابى الجبان،  وما أدهشنى بخصوص استقالة الوزير هو ما أطلق عليه الإعلام أنها من أجل «مسئوليته السياسية» عما حدث، والله هذا عيب كبير إنها المسئولية المهنية أولا وأخيرا وليست السياسية والفرق بينهما كبير فالمسئولية المهنية لهذا الوزير أنه لم يختر مرءوسين على قدر المسئولية والإصلاح ولَم يقم بمتابعتهم وزيارتهم كما كان يفعل فى رحلاته المصورة إعلاميا، إنها مسئولية مهنية جملة وتفصيلا، أما المسئولية السياسية فإنها تكون فى إخفاقه عن القيام بالدراسات التى قدمها فى خطته والتى تأخذ عدة سنوات للتحقق من نجاحها من عدمه، فاستقاله وزير النقل ليست سياسية مادام البعض يشهد بأنه كان يقوم بالتطوير المرحلى الذى وعد به، ولكن الإهمال الجسيم واللامبالاة فى مرافق الوزارة التى يتقلدها فهى مسئولية جنائية مهنية مثله مثل السائق المهمل الجبان تماما … اتقوا الله فى مرافق تحمل يوميا أرواح لتوصيلها من مكان إلى مكان فلا تجعلوا رحلتهم بلا رجعة لأنكم مارستم إرهابكم على أرواح آمنة سلمت نفسها لكم  …