
عصام زكريا
لـ«روما» نصيب الأسد وفنانو العالم يجتاحون الأكاديمية الأمريكية!
ساعات وتعلن جوائز الأوسكار الواحدة والتسعين، لتنهى واحدًا من أصعب السباقات وأغربها فى تاريخ المهرجان.الفيلم الأكثر استحقاقا للجوائز، وهو «روما»، لا ينتمى إلى السينما بمفهومها التقليدى أصلاً. ولو أنه صنع من عشر سنوات مثلا لما كان سيسمح له بدخول السباق، لأنه غير مخصص للعرض العام فى دور العرض السينمائى، ولا حتى للتليفزيون، ولكن للعرض عبر شبكة الإنترنت، وفوق ذلك هو فيلم أجنبى ناطق بالإسبانية كان أقصى طموحه منذ سنوات أن يرشح لأوسكار أفضل فيلم أجنبى.
أعضاء أكاديمية علوم وفنون السينما وصل عددهم إلى حوالى ثمانية آلاف شخص بعد أن توسعت إدارة الأكاديمية خلال العامين الأخيرين لإضفاء مزيد من الأعراق والجنسيات والألوان عقب الاتهامات بالعنصرية للبيض التى تعرضت لها الأكاديمية. وهؤلاء الآلاف الثمانية مقسمون حسب المهن السينمائية المختلفة، من المنتجين والمخرجين والممثلين وحتى متخصصى الخدع ومصممى الملابس و«المزينين» (واضعى الماكياج وقصات الشعر).
لذلك، وعلى عكس ما يعتقد البعض، تتراوح اهتمامات وأذواق وتحيزات هؤلاء الأعضاء كثيرا، وأحيانًا تحسم النتائج بفارق أصوات معدودة، وللأسف لم تسمح الأكاديمية، التى تأسست عام 1927، بنشر تفاصيل التصويتات القديمة حتى الآن، مع أن قوانين بعض الدول تفرض على أجهزة المخابرات نشر وثائقها القديمة بعد مرور ربع أو نصف قرن!
لو أن المسألة تتعلق بفن السينما فقط، فإن «روما» هو الأفضل بلا كثير من الجدل، ولكن هناك قطاعًا من أصحاب الأصوات، من المنتجين والموزعين تحديدًا، سيقفون ضده لأنه من إنتاج «نتفليكس»، التى أصبحت تجربتها الناجحة تهدد فكرة السينما من أساسها، ولن نستغرب بعد عشر أو عشرين سنة إذا رأينا أن دور العرض السينمائى تنقرض وتتحول إلى آثار للذكريات!
«نتفليكس» قد تكون الخطر، ولكن ربما تكون الأمل أيضا فى بقاء فن السينما، كما حدث مع التليفزيون منذ أكثر من نصف قرن. والشركة العملاقة قامت بحملة دعاية هائلة لإقناع السينمائيين بإنها ليست ضد السينما، بل طوق إنقاذها من الغرق، وهذه الحملة ستقنع البعض، ولكنها ستستفز البعض الآخر لمقاومة غزو الإنترنت.
لكن الصراع حول «روما» لا يقتصر على مجال السينما. عندك رئيس أمريكى مهووس يهدد ببناء سور حول الحدود الأمريكية المكسيكية على طريقة الجدار الإسرائيلى، وهاهو فيلم مكسيكى قلبًا وقالبًا ناطق بالإسبانية مرشح لأكبر الجوائز الأمريكية. كيف سيرد أعضاء الأكاديمية على عنصرية «ترامب»؟!
الصراعات «خارج الفيلم» لم تقتصر أيضا على «روما». هذا العام هناك جدل كثير حول كثير من الأفلام المرشحة، ربما أكثرها هو استبعاد المخرج اللامع «برايان سينجر» من استكمال فيلمه «قصيدة بوهيمية» بسبب سوء معاملته مع فريق العمل، وبالتحديد بطل الفيلم «رامى مالك»، ثم الاتهامات التى تعرض لها بالاعتداء على عدد من الصبية فى أوقات مختلفة من حياته، كذلك لاحقت اتهامات «جنسية» و«عنصرية» مختلفة كلاً من مخرج ومؤلف فيلم «الكتاب الأخضر»، المرشح بقوة لمنافسة «روما» على جائزة أفضل فيلم، بالرغم من أن مخرجه «بيتر فاريللى» لم يرشح لأوسكار أفضل مخرج، فى واحدة من نوادر الأكاديمية!
خلال السنوات القليلة الماضية غيرت الأكاديمية عددًا من لوائحها الخاصة بشروط العضوية وشروط الترشح للجوائز، ونتج عن ذلك مظاهر غريبة مثل دخول الأفلام الأجنبية سباق الجوائز العادية، مثلما نجد هذا العام من حصول «روما» على ترشيحى أفضل فيلم وأفضل فيلم أجنبى، أو ترشح فيلم تحريك لجائزتى أفضل فيلم وأفضل فيلم تحريك!
لكن الأمر الإيجابى هو أن هذه التغييرات ضربت فى الصميم أفكارًا عنصرية وجنسية ووطنية وسياسية كثيرة، وجعلت للأوسكار وجهًا كوزموبوليتانيًا ليبراليًا يحمل ألوان الطيف، أو على الأقل بعض ملامح هذا الوجه، الذى يكتسى هذا العام بملامح مكسيكية ومصرية وأفريقية ويابانية.
على أية حال، وبعيدًا عن الجدل المثار حول الأكاديمة وأعضائها والأفلام المرشحة، فيما يلى تقديراتنا للنتائج التى ستعلن مساء الأحد القادم- فجر الاثنين بتوقيتنا.
أفضل فيلم
«روما» هو الأجدر بكل المقاييس، ولو فاز «الكتاب الأخضر» ستكون سقطة جديدة لديموقراطية الأوسكار لا تقل عن السقطة التى أتت بـ«ترامب»!
أفضل إخراج
ألفونسو كوران عن «روما».
هذه جائزة شبه مؤكدة، وغير ذلك لن يكون سقطة، بل جريمة. «كوران» حصل على أوسكار أفضل مخرج منذ بضعة أعوام عن فيلمه «الجاذبية الأرضية».
أفضل ممثلة
«جلين كلوز» عن دورها فى فيلم «الزوجة».
«كلوز» رشحت للجائزة سبع مرات من قبل ولم تحصل عليها، إلا أنها الأقرب للجائزة تقديرًا لمسيرتها الفنية، ولفكرة المرأة المبدعة التى تضطر للعمل «من الباطن» خلف واجهة زوجها، مع أنها فكرة سبق أن رأيناها فى فيلم «عيون كبيرة» منذ عدة أعوام، ورغم أن «الزوجة» ليس فيلمًا عظيمًا، بسبب بعض أخطاء السيناريو والمونتاج وتواضع موهبة مخرجه. ولو أنصفت الأكاديمية فسوف تحصل «أوليفيا كولمان» عن تجسيدها لدور آن ملكة بريطانيا فى فيلم «المفضلة».
أفضل ممثل
«رامى مالك» عن دوره فى «قصيدة بوهيمية».
يلعب «رامى»، المصرى الأصل، شخصية «فريد ميركورى» نجم فريق «كوين» الذى سحرت موسيقاه أجيال. هناك لحظات فى الفيلم ترتبك أمام أداء «مالك» معتقدًا بالفعل أنه «ميركورى». يضاف إلى ذلك الجهد الخرافى الذى بذله من أجل الدور..يعنى موهبة واجتهاد. ماذا تحتاج أكثر من ذلك لتحصل على الأوسكار؟
أفضل ممثلة مساعدة
«ريجينا كينج» عن دورها فى فيلم «لو تكلم شارع بيل؟»
هذا فيلم بسيط مؤثر، مقتبس عن رواية شهيرة للأديب الأسود «جيمس بالدوين»، يدور عن العنصرية وعن شخصية امرأة سوداء قوية ونبيلة الخلق، تلعبها ممثلة كبيرة لم تنل الفرصة من قبل للعب دور بهذا العمق.
أفضل ممثل مساعد
«ماهرشالا على» ممثل أسود أيضًا موهوب وبارع لفت الأنظار منذ عدة أعوام بدوره فى فيلم «مونلايت» الذى فاز بأوسكار أفضل فيلم متفوقًا على «لالا لاند». على يلعب دورًا رائعًا آخر فى «الكتاب الأخضر» هو العنصر الأكثر تميزًا فى الفيلم.
أفضل سيناريو مقتبس عن وسيط آخر
من عجائب الأوسكار أن مخرجا كبيرا بحجم «سبايك لى» لم يرشح أبدًا لأوسكار أفضل مخرج. وفيلمه الأخير ذو العنوان المضحك «بلاكككلانسمان» واحد من أفضل أعماله، ولكن فرصه ضعيفة للفوز بأفضل فيلم أو مخرج، لكن على الأقل سيفوز بأوسكار أفضل سيناريو الذى شارك «سبايك لى» فى كتابته.
أفضل سيناريو مكتوب مباشرة للسينما
«المفضلة» مرشح لعشرة جوائز مثله مثل «روما»، ولكن حظوظه تكاد تنحصر فى التمثيل والملابس والديكور، وبالقطع فى السيناريو الذى كتبته «ديبورا ديفيز» بمساعدة «تونى ماكنمارا»، وهو سيناريو شاق يحتاج إلى سنوات من البحث والتنقيب والصياغة حتى يمكن أن يخرج بهذه الدقة التاريخية والمتعة الفنية مع خفة دم أيضًا.
أفضل تصوير
«روما»
«ألفونسو كوران» مرشح كمنتج ومخرج ومؤلف ومصور ومونتير. ربما لا يحصل «روما» على أوسكار أفضل فيلم للأسباب السابق ذكرها، لكن «كوران» يستحق بالتأكيد أوسكارى أفضل مخرج ومدير تصوير.
أفضل مونتاج
«قصيدة بوهيمية» المبنى على طريقة الفيديو كليب، الذى تتوافق فيه الموسيقى مع الصورة بشكل شديد الروعة، ثم «النائب» الذى يعتمد على سيناريو مبتكر يتنقل بين الأزمنة والواقع التاريخى والخيال القصصى لا يمكن تنفيذه بدون مونتاج خلاق ودقيق، وهو العنصر الأفضل فى هذا الفيلم.
أفضل موسيقى تصويرية
لا يكفى أن تكون الموسيقى التصويرية جميلة، أو معبرة عن المضمون ومكملة له، لكنها يجب أن تعطى للعمل مزاجًا وروحًا، وأن تبقى داخلك بعد مشاهدة الفيلم بأيام، وكل هذا ينطبق على موسيقى فيلم «لو تكلم شارع بيل؟»
أفضل مؤثرات بصرية
«المنتقمون: حرب الأبدية»، فهو عبارة عن مؤثرات خاصة نبت لها فيلم!
أفضل تصميم إنتاج، أو «ديكور»
«المفضلة» و«الفهد الأسود» هما الأكثر حظا، لكن الثانى هو الأرجح.
أفضل تصميم ملابس
«المفضلة»
أفضل مونتاج صوت
«قصيدة بوهيمية»
أفضل مزج صوت
«مولد نجمة» أو «قصيدة بوهيمية»، والثانى الأرجح.
أفضل أغنية
«قصيدة بوهيمية» طبعًا، لكنها قديمة ولا تنطبق عليها الشروط أصلا!! لذلك ستفوز أغنية «شالو» أو «ضحل» غناء الدويتو «ليدى جاجا» و«برادلى كوبر» من فيلم «مولد نجمة».
أفضل فيلم تحريك
كالعادة يتنافس على الجائزة عدد من الأفلام الرائعة، منها «جزيرة الكلاب» للمخرج «ويز أندرسون» صاحب الأفلام الخيالية مثل «فندق بودابست الكبير» و«الرائع مستر فوكس»، لكن العمل الأفضل على مستوى فن التحريك، وأيضًا لفكرته التى تدور حول بطل خارق أسود، هو «سبايدرمان: داخل نسيج العنكبوت».
أفضل فيلم أجنبى
بالنسبة لى «سارقو المتاجر» اليابانى هو الأفضل، ولكن «حرب باردة» قد ترجح كفته بسبب مضمونه السياسى الذى ينتقد الديكتاتورية الشيوعية، وربما يفعلها «روما» أيضًا. المشكلة أن الذى سيعطون «روما» صوتهم كأفضل فيلم غالبًا سيختارون عملاً غيره كأفضل فيلم أجنبى، والعكس بالعكس!
أفضل فيلم وثائقى طويل
«عزف حر» Free Solo أحد إنتاجات «ناشيونال جيوجرافيك» المتميزة حول متسلقى الجبال، عمل كبير فنيًا وممتع للمشاهد. و«RBG» فيلم مهم ومؤثر عن نضال إحدى قاضيات المحكمة الدستورية العليا فى الولايات المتحدة الأمريكية. شىء محير!
أفضل فيلم وثائقى قصير
الفيلم الهندى «نقطة. انتهت الجملة» للمخرجة الشابة رايقا زيتابشى، الذى يتناول حياة الفتيات العاملات غير المتعلمات فى إحدى القرى الهندية.
أفضل فيلم روائى قصير
«مارجريت» للمخرجة الكندية ماريان فيرلى عن العلاقة التى تنشأ بين امرأة مسنة وخادمتها، ليس فقط لقصته الإنسانية، ولكن لطموحه الفنى الذى يجعل من كل لقطة لوحة زيتية على أسلوب فان جوخ.
أفضل فيلم تحريك قصير
«بوا» من إنتاج بيكسار وإخراج اليابانية الأصل دومى شى عبارة عن تحفة فنية!