الأحد 25 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد امبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد امبابي
سنوات "المهمة المستحيلة"!

سنوات "المهمة المستحيلة"!


بين ثلاث مراحل [أعقبت أحداث 25 يناير من العام 2011م]؛ يُمكننا – بكثيرٍ من الجزم، والحسم أيضًا – أن نضع مزيدًا من نقاط (ما جرى ببر مصر) فوق حروف ما يُمكن أن نطلق عليه، بارتياح شديد: [سنوات المهمة المستحيلة].

فعلى  أرض الواقع، كانت تدور الأزمات (المجتمعية، والاقتصادية) فى مصر، حول خمسة محاور.. ومع صعود «الإخوان» لسُدَّة الحُكم أُضيفت أزمة الهوية (إذ كنا أمام مشروع يُعادى – تمامًا – مبادئ الدولة الوطنية).. ومع سقوط حُكم الجماعة، كان أن وصلت المحاور التى يجب أن يتحرك عبرها [كل من يتجاسر ويقترب من زمام إدارة الدولة] إلى نحو 10 محاور (سياسية خارجية.. وداخلية.. واقتصادية.. واجتماعية، أيضًا).



كانت الأزمات [المتوارثة]:

(أ)- احتكارية عوائد النمو الاقتصادى

(ب)- زيادة عجز الموازنة

(ج)- التأقلم مع منظومة الفساد

(د)- ارتفاع نسبة البطالة

(هـ)- زيادة معدلات الفقر

.. وهى أزمات تكفى (فى حد ذاتها) لغل يد كل من يسعى لتجاوز إرث سنوات الماضى (تنمويًا، واجتماعيًا، وسياسيًا).. ومع ذلك.. كان أن تمخض عام [ما بعد أحداث يناير]، عن إضافة تحدٍ جديد أمام «الدولة المصرية» (التى كانت تُعانى – من حيث الأصل - تراجعًا نسبيًا بفعل ما أحدثته الوقائع من اهتزازات داخلية).. إذ أسفر العام 2012م، عن صعود جماعة الإخوان (الإرهابية) إلى سُدة الحكم.

.. وهى جماعة، بحكم طبيعة تكوينها (التنظيمي، والعقائدي) تقف فى موضع «الخصم» من مرتكزات «الدولة الوطنية» بمفهومها المعاصر؛ إذ تتراجع مرتكزات الدولة الوطنية (داخل الجماعة) فى مقابل التمسك بمعتقدات غير عصرية (دولة الخلافة نموذجًا).. وبالتالي.. فإنَّ جُل أبناء التيار ينطلقون فى فهمهم لنموذج «الدولة الحديثة» (بحدودها الجغرافية، المُتعارف عليها) من أنها حدود مصطنعة، تُجافى مقتضيات السياسة الشرعية(!)
 

 
والغريب فى الأمر.. أنَّ هذا النموذج (المتكلس عند صفحات الماضي) من المفترض أن يكون نموذجًا [عدائيًا] وعلى النقيض من السياسات الغربية بالمنطقة.. إلا أن [الواقع] كان على خلاف هذا الأمر تمامًا(!).. إذ أسهمت السياسات الغربية (الأمريكية على وجه الخصوص) فى أن تدفع بهذا التيار دفعًا إلى سدة الحكم (لا فى مصر فحسب، بل فى عديدٍ من البلدان العربية الأخرى)، فى سياق برامج [توظيفية]، كانت تستهدف:

(1)- أن تعمل تلك التيارات كعنصر جذب لـ«عناصر التطرف» من العمقين (الأمريكى والأوروبي).

(2)- وضع التيار الدينى على [خط تماس مباشر] مع الكيان الصهيونى المحتل (إسرائيل).

(3)- الاستفادة من التيار الدينى «السُّني» (على العكس من التيار القومي) فى تأسيس كيانات عسكرية تقف على خط المواجهة مع «القوى الشيعية» بالمنطقة (فى سياق سيناريو محتمل لحرب إقليمية مذهبية).

كما كانت ركيزة القوى الغربية فى هذا، دولتي: تركيا (الإردوغانية)، وقطر.. إذ كان لكل منهما دور (مرسوم غربيًا) فى بلورة صعود التيار إقليميًا، واحتضان تحركاته التنظيمية (على نطاق واسع).. لذلك.. عندما سقط حكم الجماعة فى 3 يوليو من العام 2013م، كان أن شكل الثلاثى (تركيا/ قطر/ تنظيم الإخوان الدولي) أحد محاور المواجهة مع الدولة المصرية.



خلال العام الذى حكم خلاله الإخوان بالفعل، كان أن تقاطر عديدٌ من عناصر التطرف والإرهاب على الداخل المصرى (راجع الهدف الأول من برنامج تصعيد التيار).. وهو ما مثل أول التحديات [الطارئة] والمُستحدثة أمام الدولة المصرية.. إذ تحول كل من ارتبط ببرنامج تصعيد «تيار الإسلام السياسي» للسلطة إلى خصوم مباشرين للدولة المصرية (التى أجهضت المشروع) من حيث الأصل.

.. وكانت التحديات الجديدة:

(أ)- تزايد أعمال العنف والإرهاب (شرقًا وغربًا).

(ب)- عداء أمريكى مُعلن من قبل إدارة أوباما (صاحبة مشروع التصعيد).

(ج)- عداء أوروبى من شركاء واشنطن.

(د)- تحالف ثلاثى لدعم الإرهاب تجاه الدولة المصرية (قطري/ تركي/ إخواني).

(هـ)- امتداد تأثير الدعاية الغربية المضادة لمشروع [دولة 30 يونيو] إلى العمق الإفريقى (الاتحاد الإفريقى نموذجًا).


 
واقعيًا.. ورثت دولة 30 يونيو (بقيادة عبد الفتاح السيسي) أزمات ما قبل يناير وما بعد عزل الإخوان (مُجتمعة).. وكان عليها أن تتحرك سريعًا لدعم واستعادة الثقة مرة لمفهوم «الدولة الوطنية»، بالقدر نفسه الذى تتحرك من خلاله لدعم المشاريع التنموية، والقومية العملاقة؛ لتحسين الأوضاع المالية والاقتصادية والاستثمارية، والقضاء على الفقر (ببرامج حمائية للطبقات الأكثر احتياجًا)، وتقليص نسبة البطالة.

وفوق هذا وذاك.. كان عليها أن تتحرك [على المستوى العالمي] لإعادة تمركزها دوليًا، فى مواجهة ضغوط (أمريكية وغربية)، ومؤامرات الثلاثى (قطر/ تركيا/ الإخوان) الداعمة للإرهاب.. وأن تُحصن دوائر أمنها القومى الثلاث: (الدائرة العربية/ الدائرة الإسلامية/ الدائرة الإفريقية).

وبمزيد من القطع.. لنا أن نعتبر أن تسلم مصر لرئاسة «الاتحاد الإفريقي» خلال القمة الإفريقية بالعاصمة الإثيوبية (أديس أبابا)، يُمثل – فى حد ذاته - المحطة العاشرة من سنوات «المهمة المستحيلة» لدولة 30 يونيو.. إذ نجحت «الدولة المصرية» فى استعادة القارة السمراء إليها من جديد.. لكن.. لم يزل – يقينًا - فى جعبة «الدولة الوطنية» (المصرية) الكثير، لتفعله.