
طارق مرسي
من يحمى السيد البدوى؟
رغم الطفرة التى تشهدها الصناعات المهمة فى مصر بعد ثورة 30 يونيو واسترداد عافيتها من جديد، بعد إعادة ترتيب الأوضاع والقراءة الواعية لخارطة المستقبل، فإن صناعة الدراما مازالت تعانى من أزمات تؤثر على استقرارها ونموها ويتضح هذا إذا تأملنا عدد الأعمال المنتجة فى 2019 مقارنة بالسنوات الماضية.
فبعد رواج استثنائى عقب ثورة استرداد الوطن من أيدى الإرهابيين المأجورين، وفتاواهم المقيدة للإبداع والحياة، سجل مؤشر الصناعات الدرامية ارتفاعًا غير مسبوق فى كم الأعمال المنتجة أسفر عن ظهور نجوم جدد لكن هذا التقدم سرعان ما تجمد، ولعل من أبرز الضربات الموجهة لصناعة الدراما هو عدم وفاء بعض القنوات الفضائية بالتزاماتها المادية للشركات المنتجة للدراما المصرية لدرجة أثرت على خطط وطموحات هذه الشركات.
لعل أبرزها شركة «كنج توت» التى يملكها المنتج «محمد شعبان» وكشفت روزاليوسف فى عددين سابقين ملف أحد أطراف الأزمة، وهو رجل الأعمال السيد البدوى والتى ظهرت على السطح بعد بيعه لقناة الحياة وخروجه من السباق الفضائى متنازلا بعد تراكم ديونه عن علامته التجارية وسقوطه من المشهد الإعلامى نهائيا، ولكنه ترك خلفه عشرات القضايا والأحكام القضائية ضده بالحبس والغرامة.
لم تكن «كنج توت» وحدها هى ضحية استهتار وخداع السيد البدوى، بل حسبما كشفت الزميلة «هبة محمد علي» فى تحقيقين متتاليين حجم حقوق شركات كبيرة مثل شركة محمد فوزى التى تدين «البدوي» بـ 100 مليون جنيه قيمة عرضه أعمالاً من إنتاجها ، إلى جانب مجموعة العدل جروب التى تطارد البدوى للحصول على متأخرات لها بلغت 22 مليون جنيه لحساب المنتج جمال العدل إلى جانب مديونية تبلغ 6 ملايين جنيه للمنتج سالم الصباح، أى أن إجمالى مديونية السيد البدوى لصناع الدراما الأبرز فى الوطن العربى بلغت حوالى 140 مليون جنيه بخلاف ملايين الجنيهات المقررة كغرامة عليه والمستحقة للدولة! ووجود أحكام قضائية نهائية بالحبس والسجن مازالت الأزمات معلقة.
والسؤال المطروح هنا: ماذا تنتظر الجهات المسئولة لتنفيذ الأحكام القضائية لحصول أصحاب هذه الشركات على حقوقهم، فضلا عن الاستفادة من الغرامات القضائية الموقعة على «السيد البدوي» والتى بلغت أكثر من مليون ونصف المليون جنيه.. ولمصلحة من إهدار المال العام بسبب عدم تنفيذ هذه الأحكام النهائية.. ومن يحمى السيد البدوى لكى يكون حرًا طليقًا، بينما الشركات تغلى من أجل الحصول على حقوقها مقابل إصدار شيكات بنكية دون أن يقابلها رصيد وموقع عليها على نحو يحول دون صرفها فى قضايا تزوير واضح.
إن ملف «السيد البدوي» منذ ظهوره فى المشهد الإعلامى ملىء بقضايا شيكات بدون رصيد ومنها قضيته الشهيرة مع اتحاد الكرة مقابل إذاعة مباريات الدورى العام وإصداره «شيكات بـ 80 مليون جنيه» بنفس الحيل ووسائل الخداع التى اتبعها مع شركات الإنتاج، ورفض البنك صرفها لعدم تطابق التوقيع، وبعد صدور حكم بحبسه 3 سنوات تصالح مع اتحاد الكرة وخرج من القضية.. وتكرر نفس المشهد أيضا فى أزمة قطع البث الشهيرة من مدينة الإنتاج الإعلامى على قناته لتأخره فى سداد مستحقات البث فى واقعة تحدث لأول مرة، إلى جانب ديونه فى حزب الوفد فترة رئاسته وهى الأكبر فى تاريخ الحزب العريق.. أما آخر أزماته، اتهامه بالاحتيال والاستيلاء علي أموال من شركة «إم جروب» التى يملكها معتز حسام الدين وصدور حكم بحبسه 3 سنوات فى 27 يناير الماضى فى محكمة جنح6 أكتوبر.
وأخيرا فإن مصر فى عهد إعادة بناء الدولة والقضاء على المفسدين فى الأرض لابد من وقفة حتى لا يسُحب البساط من صناع الدراما المصرية الرائدة، ولهذا على المسئولين تنفيذ الأحكام الفضائية النهائية وإعطاء كل ذى حق حقه.