الأربعاء 16 يوليو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
لماذا أصبحت كرة القدم مصدر السعادة للمصريين ؟

لماذا أصبحت كرة القدم مصدر السعادة للمصريين ؟


تأكدت بما لايدع هناك أدنى مجال للشك، أن كرة القدم ونجومها أصبحوا من أهم مصادر السعادة والبهجة لعموم الشعب المصرى، حدث هذا عقب تتويج نجمنا العالمى «محمد صلاح» بجائزة أفضل لاعب أفريقى للمرة الثانية على التوالى، وتجلى بوضوح فى اهتمام الكبير قبل الصغير والشباب والشابات بمتابعة الفضائيات وهى تنقل حفل اختيار «صلاح» لنيل لقب المسابقة.. وسبحان مغير الأحوال، فزمان وتحديدًا فى أوقات وأزمنة سابقة كانت الأسر المصرية ترفض اقتران بناتها برجل يلعب كرة القدم، فهى ترى من وجهة نظرها أنه بدون مستقبل ولا يستطيع أن يفتح «بيت» لأن عمله غير مضمون ولا يعد مهنة تفتح بيت، أما اليوم فلاعب كرة القدم يتزوج من ملكات جمال، ويملك سكنًا فى أرقى المنتجعات، وسيارة أحدث موديل ورصيدًا محترمًا فى البنك، ولديه أكثر من مشروع تجارى يؤمن به مستقبله ومستقبل أسرته «كمان» حين يعتزل، بل إن بعضهم أصبح خبيرًا فى التعامل مع سوق الأوراق المالية «البورصة»، التغيير الذى حدث فى المجتمع المصرى وجعل من لاعب الكرة نجم النجوم وصاحب المال والمشاريع، سببه الخضوع لنظرية العرض والطلب التى تُدّرس فى علم الاقتصاد، بعد أن أصبحت هذه الرياضة تدر الكثير من الأموال سواء للاعبين أو للأندية، من خلال متابعة الجماهير لها ولهاث شركات الدعاية والإعلان خلف نجومها، مما أدى إلى ارتفاع حقوق البث لهذه اللعبة والتى عاد جزء منها بالطبع على اللاعبين.. ونظرًا لما تعانيه منطقتنا العربية بما فيها مصر من مشاكل سواء كانت سياسية أو اقتصادية أو حتى اجتماعية، كان لابد وأن يكون هناك متنفس لشعوب منطقتنا، لنبتعد ولو قليلًا عن هذه المشاكل والأزمات، وهو ما تجسد فى هذه الساحرة المستديرة، التى أصبحت مصدرًا من مصادر السعادة «ويمكن أن نقول من أهمها» لمتابعيها فى مصر ومنطقتنا العربية، وأصبح لاعبوها هم نجوم الشباك الجدد الذين يدرون الأموال على من ينتمى أو يشارك فى هذه الصناعة، ولذلك لم يكن غريبًا أن تتعدى شهرتهم ونجوميتهم نجومية العلماء والأطباء والأدباء بل وكبار السياسيين الذين غابوا عن الوعى، ولم يعد لهم أو لأحزابهم أى تأثير يذكر على الشعب الذى من المفترض أن يمثلوه ويعبروا عنه، فأصبح لاعب الكرة وبقدرة قادر سبب البسمة والفرحة، التى تم حرمانهم منها من جراء الضيق والهم الذى سكن نفوسهم، لتتابع الموجات المتلاحقة لارتفاع الأسعار التى كوت قلوبهم قبل جيوبهم، وتفشى البطالة بين شباب أغلب الأسر المصرية، نتيجة لرد فعل طبيعى لسياسة تعليم لاتلبى الاحتياجات الضرورية لسوق العمل فى مصر، مما جعل عددًا كبيرا من أبنائنا يفضل عدم الذهاب للمدرسة أصلا التى لن تضيف له شيئًا، وخوفًا من قص الشعر وحملات الضرب والتوبيخ التى تتم على يد البعض من المدرسين، الذين ليس لهم أدنى علاقة بالعلم أو بالتعليم، أو حتى بالتربية، ناهيك عن الغياب التام لكافة أنواع القوى الناعمة التى كان بإمكانها اجتذاب الشباب إليها، فالكتاب اندثر ولم يعد له تأثير، والمسرح ذهب مع الريح وتذكرته لم تعد فى متناول الجميع، وتذكرة السينما اختفت قاعاتها بفعل فاعل، وبيوت الثقافة تم غلقها بالضبة والمفتاح ولم يعد يرتادها سوى العاملين فيها، حتى مراكز الشباب التى أقيمت فى وقت من الأوقات لامتصاص طاقات وقدرات شباب الأسر الغلابة لم يعد لها وجود إلا لمن يدفع، وتعدى الاشتراك فى بعضها الـ35 ألف جنيه بالتمام والكمال، أما البعض الآخر منها فقد أصبحت ملاعبه مرعى للحيوانات، ولم يعد لها وجود سوى اللافتة التى تؤكد أن فى هذا المكان كان يوجد مركز شباب، من أجل كل هذا وذاك وغيره كثير، لم يعد الغالبية العظمى من المصريين يجدون شيئا يوحدهم ويدخل فى نفوسهم البهجة والسعادة سوى كرة القدم، وأصبح لاعبوها هم وحدهم ولا أحد سواهم يستطيع أن يجعلهم سعداء حتى ولو للحظة، لحين انتهاء المباراة وما يعقبها من مظاهر فرح، وعد صلاح وتريزجيه وكهربا وحجازى وصبحى وعبدالله وحامد والننى وغيرهم هم القدوة والمثل الأعلى لهم ولغيرهم من شباب مصر، بعد أن تغيرت الحسابات والموازين، وأصبح المال هو السبيل الوحيد لتحقيق الآمال والفرح والسعادة، فى زمن عز فيه الفرح وندرت السعادة، ولم يعد الطبيب أو المهندس والمحامى والعالم والعالمة والموظف خريج الجامعة هم «الآملة»، فجميعهم اكتوى بنار الغلاء والأسعار واضطراب ظروف العيشة والمعيشة، لهذا أوجه نصيحة لكل رب أسرة: بضرورة ألا يخجل من اقتران ابنته بلاعب كرة، فمن خلاله سيضمن أن تعيش ابنته فى سعادة وراحة بال، وسيوفر على نفسه معاناة مساعدتها أول كل شهر، وسيضمن لها ولأحفاده حياة هنية وسعيدة.. بفضل كرة القدم ونجومها.