الأربعاء 16 يوليو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
فضائيات إشعال الفتن ونشر الجهل.. متى تتوقف؟

فضائيات إشعال الفتن ونشر الجهل.. متى تتوقف؟


رغم التقدم العلمى والتكنولوجى، ما زال يعيش بيننا مَن يسعى جاهدًا لنشر الجهل.. لا يتورع هؤلاء عن نشر الحيرة والشك والخداع بين الناس، كهدف أساسى لتصدير الفتن.
لذلك لا تكلّ ولا تملّ وسائل الإعلام التى يطل منها هؤلاء من أداء رسالتها التى لأجلها أقامها أصحابها، إذ تعتمد على منهج عدم إجلاء الحقيقة لأفراد المجتمع، مُعتمدة فى ذلك على بعض طرق وأساليب التضليل لتصديرها لأفراد المجتمع، ومن ثم إعادة توجيهه مرة أخرى بما يخدم مصالح البعض.. وبالمرة يخدمون أنفسهم مستعينين فى ذلك بالبعض من محدودى الهامات والقدرات وممّن خانوا ضمائرهم ومهنيتهم، أو بمَن غابت عنهم الشهرة والأضواء، أو مَن ينشدونها.
وفى سبيل أداء هذا الدور ليس هناك ما يمنع من تحقير أو تسفيه كل مختلف أو صاحب رأى مُعارض، لا يتفق رأيه أو فكره مع صاحب المصلحة، وهو الأمر الذى يخلق المزيد من العداوات بين أفراد المجتمع، ويعد من وسائل اللعب بالنار، فوقتها سيعانى المجتمع من فكرة الانقسام والتصنيف بين أفراده، هذه هى الجريمة أو الخطأ المهنى التى تتبعها الآن بعض الفضائيات فى برامجها التى تستعين فيها بمَن لا يملك عِلمًا أو فكرًا، أو صاحب رأى جل ما يطرحه يتسم بالغلو والتطرف وعدم المسئولية، مُصَدّرين بذلك الجهل فى أسمى معانيه (لو جاز لى القول)، متبعين فى ذلك نفس المنهج الذى سبق واتبعته الجماعة الإرهابية إياها، عندما تولت مقاليد الأمور فى بلدنا فى غفلة من الزمن، إذ اعتمدوا على محاباة هذا وإبعاد ذاك، وأصبحت المحسوبية وأصحاب الثقة والملتحون والموالون دليلهم ومرشدهم فى التعيين بالمؤسسات والوزارات، ولكن بحمد الله استطاع الشعب المصرى العظيم إدراك هذه الأساليب الملتوية مبكرًا، التى حاول هؤلاء أن يُلبسوها ثوب الدين الإسلامى الحنيف، ذلك الدين السمح الذى أسهموا فى تشويه قيَمه النبيلة، بإشعال روح الكراهية والفتنة بين أفراده، ساعدهم فى ذلك – للأسف - نظام تعليم عقيم تتسم به مناهجنا وبرامجنا فى المدارس والجامعات، إذ تم تغييب العقل، ولم يبقَ أمام أجيالنا سوى التلقين، رغم ما فى العديد منه من قيم وأفكار مغلوطة، فصدّرنا بأنفسنا، وبإرادتنا الحرة، الجهلَ، ولا شىء سواه لمَن سيأتى بعدنا، وهذا ما جعل الرئيس السيسى شخصيًا يطالب بضرورة إصلاح منظومة التعليم وتحديث مناهجه حتى تتواكب مع العالم المحيط بنا، وبالأخص منه المناهج الدينية وما تضمه من دروس تحض على الجهاد ولا تعترف بالآخر، بل وتحقّره وتطالب بعدم مصافحته، هذا بخلاف ما تحويه من بدَع وفتاوى، مثل رضاع الكبير، وجواز نكاح الموتى، وشرب بول الإبل، وتحريم ملامسة المرأة بعض أنواع الخضروات والفاكهة، مثل الموز والخيار والجزر، بدعوى أنها قد تؤدى إلى إغوائهن! وفتاوى تحريم أكل الأرانب لأنها تحيض، وغيرها من البدع، ولهذا لم يعُد مستغربًا لى أو لغيرى أن يتصدى للفتوى كل مَن هَب ودَب ليحرّم ويحلّ وفق هواه، وهذا ما أنتج فى مجتمعنا العربى الجماعة إياها، وغيرها من الجماعات الإرهابية التى تقتل وتنهب وتسرق باسم الدين، والتى بدورها أسهمت بقدر كبير فى انغلاق عقول البعض وظلامها، ولذا وُجد بيننا مَن يطالب بتفعيل قانون مثل ازدراء الأديان، والذى بموجبه يتم سجن أى صاحب رأى يعتقد البعض أنه ضد الدين الإسلامى، وسنجد أيضًا فى إعلامنا مَن يستضيف البعض من هؤلاء ليُشَرعن ويقنن احتقار الآخر، بل جواز سفك دمه أو حتى السلام عليه، وسنجد أيضًا مَن يخرج علينا مقتحمًا منازلنا، مرة قاذفًا وأخرى شاكيًا، ثم مهددًا دون أن يتصدى له أحد بحكم أنه يدّعى أنه مسنود، وسنجد أيضًا مَن يُسمح له بالظهور عبر الشاشات ليطالب بمحاكمة الأديب العالمى الراحل (نجيب محفوظ) لأن ما يسطره يتنسم منه الدعوة للفسق والدعارة!، أو من يقول بأن مصر قررت بيع قناة السويس أو أهرامات الجيزة من خلال هذه الشاشات، ما دام لا يوجد بيننا مَن يحاسب على هذه الأفعال، للأسف هؤلاء هم من يقولون عنهم «النُخَب» المسموح لهم بالإطلال علينا، ومطلوب منا أن نصدقهم، متناسين أن المصريين أذكى بكثير مما يقدمونه، علمًا بأن البعض من ضعاف العقول يصدقهم، لاعتقادهم أن ما يرونه ويشاهدونه ويسمعونه على يد مُدَّعى المعرفة الساعين خلف الشهرة والمجد هو الحقيقة.. بالمناسبة، ناشرو الجهل ومُصدّروه من أمثال هؤلاء لا يُشترط حصولهم على شهادة أو درجة علمية، فمن الممكن جدًا أن نجد أشخاصًا يحملون أعلى الدرجات العلمية، ولكنهم يعانون من الجهل الذى تمكن من عقولهم وسكن فيها، أمثال هؤلاء انتشروا فى مجتمعنا مؤخرًا، وتغلغلوا فى كل مؤسساته، وأصبح خطرهم شديدًا إذا لم تتم مواجهتهم، ولهذا أقول بملء الفم إن الفتن والجهل لم ولن تختفى من حياتنا ما دام هؤلاء يتصدرون المشهد فى مجتمعنا.