
محمد جمال الدين
حتى فى الرياضة يحكمها السواد!!
تعلمنا كما تعلم غيرنا أن على من يتصدى للعمل الإعلامى أن ينتهج مبدأ الحياد، وعدم تأييد طرف على حساب الآخر، ولكن ما أراه خلال الآونة الأخيرة وتحديدًا فى قناة الجزيرة الرياضة (بين سبورت) بعيد كل البعد عن هذا المبدأ، بل إنه يدعو إلى التطرف وزرع الفتن بين جماهير المشاهدين، وتحديدًا فى المباريات التى تضم منتخبات أو أندية عربية، وهو الأمر الذى يؤكد عدم مهنية هذه القناة التى احتكرت بقدرة قادر وعن طريق أموالها جميع البطولات العالمية أو القارية فى منطقة الشرق الأوسط، (مثلما حصلت على حق تنظيم بطولة كأس العالم بالمال أيضًا)، وهذا ما تجلى بوضوح فى اللقاء الأخير بين مصر وتونس، الذى تلى لقاء الأهلى المصرى مع الترجى التونسى،حيث اعتاد القائمون على هذه القناة إسناد مهمة التعليق على المباريات التى يكون طرفاها عربيين إلى معلقين من جنسية البلدين المشاركين فى المباراة، بحيث ينبرى كل طرف إلى منتخب بلده ليقول من خلال الميكروفون ما يحلو له بداية من تمجيد فريقه فى الوقت الذى لا ينسى فيه الإساءة والتقليل من شأن الفريق الآخر فيساهم بقصد وتعمد إلى إذكاء روح التعصب وتقليب جماهير الفريقين وبالتالى الشعوب على بعضها البعض، لهذا تعجبت من المعلق التونسى (رؤف خليف) الذى كنت أعتبره من أهم المعلقين الرياضيين العرب، والذى فضلت الاستماع إليه عن المعلق المصرى ( أحمد الطيب ) الذى صدعنا من خلال الميكروفون فى سرد قصص وحكايات وتحليلات ليس لها أدنى علاقة بالمباراة التى نراها على الشاشة، وجدت (خليف) معلقًا متعصبًا لمنتخب بلاده، لا يرى سوى أخطاء المنتخب المصرى، بل ويخالف ما نراه بأعيننا من استفزازات وأمور ليست لها علاقة بالرياضة لمجرد أنها لا تصب فى مصلحة فريقه، أيضًا لم يغفل (خليف) تذكيرنا بأن مصر لم تستطع الفوز على تونس رسميًا طوال ستة عشر عامًا، وأن منتخب بلاده له اليد العليا فى عدد الانتصارات وأن مدرب مصر قام بفعل حركة مسيئة وأن وأن... متناسيًا الاعتداء على أتوبيس فريق الأهلى قبل مباراة الترجى فى (رادس ) وإصابة اللاعب (هشام محمد) قبل بداية المباراة والهتافات والجو العدائى الذى تعانى منه المنتخبات والفرق المصرية عندما تتقابل مع الفرق التونسية، هنا أود أن أؤكد أن الذنب ليس ذنب خليف أو من يماثله، وإنما هو ذنب القناة التى تناست رسالتها المهنية قبل الإعلامية، حيث يرى القائمون عليها أو حتى يعتقدون أن الفرق المصرية من أعدى أعدائها ويجب التصدى لها، فقرروا بينهم وبين أنفسهم تفعيل هذا الاختراع غير المهنى لمحاربة مصر وفرقها، حتى ولو كان الأمر عن طريق الرياضة، التى من المفترض فيها أن ترتقى بالنفوس وتهذبها، فجعلت من التعصب وعدم الحيادية الوسيلة المثلى التى تشعل روح العداوة والطعن والهمز واللمز للنيل من شعب لا يستطيعون بأموالهم أن يصلوا أو حتى يقتربوا ولو قليلاً من مستواه الثقافى أو الحضارى أو العلمى أو حتى البشرى، اعتقادًا منهم أن هذا الأسلوب وليس هناك غيره ما سيحقق لهم الريادة أو وهم الزعامة التى لم ولن ينالوها قط، لأنهم أولًا وأخيرًا ليسوا سوى دويلة صغيرة تعتمد على شراء العبد وليس تربيته، ولذلك أقول وأؤكد أن المهنية لن يعرفوا طريقها ولن تدق يومًا على بابهم المفتوح فقط لمن يساندهم ويجعلهم يعتقدون أنهم دولة وليست دويلة.