الخميس 24 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
ثـورة الملـح»!

ثـورة الملـح»!


شهدت ثورة 25 يناير منذ اندلاعها تمرد شباب الأقباط.. وانطلاقهم خارج أسوار الكنيسة ليلتحموا بالقوى الثائرة ويشاركوا فى تغيير وجه مصر ومصيرها لتحقيق الكرامة والحرية والعدالة الاجتماعية والإصلاح الاقتصادى والسياسى دونما الامتثال إلى الحكمة البالية التى تدعو إلى عدم الثورة ضد الحاكم الظالم انتظارا لعدالة السماء، وهو ادعاء يتناقض مع أن المسيح نفسه كان ثائرا عظيما سعى إلى نسف التقاليد والطقوس والتعاليم القديمة.. وشرائع اليهود والتى من شأنها أن تقيم الحواجز بين الإنسان وأخيه الإنسان.

 
 
 
 
 
 
 لقد رفض شباب الأقباط أن يكونوا طائفة دينية أو مجرد رعايا بمفهوم الدولة الدينية، ورفضوا الوصاية السياسية باسم الدين وانتبهوا إلى عمق المهانة التى سوف تلحق بهم إن هم تخلوا عن مبدأ المواطنة من أجل الانتصار لطائفية بغيضة تفرض فيها الكنيسة العزلة الإجبارية عليهم وتمنعهم من المشاركة الإيجابية فى الحياة الاجتماعية والسياسية للوطن.. وفطنوا إلى فداحة أن يتم وصمهم بالخيانة إذا ما انفصلوا عن ثورة الشعب التى تعنى ثورة المسيحيين والمسلمين من أجل إقامة دولة مدنية تختفى فيها الشعارات الدينية.. والتمييز الدينى.. فيد (المصرى) فى يد (المصرى) والوطن واحد.. والامتزاج حتمى.. لأن الهم واحد والمشاكل مشتركة.. وحقوق الأقباط هى حقوق المصريين.
وقد كان فى تمرد شباب الأقباط ضد محاولة منعهم من الانطلاق إلى الميدان مع إخوانهم المسلمين هو نقطة التحول التى تؤكد حتمية التغيير التى لابد أن تمتد من التحرير إلى العباسية.. ومن ثم فقد استلهم المقهورون روح الثورة واندفعوا للاعتداء على الأنبا (بولا) المسئول عن ملفات الأحوال الشخصية مطالبين بإعادة العمل بلائحة (38) وحل مشاكل الآلاف الحاصلين على أحكام نهائية بالطلاق.. ولا يستطيعون الحصول على تصريح زواج ثان من الكنيسة.
لقد تغيرت الدنيا إذا.. وأصحاب المظالم عرفوا طريق الاحتجاج.. والخانعون تحولوا من محتمين بأسوار الكاتدرائية إلى محتجين ضدها.. والأيدى التى كانت تمتد بخشوع لتقبيل أياديهم المباركة أصبحت تلوح لهم بغضب وتطاردهم باللعنات.. لكن الأنبا ومعه بعض الكهنة أطلقوا على الأعداء ( الكلاب) البوليسية الشرسة.. وهى أسوأ ممارسة تمت فى تاريخ الكنيسة القبطية ضد أبنائها لأنها تكشف فى النهاية عن تمزق أقنعة الوداعة والرحمة التى تغطى وجوه المعتدين لتحقيق هيبة ونفوذ وسطوة زائفة.
لذلك فقد كان السؤال المطروح بعد وفاة البابا (شنودة) ومجىء البابا (تواضروس) ليجلس على الكرسى المقدس.. ما هو المطلوب منه ليقود سفينة الأقباط وسط أمواج عاتية وأحداث صاخبة وأنواء عاصفة ومناخ طائفى.. وماهى طبيعة الملفات الشائكة التى تنتظره !!
 كتبت كثيرا فى هذا الشأن متصورا أن قضية (المواطنة والطائفية) هى أول التحديات التى يجب عليه أن يتصدى لها بشجاعة ووعى وذكاء.. فينبغى عليه أن يعلى من شأن (المواطنة) فوق (الطائفية).. فيتحدث إلى الدعية باعتباره أبا روحيا لا زعيما سياسيا.. راعيا دينيا لا مسئولاً عن توجهاتهم السياسية أو الفكرية أو الاجتماعية ، فلا يصبح المتحدث باسمهم أو المفاوض من أجلهم أو المناور فى المنابر السياسية لتحقيق مآربهم.. أو الداعى إلى تجميعهم فى (جيتو) يعزلهم عن المجتمع ويرسى دعائم الدولة الدينية.. ويحرمهم من حقهم الإنسانى فى الاختلاف معه فى آرائه ومعتقداته.. أو أسلوبه للدفاع عن حقوقهم المهضومة دون أن يشملهم غضبه أو عقابه.. فلم يعد قانون (السمع والطاعة) هو الطريقة أو الوسيلة المناسبة لمعالجة الأمور.
وقد كان.. لم يخذل الأنبا (تواضروس) أفكارنا وتصوراتنا وأحلامنا.. فقد صرح للصحافة فى اليوم التالى مباشرة لإعلان نتيجة القرعة الهيكلية عدة تصريحات مهمة بشأن اتخاذ القرارات داخل المجمع المقدس بشكل ديمقراطى وجماعى وأوضح أنه يفتح بابه لكل الناس ولجماعة العلمانيين المعارضين لسياسات البابا شنودة الذين سبق أن أطلق عليهم اسم (الهاموش).. لكن الأنبا تواضروس أكد أنهم أبناء الكنيسة ويجب التواصل معهم حتى وإن اختلفت الآراء.. فالأب لا يترك ابنه المختلف معه، بل يقترب منه أكثر.. وأجاب بلباقة عن سؤال وجه إليه من صحفى عن كيفية التعامل مع التيارات السياسية الإسلامية خاصة بعد أن رفض بعضها تقديم تهنئة له بمناسبة جلوسه على الكرسى المقدس. فأكد أن قلبه مفتوح لكل مصرى وأنه يحمل المحبة لكل البشر دون استثناء حتى من أخطأ فى حقه.. وأنه سوف يسعى للتعاون مع كل التيارات بما فيها حزب (الحرية والعدالة).
أما أهم ما جاء فى تصريحات الباب الجديد.. ومن ثم ما طبقه من هذه التصريحات على أرض الواقع.. أن الكنيسة لن يكون لها دور سياسى.. فثورة 25 يناير قد أطلقت العنان والحرية لطاقات وأفكار الشباب المصرى القبطى والمسلم.. فالشباب القبطى الآن ينضم للحركات السياسية والأحزاب.. ويتوجه بمطالبه للدولة وليس للكنيسة.. ومن ثم فقد طالب الشباب بالاندماج فى أنشطة الجامعات والمدارس وعدم الانعزال داخل الكنائس (تحقيقا للنص الكتابى) أنتم ملح الأرض.. أنتم نور العالم.. فحتى يؤدى الملح دوره لابد أن يذوب.. ويتفاعل ويقوم بدوره الإيجابى فى المجتمع.. وهو دور ينبغى أن يكون وطنيا لا طائفيا.
 
 
 
 
العارف بالله.. عبدالرحمن العريفى
 
 
 
 
 
 
 
وسط أكوام من فتاوى التخريف التى لا تتوقف ودعاوى التكفير والتخوين التى لا تنقطع يخرج العالم السعودى الجليل د.عبدالرحمن العريفى من أطهر بقاع الأرض ليتحدث عن «مصر»، قلب العالم وأم الدنيا وعن عبقرية موقعها ودورها وحضارتها التى لن ينطفئ نورها ولو كره المتطرفون والمفسدون.
خطبة العارف بالله عبدالرحمن العريفى درس مجانى لمشايخ التطرف ودعاة الفتنة والترويع الذين ملاؤا الشاشات الفضائية صخبًا وتخصصوا فى نشر الذعر بين الناس بأحاديثهم المغلوطة وعقولهم المريضة.. وحسنا فعل الإمام الأكبر الشيخ أحمد الطيب شيخ الأزهر بدعوته لزيارة «أرض الكنانة».. تحدث «العريفى» عن جغرافيا وتاريخ مصر على المستوى الإسلامى والجغرافى والدور المصرى الذى لا يتوقف على مر العصور والأزمان عن بلد الأنبياء والرسل ومهبط كل  الأديان السماوية وأبناء هذا البلد الأمين أحفاد رسول الله والصحابة الذين دخلوا مصر أو سكنوا فيها أو حكموها أو دفنوا فى ترابها ليصلوا لأكثر من 350 صحابياً. «أما أهل مصر فيكفيهم شرفاً وفخراً أن الله تعالى قد اختار منهم الأنبياء فهذا الخليل إبراهيم شيخ الموحدين ووجد خاتم النبيين آتى مصر مع زوجته سارة وتزوج هاجر المصرية، وهذا يعقوب دخلها مع أبنائه الأنبياء وهذا يوسف عليه السلام سكن مصر وحكم فيها وتوفى ودفن فيها وهذان موسى وهارون عليهما السلام.
بملامح ملائكية ولغة إسلامية رصينة وجذابة وبليغة تحدث «العريفى» عن أم الدنيا ومسكن العلماء ووطن الجهاد وأم المجاهدين التى ذكرها الله فى كتابه فى أربعة مواضع تشريفاً لها وتكريماً إلى جانب 30 موضعًا لم يصرح بها وبما يشبه الكشف فى علم الله تحدث عن ناسها ووصايا الرسول عن معاملة أهلها وأقباطها «استوصوا بقبط مصر خيراً فإن لهم ذمة ورحمة».. وقصص الأنبياء موسى وعيسى.. والمصريات الصالحات وأهل مصر الذين هم ألين الناس تعاملاً وأحسنهم أخلاقا وذممًا ونهرها العظيم الذى لم يذكر الله تعالى قصة نهر فى القرآن إلا نهر النيل.
إن خطبة العالم الجليل ليست درسًا مجانيًا لدعاة التطرف والفساد والإفساد ودعاة الألفاظ النابية المسيئة للإسلام.. إنما هى منحة إلهية فى وقت المحنة التى تمر بها مصر وهدية مجانية لوزارة التربية والتعليم لكتابتها وتحويلها إلى مادة أساسية فى التربية الحضارية والدينية والوطنية يجب أن تدرس لطلاب المدارس وتترجم إلى لغات عالمية ليعرف العالم مقدار مصر «الأرض الطيبة» وثقلها التاريخى والإنسانى والحضارى والدينى وكمركز لقيادة العالم ولو كره الكافرون.