حديث الإنسان عبد الفتاح السيسى
«يا ترى إيه الفرق بين هشام عشماوى، وبين أحمد المنسى؟».
بهذا السؤال ختم الرئيس السيسى كلمته (المرتجلة) فى ختام الندوة التثقيفية الـ29، والتى جاءت مواكبة لاحتفالات الجيش بذكرى الانتصار الغالى فى أكتوبر 1973، وعبر هذا الختام عن فلسفة ومجمل محتوى حديث الرئيس، الذى ألح وكرر فى مستهله أنه حديث «الإنسان» وليس «رئيس مصر»، ليمنح نفسه حرية التحدث إلى الحضور والرأى العام المصرى والعالمى بعفوية وصدق، ويعبر عن مشاعره كإنسان ومواطن مصرى عاش لحظتين فارقتين فى تاريخ مصر، يرى أنهما يستحقان المقارنة، وهما مرحلة ما بين 67 و73، والمرحلة التى تعيشها مصر منذ عام 2011، وحتى يتحقق الوعد الرئاسى بـ«مصر الجديدة» فى 30 يونيو 2020.
وحدد الرئيس فارقا جوهريا بين المرحلتين، مؤكدا أن المعركة لم تنته وما زالت موجودة بمفردات مختلفة، فمعركة الأمس غير معركة اليوم فى أدواتها، والعدو والخصم كان واضحا وأصبح الآن غير واضح، متابعا: «بقى معانا وجوانا واستطاعوا بالفكر إنشاء عدو جوانا».
وبين سطور الحديث الرئاسى (الإنسانى)، وضحت رغبة الرئيس فى توصيل رسالة للشعب المصرى، وهى أن مصر فى معركتها الحالية تحتاج إلى التضحية دون انتظار مقابل، وأن نستلهم فى ذلك روح صناع معجزة أكتوبر، الذين خرجوا بسيارة «سيات» يسابقون سيارة «مرسيدس» كما وصفهم الرئيس قائلاً: «قولوا الكلام دا .. عشان مش عيب بالعكس.. اللى بيركب عربية سيات ويسابق المرسيدس يتقاله برافو».
بلغ الرئيس قدرا غير مسبوق فى الصراحة عندما تحدث عن القدرة العسكرية للقوات المسلحة المصرية فى أكتوبر 1973، واصفا إياها بأنها كانت أقل بكثير من قدرات العدو، وبأننا لم نكن لنستطيع تخطى مسافة الـ20 كيلومترًا شرق قناة السويس بعد عبور القوات، والتى تحددت مسبقاً قبل قيام الحرب، والتى ادعى البعض أنه كان يمكن لقواتنا أن تطور هجومها وتصل إلى منطقة «المضايق»، وكان الأستاذ هيكل من أكثر من كرروا هذا الكلام، وسجله بشكل تفصيلى فى كتابه المهم «أكتوبر 73 السلاح والسياسة».
وقد أشار الرئيس إلى هيكل ولكن فى حادثة أخرى، قائلاً: «كانت هناك مقالة للكاتب الراحل محمد حسنين هيكل تتحدث عن تحديات العبور، وتتضمن تفاصيل عن قدرة وإمكانيات هذا الساتر وخط بارليف فى منع القوات المصرية من العبور، وقال الروس إن هذا الأمر يحتاج إلى قنبلة ذرية لاقتحامه والتعامل معه، ونحن لا نملك القنبلة الذرية، وإن 30 أو 40 ألفًا وقد يصل إلى 50 ألفًا من القوات التى ستعبر القناة ستستشهد نتيجة العبور فى ظل هذه الظروف».
ورغم تطرق الرئيس إلى (منغصات) حياة المواطن المصرى فى هذه المرحلة، وفى مقدمتها ارتفاع الأسعار، وضرورة إلغاء الدعم الذى يقف عقبة رئيسية فى سبيل التنمية، إلا أنه لم يغفل الحديث عن الإنجاز الذى تحقق بفضل المصريين، لكنه حذر من أن كل ما تم تشييده من إنجازات سيهدر ويختفى بدون فهم ووعى المصريين، متابعا: «كل اللى بيتعمل وزيادة 100 مرة لو مكنش فى وعى وكتلة تخاف على بلدها فى الجيش والشرطة وأجهزة الدولة والجامعات ولدى الرأى العام فى مصر، أى حاجة تتبنى ممكن تتهد».
وعن سؤال الختام، الذى بدأنا به المقال عن الفارق بين البطل والإرهابى، قال الرئيس: «ده إنسان وده إنسان، وده ظابط وده ظابط، والاثنين كانوا فى وحدة واحدة، الفرق بينهم إن حد منهم اتلخبط وممكن يكون خان، والتانى استمر على العهد والفهم الحقيقى لمقتضيات الحفاظ على الدولة المصرية وأهل مصر، بنصقفلوا، والتانى عاوزينه علشان نحاسبه».
فى رأيى الشخصى المتواضع كان حديث الرئيس (الإنسان) صادقاً من القلب ولهذا وصل إلى قلوب معظم المصريين.