
محمد جمال الدين
مـن أنـتـــم؟!
الإسلام فيكم وجد أعياده.. وكنتم يوم الفتح أجناده.. وكنتم عام الرمادة مداده.. وأحرقتم العدوان الثلاثى وأسياده.. وحطمتم خط بارليف وعتاده.. كنتم يوم العبور أسياده وقواده، فمن شاهد الأرض وأقطارها والناس أنواعا وأجناسا وما رأى مصر فما رأى شيئا فى حياته، لقد وصلت بركاتها للعرب والعجم لأنها مؤنسة لذوى الغربة وتاريخها يشهد على ذلك.
هذا بعض مما قاله الدكتور محمد عبدالرحمن العريفى الداعية السعودى والأستاذ بجامعة الملك سعود عن مصر ومكانتها وما قدمته للأمة العربية والإسلامية طوال عمرها والتى لم يدركها حتى الآن بعض مشايخها الذين لا هم لهم سوى إضعاف بلدهم وهدمه بفتاوى لا تقدم سوى الفرقة والتعصب ويخلطون الدين بالسياسة، والسياسة فى الدين، والويل كل الويل لمن يخالفهم، فالبلاغات ثم التهديد ثم الاعتداء على النفس ما تنتظرهم وللأسف كل هذا يتم باسم الدين ولا شىء غيره.
ما قاله «العريفى» عن مصر جعلنى أتحسر على ما يقوله مشايخنا عن بلدهم، فها هو من يدعى «عبدالله بدر» يسب كل من يقف فى طريقه، فتارة يسب الفنانة إلهام شاهين بأفظع الألفاظ على شاشة إحدى الفضائيات الدينية وتارة أخرى يظهر لها صورا مخلة تأكد أنها مفبركة، ثم يعود ويتبجح عبدالله بدر، ويؤكد لأتباعه الذى يضحك عليهم باسم الدين بأنه لن يترك إلهام حتى بعد أن حكم عليه بالحبس سنة وكفالة 20 ألف جنيه فى قضية واحدة من جملة القضايا التى رفعتها عليه.
لم يكتف عبدالله بدر بما قاله فى حق «إلهام شاهين» دون سند أو بينة وإنما طال هجومه الإعلامى عمرو الليثى منتقدا اختياره مستشارا لرئيس الجمهورية، وليته توقف عند هذا الحد وإنما اتهم الليثى بأنه «قواد ابن قواد» أمام أتباعه، معتقدا أنه يؤدى رسالة ترفع من شأن دينه ووطنه، ثم عاد مرة أخرى وطالب بتنظيم مليونية لمحاربة الفن القذر من وجهة نظره.. متناسيا أن ما يقوله هو القذارة بعينها وهذا ما أكده القضاء، ولكن يبدو أن عبدالله بدر يتخذ من الألفاظ البذيئة والشتائم والسباب للناس منهجا له فى حياته وفى خطبه على المنابر، هذا المنهج وهذه الطريقة أعتقد من وجهة نظرى أنها مقصودة لشغل الناس بمعارك وهمية لإبعادهم عن السعى فى التفكير لأمور تساعدهم فى تقدم بلدهم، هذا بخلاف سعيه الحثيث لكى يكون مشهورا بين أتباعه المضحوك عليهم بفتاوى دينية مغلوطة.
ومن المدعو السابق «عبدالله بدر» إلى شبيه آخر يعتمد نفس المنهج يدعى «د.محمود شعبان» يقول عن الأزهر أنه لا يمثل الإسلام وأن شيخه الدكتور أحمد الطيب لا يريد إسلاما بعد أن تم تسييس الأزهر وعلمنته من قبل العلمانيين، وبالتالى لم يعد شيخ الأزهر يريد شريعة، ودليله على ما يقول أنه عندما دعوا بترك مبادئ الشريعة الإسلامية، كما هى على أن تكون المرجعية عند الخلاف للأزهر فيرفض، وهنا نتساءل حينما نختلف فى أمور الدين هل نلجأ للبابا والكنيسة بعد رفض الأزهر وشيخه الاحتكام إليهما لأنهما لايريدان نصرة الإسلام.
بالطبع ما قاله «شعبان» ومن قبله «بدر» يجد طريقه بكل سهولة لدى إحدى القنوات الفضائية المسكوت عنها دون أدنى سبب واضح لنا حتى الآن من قبل المسئولين عن الإعلام فى بلدنا.
لن أتحدث عن «ياسر برهامى» وما صرح به مؤخرا ضد الأزهر وشيخه وضد الكنيسة والأقباط ثم عاد واعتذر عنه لأنه لا يخرج سوى عن كونه آراء واجتهادات مغلوطة تودى بمصر وأهلها إلى الفرقة أكثر مما توحدهم.
نصل إلى شيخ آخر ظهر على السطح بالمناسبة هو من يقول عن نفسه شيخا يدعى «هشام العشرى» يسعى لتأسيس جماعة للأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، ويرفض الإفصاح عن مصادر تمويلها، «شيخنا اللى طالع فى المقدر جديد» خريج كلية تجارة وتلقى تعليمه الدينى على يد بعض المشايخ فى مساجد أمريكا يؤكد أنهم الآن فى مرحلة التوعية وبعدها ستكون هناك مرحلة «لقد أعذر من أنذر» وينادى بعدم ارتداء البنطلونات الضيقة والقمصان المفتوحة وارتداء السلاسل، ويطالب الأقباط بدخول الإسلام وأنه سيحجب المرأة القبطية حتى لو كانت غير مقتنعة بالحجاب، ومن أجل تحقيق ما يسعون إليه قدم طلبا لوزارة الداخلية لاعتماد جماعتهم لتكون ذراعا لها لتطبيق الشريعة فى الشارع على المصريين والأجانب الذى سيمنع عنهم شرب السجائر والخمور وجلسات المساج والعلاقات الجنسية وعلى السائح أن يقبل بهذه الشروط كله كلام هرتلة فى هرتلة.
العشرى قرر أيضا أن يكون الأزهر الوسطى مقرا لجماعته وذلك بعد إصلاحه، خاصة أن شيخه لن يظل فى منصبه طول العمر «وإن شاء الله سيموت قريبا وسنخلص منه ويا رب يموت دلوقتى» فالأزهر فى الدستور الجديد سيبدأ فى التعافى وسيخرج من تحت تبعية السلطان إلى مؤسسة دينية تطبق الشريعة.
ما يسعى إليه الشيخ العشرى سيطبقه من خلال القوانين التى ستطبق الشريعة عن طريق نواب البرلمان ويرى أن تحقيقه وتطبيقه على الشعب المصرى سيتم بالإكراه فى حالة دخولنا مرحلة «لقد أعذر من أنذر» والذى أعتقد أنه لا يعرف شيئا فى أصول الدين الصحيح والذى يستغله أسوأ استغلال ليحقق لنفسه الشهرة بين أتباعه وفى المجتمع الذى يعيش فيه.
وإذا كان هذا هو حال بعض ممن يسمون أنفسهم بالمشايخ وهذا هو ما يطرحونه علينا وتحديدا على بعض ممن ينتمون إليهم ومغرر بهم، فليس هناك وجه للغرابة بأن يخرج علينا من ليسوا بمشايخ ولكنهم ينتمون لنفس التيار «الإسلام السياسى» بآراء أكثر غرابة من فتاوى مشايخهم فنجد الدكتور «العريان» وهو يطالب بعودة اليهود المصريين إلى بلدهم واسترداد حقوقهم وممتلكاتهم وتناسى سيادته حق العودة للفلسطينيين الذى تحرمه عليهم إسرائيل وحق مصر نفسها فيما نهبته إسرائيل من آثار مصرية وثروات معدنية وبترول طوال فترة احتلالها لسيناء، هذا غير حق شهداء مصر فى حرب .67
هذا قليل من كثير مما تتعرض له مصر على يد أبنائها والتى بسببها خاطب الشيخ العريفى ربه بأن يحفظها وأن يجمع شملها وأن يصب عليها الخير ولايجعل عيشها كدا.