الخميس 10 يوليو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
هل تجدد أفلام الأضحى الخطاب السينمائى؟

هل تجدد أفلام الأضحى الخطاب السينمائى؟


فى عام 1954 بعد ثورة يوليو قدم الفنان العملاق فريد شوقى فيلم «جعلونى مجرما» وتسببت القضية التى فجرها الفيلم فى تعديل الدستور المصرى والتعاطف مع «أطفال الشوارع»، وفى عام 72 قدم نفس النجم الكبير الملقب بملك الترسو فيلم «كلمة شرف» وساهم فى تعديل قوانين زيارات السجين فى المواسم والأعياد لاعتبارات إنسانية.

على نفس المعزوفة الهادفة نادت سيدة الشاشة بضرورة تعديل قوانين الأحوال الشخصية عام 75 فى فيلمها الشهير «أريد حلا» فى الحالات الثلاث انتبهت الجهات المسئولة وحدث التغيير.
هكذا كانت رسالة «السينما» مع نجومها العظام كمرآة صادقة للمجتمع وهكذا كان دور القوى الناعمة.. ومصر بعد الخروج من عنق الزجاجة الوصول إلى بر الأمان فى حاجة لصحوة وتجديد خطابها السينمائى للمشاركة فى بناء المجتمع والخروج من غيبوبة الإسفاف والتضخيم وتصدير الصور المسيئة وبالتالى تزييف التاريخ.. لابد أن يشارك السينمائيون بدور حقيقى فى مرحلة بناء مصر الجديدة بدلا من الوقوع فى مصيدة الابتذال وتوريد التطرف على الشاشة.
أقول قولى هذا ونحن على مشارف موسم سينمائى جديد (الأضحى) شاءت الظروف أن يكون موسما استثنائيًا تداخل فيه مع موسم الحصاد السينمائى الحقيقى وهو موسم الصيف وهو من أهم المواسم السينمائية.
صناع السينما يقدمون هذا الموسم 7 أفلام  تتراوح ما بين الأكشن والكوميدى وهما الرهان الحالى لأصحاب القرار السينمائى باعتبارهم يعزفون على موجة المزاج العام أو شعار «الجمهور عاوز كده» وبقراءة سريعة لكتالوج موسم الأضحى الصيفى يلعب بعض أبطال هذه الأفلام على وتر الشعبية التى يحظو بها وفى مقدمتهم «محمد رمضان» بفيلمه «الديزل» إخراج كريم السبكى، وتامر حسنى بفيلم «البدلة» إخراج ماندو العدل.. البطل الأول منح نفسه لقب «الملك» (راجع الفرق بين ملك الترسو وملك الشعارات والمنظرة) أما الثانى فقد أنعم على نفسه بلقب «مطرب الجيل» والمنافسة بينهما على الإيرادات والزحف الجماهيرى بينما تنتظر عشاق السينما رسالة كل منهما فى فيلمه «رمضان» ما زال يراهن على شخصية البطل الشعبى وفتوة الناس الغلابة أما «تامر» فمازال يغازل تقاليع الشباب معتمدا على «شعر صدره» (راجع هنا كلاسيكيات عندليب الغناء عبدالحليم وما يقدمه الآن تامر حسنى وبالتأكيد المقارنة ظالمة وفاضحة.
والمطلوب من «تامر» و«رمضان» إثبات جدارتهما وتقديم رسائل سينمائية تليق بدراويش السينما.. وبوعى الجمهور الذى لن يقبل التغييب والمنظرة والتباهى «بالشعر» والنمور والسيارات الفارهة وحياة القصور.. وأتصور أنها الفرصة الأخيرة لرمضان ملك الشعارات و«تامر» نجم الحركات واحترام القاعدة العريضة التى ما زالت تراهن عليهما.
فى نفس التراك يعافر «يوسف الشريف» بالنوعية التى وجد فيها نفسه دراميا بفيلم «بنى آدم» إخراج أحمد جلال تأليف عمرو عاطف وهو نفسه مؤلف فيلم البدلة لتامر حسنى.. يوسف الشريف يحاول الخروج من الدوائر الدرامية وصناعة مجد سينمائى ولن يتحقق هذا إلا بطرح جادة ورسالة هادفة.
أما منطقة البحث عن الكبرياء والمكانة فى الخريطة السينمائية فيتصارع عليها عمرو عبدالجليل بفيلمه «سوق الجمعة» إخراج سامح عبدالعزيز و«محمد رجب» بفيلم «بيكيا» إخراج محمد حمدى وفى نفس المنطقة يحاول «أحمد فهمى» ترسيخ أقدامه كبطل ونجم يتصدر الإفيشات بفيلم «الكويسين» إخراج أحمد الجندى.
وفى محاولة لإعادة الآداب للسينما يقدم آسر ياسين فيلم تراب الماس المأخوذ من رواية تحمل نفس الاسم.. ويحاول مؤلفه أحمد مراد ترسيم الحدود السينمائية وإعادة أمجاد الماضى وقت اعتماد السينما على الرواية المكتوبة فى عصرها الذهبى بعد مواسم طويلة غابت فيه السينما عن دورها ورسالتها بقضايا الفهلوة والتجارة غير المشروعة التى ساهمت فى تزييف وجه مجتمع يستحق بعد ثورتين عظيمتين احترام فكره ومستوى نضجه.
كتابة تاريخ الشعوب.. كفاحها ونضالها ورموزها ومراحل تحولها لا تقتصر على كتب التاريخ فالسينما مشارك أساسى فى إعادة كتابة التاريخ و«آلة خطيرة» ومؤثرة فى تكوين المعتقدات والاتجاهات والقيم الأصيلة وليس تصدير الإسفاف والاكتفاء برسم صور عبثية.
السينما المصرية تستطيع أن تعبر عن نفسها للمساهمة فى المشاركة فى مشاكل المجتمع وتعديل سلوكيات وتغيير قوانين.. كما تحتاج المراحل الحاسمة إلى قراءة مبدعة وواعية وأمنية فالواقع المصرى ملىء بالمنجزات والبطولات والصور الجميلة الجديرة بالتوثيق من أجل الأجيال الجديدة ومصر المستقبل.>