
عاطف بشاى
«هياتم» من أهل النار؟!
من الأفعال الملعونة التى تأتى بها المرأة إظهار الزينة.. والذهب واللؤلؤ من تحت النقاب.. وتطييبها بالمسك والعنبر وما شابه ذلك من الفضائح، فالتبرُّج من مفاتيح النار التى تستوجب العذاب الأليم.. والخزى العظيم.. ومفردات التبرُّج أن تُظهر المرأة وجهها ومحاسن جِيدِها للرجال وكل ما يستدعى شهوتهم.. حتى القناع الذى تستر به نفسها إذا انتخب من الألوان البراقة والشكل الجذاب لكى تلذ به أعين الناظرين فهو من مظاهر تبرّج الجاهلية أيضًا.. كذلك ارتداء البنطلون وإظهار الشعر وكشف اليدين والرِّجْلين أو لبس المايوه.
فالمرأة عورة من رأسها حتى أخمص قدميها.. وكشف العورة مقت وفاحشة..
والمتبرجة جرثومة خبيثة ضارة تنشر الرذيلة فى المجتمع.. وإبليس هو رائد الدعوة إلى كشف العورات وتشجيع التبرُّج.. بل هو الزعيم الأول لشياطين الإنس والجن الداعين إلى تحرير المرأة من قيد التستر والعفاف.
ومن مفاتيح النار التى كثرت فى النساء وصل شعرها بشعر أجنبى (الباروكة) ولو كان شعر حيوان.. وأخذ شعر الحاجب أو بعضه بلا ضرورة وتحمير الخدود أو تخضيرها ومساواة الأسنان ببعضها أو إحداث الفرجة بينها.
هذه أفكار ومقولات مؤلفى كثير من الكُتُب الصفراء التى تحتشد بها المكتبات والأرصفة.. ويُقبل عليها العامة فى زماننا الوهّابى الذى لانزال نعيشه رُغم رحيل حُكم الإخوان.. فإذا ما أضفنا إليه فتاوَى دعاة التكفير الذين يقصفون المرأة بوابل من المحرمات الشاذة ومنها ضرورة إخفاء الوجه لأنه عورة مثل الفرج.. نُدرك مدى تراجع قيم ومفاهيم الحضارة الحديثة فى عدو محموم ومخيف نحو أصولية متخلفة.. الكتُب تحمل عناوين مثل «لِمَ النساء من أهل النار؟».. و«نساء أهل النار».. وهى كتُب تحتقر المرأة.. وتحط من شأنها لتحصرها فى مجرد جسد يستدعى الشهوة.. ويُحرض على الفجور.. ولا بُدّ درءًا للفتنة أن ترتدى أكفانًا متراكمة تخفيها عن الناظرين وتُبعد شرها عن المؤمنين خوفًا من الذلل الذى يستوجب نار جهنم فإذا كانت جنة رضوان توصد أبوابها فى وجوه السافرات المتبرجات اللاتى يظهرن هذه الوجوه.. ويتعطرن.. ويتزيين.. فما بالكم باللاتى يتعرين ويكشفن طواعية أجسادهن للساهرين فى الكباريهات.. ويرقصن فى الحفلات والمناسبات السعيدة.. وعلى شاشات السينما والتليفزيون.
ألسن هن أول المحشورات فى نار جهنم حشرًا.. وعلى رأسهن الراقصة «هياتم» التى توفيت منذ عدة أيام.. وألا يستتبع ذلك بالضرورة والحتمية فرح وشماتة المؤمنين الصالحين الأتقياء باعتبار أن الفتوى السلفية تجيز الفرح بهلاك أعداء الدين وأهل الزندقة والبدع المغلظة والمجاهرة بالفجور.. فهذا أمر مشروع ومحبب.
لذلك فإنى لم أندهش ولم أفاجأ بانتشار التعليقات على (الفيس بوك) المصحوبة بأدلة الإدانة الشامتة والفرحة بالتخلص بالموت من تلك الجرثومة شيطانة الإغواء ومعظمهم من الشباب.. أمّا أدلة الإدانة فهى عرض عدد من مشاهدها الماجنة.
وسبب عدم دهشتى مرجعه أن ذلك المفهوم المتخلف والغبى لماهية المرأة باعتبارها كائنًا غير أخلاقى وغير إنسانى.. ومصدرًا للغواية ومنبعًا للرذيلة هو ما تبقى فى أذهان الشباب الذين بناءً على فتاوى الدعاة والكتُب الصفراء.. تحولوا إلى «مطوعين» يفرضون وصاياتهم الأخلاقية- بالنهار- مرتدين عباءة الفضيلة والأخلاق الحميدة.. والسجايا العطرة.. والقدوة الحسنة.. ويمسكون بصكوك التفويض الإلهى بتوزيع عباد الله على «جنة الخلد» أو على «نار جهنم».. وبئس المصير.
أمّا فى الليل- وفى ازدواجية غريبة- يسعون إلى التحرش بالمرأة أو التلصص لافتراس الراقصة التى يلعنونها ويوصمونها بالانحلال، بعيونهم الجائعة المحمومة يشاهدون على (الفيس بوك) تنويعات فاجرة من إيقاعات جسدها الماجن.>