الجمعة 11 يوليو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
مستشفى الأمراض الإعلامية

مستشفى الأمراض الإعلامية


يحتاج الإعلام المصرى - الفضائى تحديدا- إلى قرار تأميم ثورى بتحويله إلى شركة مساهمة مصرية حرصا على مصلحة الوطن وسلامة ثقافة وذوق مواطنيه، بعد سيادة المنهج العبثى على المشهد الإعلامى بشكل غير مسبوق وانتشار الفوضى غير الخلاقة بين ربوع شاشاته، والقضاء على الإقطاع الفضائى وسيطرة رأس المال.

 الإعلام الفضائى الذى يتوزع ما بين رجال أعمال ومستثمرين ووكالات الإعلانات، وأغلب هؤلاء يرفعون شعار مصالحهم الخاصة على حساب مصلحة الوطن ساهموا فى خلق ثقافة البيزنس  وبدلا من قيادة الرأى العام وتوجيهه تبنوا  العمل على تغييبه، ولهذا كان من الطبيعى أن ينتكس علم الريادة وينزع الآخرون  مقعد القيادة فى ظل فلسفة تغليب المذهب النفعى واستعراض العضلات على مصالح الشعب العليا والمحصلة تصدير قضايا استهلاكية رخيصة محددة الصلاحية  ثم تشريد العاملين بها لأن ما بنى على خطأ فهو خطأ.
 الإعلام المصرى الرائد بفضل منطق الفهلوة والمصالح صار ضحية كل هؤلاء، فتراجع دوره وتأثيره وفعاليته بين التفاهة هنا والضحالة هناك فى دكاكين إعلامية طائرة تسبح فى فضائيات لا تنتهى وطقوس خالية من الهدف حتى أحدثت تغيرات مناخية ومزاجية سيئة وتلوثًا سمعيًا وبصريًا وثقافيًا فى مرحلة دقيقة وحساسة من عمر الوطن تحتاج إلى عقول  منفعلة وفعالة بدلا من تصدير القبح وتضخيم أزمات لا تهدف  إلا التغييب عن الوعى على طريقة  «السينما السبكية».
 المفارقة أن الإعلام الشعبى والسوشيال ميديا أصبح أكثر وعيا وعمقا من الإعلام الفضائي، بل إنه بات يستخدم المنتجات الفضائية التافهة فى صناعة مواد تحقق انتشارا أكبر مما يصدرونه على الشاشة، فالشعب المصرى بعد ثورة 30 يونيو أصبح أكثر عمقا وفهما للأحداث المتسارعة فى المحيط الاجتماعى والسياسى وأصبح يمثل آلة إعلامية خطيرة وبات شبحا يهدد مستقبل الإعلام الاستهلاكى  الذى يشيع الفتن والفوضى، منه انتشر التعصب  والتطرف (راجعوا) من  أين جاء «الدعاة » المتاجرين بالدين والدنيا وكيف تسلل التعصب الأعمى  فى البيوت المصرية بين مشجعى كرة القدم ومن أين جاء المضللون فى الفضاء لإفساد الأرض الطيبة ومن «نور على نور» و«العلم والإيمان» و«جلسات الشعراوي» إلى منصات المضللين، من  مواجهات الكاتب الكبير مفيد فوزى ومناورات طارق حبيب وسلوى حجازى ونجوى إبراهيم إلى جلسات (الشرشحة) والردح ووصلات خدمة توصيل السب والقذف إلى المنازل.
 تاريخ الريادة الإعلامية المصرى يكتب صفحات بيضاء لدور الإعلام المصرى بعد ثورة 52 والثورات العربية وحرب أكتوبر المجيدة، وكيف ساهم كبار الإعلاميين فى الإذاعة والتليفزيون المصرى فى تشكيل الوعى وتقديم إعلام «قد المسئولية»، سواء عن طريق البرامج أو الأغنيات الوطنية أو حتى البرامج الترفيهية وكيف تنامى الشعور  الوطنى فى هذه  الفترات الصعبة وتحامل أبناء مصر وقت الأزمات وتجاوزوا الظروف  العصيبة..  لماذا انحاز الآن كل المصريين لـ «ماسبيرو زمان» والحنين إلى العظماء من أبناء الوطن فى محاولة للتطهر من الإعلام الفاسد والدخلاء فيه.
 الخطير فى المشهد الإعلامى الآن هو انتشار تجارة بيع الهواء لمن يدفع ومن استطاع إليه سبيلا فى الدكاكين الفضائية ومعظمها توجه بوصلتها فى اتجاه المصالح الشخصية على حساب تاريخ ومصالح مصر.. وهنا لابد الانتباه إلى تسلل هذه الفقرات والبرامج المدفوعة الأجر وإحكام الرقابة عليها وكشف توجهاتها الخبيثة والمضللة.
مصر فى مرحلة البناء والإنجازات التى تجرى على أرض الواقع فى حاجة لتجديد الخطاب الإعلامى وبث بشائر  التفاؤل والأمل وتصدير البهجة ومكافحة الأمراض الإعلامية الخبيثة بعد العبور الثانى فى ثورة 30 يونيو والقضاء على المفسدين فى الأرض، فبناء دولة مصر القوية فى حاجة إلى إعلام  يقظ وفعال بدلا من التهويل والتضخيم وتسريب المشاهد  الهدامة حتى تعود «أم الدنيا» لعرشها كرائدة لإعلام ليس فى مصر بل الشرق الأوسط والعالم أيضا.>