الجمعة 25 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رسالة الكراهية فى «صفر» المونديال

رسالة الكراهية فى «صفر» المونديال


اجتمع مولانا «كوبر» باللاعبين قبل خوض غمار المباريات فى كأس العالم وطرح عليهم خطته الجهنمية والتى تعتمد على الدفاع «الطنطاوي» نسبة إلى فريق الكرة بنادى «طنطا» زمان والذى كان يلعب بطريقة (1-10) مع تعديل بسيط هو أن يبدأ المباراة بـ (1-9-1) أى تسعة مدافعين يصطفون أمام المرمى.. ومهاجم واحد ما يلبث أن يسرع عند أول هجمة للعودة للخلف للدفاع بطريقة (1-10) وأوصاهم بعدم التهاون مع الخصم «واللى يفوت يموت» مكررًا تعليماته لـ«مروان محسن» المهاجم الوحيد الذى يحبه ويعتبره مثل ابنه أن يقاوم إغراءات «إبليس» ويحرز هدفًا  مذكرًا إياه بالمثل الشعبى الذى يقول «إجرى جرى الوحوش غير رزقك ما تحوش» يسرع إليه «مروان» ويعانقه فى تأثر مؤكدًا أنه يؤمن مثله بأنه «يرزق الهاجع والناجع والنايم على صرصور ودنه» ومن ثم فإن تسجيل الأهداف من الكبائر.. ويعتبر رجسًا من عمل الشيطان.. ويعاهده أنه لن يفعلها حتى لا يصبح من أهل النار.. فقال له مولانا «كوبر» فى حبور: كنت أثق أنك لن تخذلنى لذلك لم أختر غيرك لتلك المهمة الصعبة رغم عودتك من الإصابة بالصليبى وبعدك عن الملاعب لمدة عام كامل.. ثم أكد مستدركًا: ولكنى لا أؤيد تسجيل الأهداف بشكل قاطع.. بل أسمح به فى حالة إذا سجلت فى مرماك بطريقة النيران الصديقة.. و«يا بخت من بات مغلوب.. ومابتش غالب».
وبينما كان «كوبر» سادرًا فى غيه الدفاعى  ذلك  مكفرًا الهجوم والمهاجمين فإن فرقة المهللين والمطبلين والمنتفعين ولاعبى الثلاث ورقات فى برامج الاسترزاق الرياضى كانوا يحملونه فى زفة إعلامية على الأعناق ويصفونه «بالعبقرى» رغم أيضًا هزيمته المخزية فى كل المباريات الودية التى خاضها المنتخب.
لكنهم ما لبثوا بعد «وكسة الصفر» والخروج المهين من المونديال أن انقلبوا فى الحال يرجمونه ويصفونه بالفاشل الذى لا يرقى إلى تدريب فريق من فرق الساحات الشعبية.
تبقى المفارقة المؤلمة بين موقف ذلك الشاب الموهوب تلك الموهبة الفذة.. معشوق المصريين الذى بكى يوم محنة إصابته وخشيته أن تعوقه عن تحقيق حلم الملايين فى نتائج مبهرة وتسجيل أهداف مؤثرة.. بكى فأبكى الشعب كله..
وفى رغبته تلك المفعمة بالأمل أن يسعد الجماهير لم يلق إلا جزاء «سنمار».. الذى بدأ بالمتاجرة به فى أسواق الإعلانات.. ثم استخدامه سياسيًا فى استقبال «رمضان قادريوف» والاحتفاء به ومنحه المواطنة الفخرية فى جمهورية «الشيشان» فإذا بالصحافة العالمية تشن هجومها عليه معتبرة أن نجم «ليفربول» يدعم منتهكى حقوق الإنسان..
أقول إن المفارقة التى تبدو بين موقف ذلك الشاب الموهوب من وطنه.. وبين موقف الذين يطالبونه أن ينقذ نفسه من مصريته.. مصحوبة بنهش الذات المدونة على «الفيس بوك» مرددين عبارات مثل «الفشل هو الشيء الوحيد الثابت فى حياتنا.. دمتم يا صناع الفشل.. «إحنا مش بتوع نجاح وإنجازات.. نحن ندمن الفشل» «طيارتك وعلى انجلترا».. ما ترجعش البلد دى».
هؤلاء المحبطون من الشباب يعكسون إحساسًا مفزعًا أن الهزيمة التى تشمل كل مناحى الحياة والتى تمثل تراجعًا حضارياً نعيشه وليس لنا ما نفعله إزاءه سوى نصيحة الناجح بالهرب بنحاجه ليتركنا – نحن البؤساء – نغوص فى مستنقع آسن من فساد شامل يحيط بنا لا مخرج منه.. ولا عزاء فى تجاوزه..
لكننا إذا كنا نعذر غضب الشباب الجامح ودرجة تعبيره عن انفعاله النارى فالحقيقة أنى لا يمكننى بأى حال من الأحوال إغفال بعض ما جاء على لسان من ينتمون إلى «النخبة».. فقد أثار استيائى إلى حد كبير ما كتبه الصحفى «شريف الشوباشي» على هيئة رسالة موجهة إلى «محمد صلاح» ونصيحته له بقطع علاقته بالمنتخب والاهتمام بمسيرته الكروية المتألقة بعيدًا عن «مصر طاردة المواهب».. والتى لا يستحق الانتماء إليها.. والرجل من فرط انفعاله الأهوج الذى ينضح بمشاعر السخط ويشى بمخاصمة الموضوعية قد صدر رسالة كراهية واستعداء للوطن يعكس إنكارًا ذميمًا وكريهًا لفضل الوطن.. فهناك فارق كبير بين النقد الموضوعى وبين الغضب الأعمى.. بين الاعتراض على المستوى المتدنى للفريق القومى والإدارة السيئة.. وشبهات الفساد.. ومستوى التدريب بقيادة مدرب محدود الموهبة.. وبين الإساءة للوطن وكراهيته..
إذا كانت رسالة الكراهية تلك قد وصلت إلى «محمد صلاح» فقد رد عليها ردودًا يحمل رد كل منها صفعة موجهة إلى جحود المحرضين.. فقد أقام حفل تكريم لمدربه السابق «ميمى عبد الرازق» المصرى الطالع من طين هذا الوطن.. والذى تولى تدريبه فى نادى المقاولون العرب وانتبه إلى مواهبه وسانده ودفع به إلى الأمام وساهم فى تفجير طاقاته الإبداعية فى الكرة.. كما ساهم فى الكثير من المشروعات الخيرية وفى رد الجميل إلى أهل قريته.
إنها رسالة حب فى مواجهة رسالة كراهية.. فأيهما أبقى وأعظم وأجل شأنًا ؟!.