
طارق مرسي
الذين قتلهم كوبر
فرق كبير بين حب الجماهير للجوهرى وحسن شحاتة وكراهيتهم لكوبر. فالجنرال والمعلم ارتبط بهما الجمهور المصرى عاطفيا فحققا المعجزات، أما الأرجنتينى فقد اكتسب الكراهية وافتقد التعاطف والثقة رغم الإمكانيات المتاحة له. هذه الكراهية تحولت إلى سخرية قبل خوض البطولة التى قدمها على الشاشة رامز جلال وبات «كوبر» نجم الكوميديا السوداء، بينما ظل الجوهرى وشحاتة أساطير لا تنسى.
«كوبر» ذبح النجوم بثقافته الدفاعية الجبانة وفشل فى استثمار خامات كانت بمقدورها تحقيق حلم المصريين.. وعلى كل المستويات خذل الجميع الكبار قبل الصغار، الخبراء قبل المهتمين بعد أن تعددت أخطاؤه».
العزيمة المصرية وروح الدفاع عن ألوان علم الوطن منحه لقب أحسن مدرب فى إفريقيا بفضل القدرات الخاصة والنجومية العالمية لمحمد صلاح وليس بفضل عبقريته الفذة.. وأزمة الثقة فى إمكانياته كانت حديث متكرر قبل المونديال.
بقراءة سريعة لسيرة ومسيرة الأرجنتينى الأحمق، فإنه ظاهريا اهتم وجهازه الفنى بمباريات الدورى المصرى باعتباره مستودع تخريج النجوم. وظل طوال المواسم التى قضاها لكن الحصيلة خرجت ضعيفة لم يقدم خلالها مشروع نجم بمواصفات دولية فقد كانت عينه فى الدورى وقلبه مع المحترفين المصريين فى الخارج ويتصدرهم «محمد صلاح» الذى صنع بنفسه شخصيته المستقلة بالتزامه وتواضعه وتفانيه فى خدمة موهبته خلال رحلته الاحترافية.
نفس الأمر لـ«محمد النني» الذى حدد إقامته فى الخريطة الاحترافية مع أندية كبيرة ولم يضف الأرجنتينى جديدا، بينما فشل فى ترويض باقى المحترفين بتطوير أدائهم لخدمة الفريق..
و«كوكا» هو النموذج الصارخ هنا كنجم محترف وناجح والغريب أنه لم يخرج من حسابات كوبر منذ توليه القيادة إلا فى اللحظات الأخيرة قبل السفر للمونديال فى قائمة المشبوهه.. أما «رمضان صبحي» فلم يفلح فى إخراجه من غيبوبة الاحتراف وجلوسه فى مقاعد البدلاء فى فريقه الإنجليزى وإعادته لمستواه الذى كان به مع الأهلى قبل الاحتراف واحتفظ به بديلا فى معظم مواجهاته وفشل فى ترويضه كلاعب واعد. نفس السيناريو تقريبا تكرر مع «كهربا» والمحمدى وكريم حافظ وباسم مرسى ولم يضف لهم جديدا رغم إمكانياتهم التى أهلتهم للاحتراف..
اعتمد كوبر على الثقافة الدفاعية والبدائل التقليدية حققت نجاحا استثنائيا فى وجود «محمد صلاح» صانع الفارق الأول وليس كوبر.. وعندما أصيب «الفرعون» تجمد تفكيره واستمر فى تأصيل المخططات الدفاعية مع تجاهل البدائل الاستراتيجية المنطقية، أبرزها عدم استثمار مهارات وإمكانيات وخبرات «شيكا بالا» وهو أفضل من شغل مركز محمد صلاح بل ومبتكره فى الدورى المصري.. عقم الأرجنتينى دفعه للاعتماد عليه كبديل لعبدالله السعيد وحتى فى فترات تدنى أداء «السعيد» لم يدفع به مكانه حتى فى البروفات النهائية بكل البطولة وفى غياب «صلاح» غض البصر عنه رغم أنه الخيار الوحيد المتاح فى قائمته لتعويض غياب صلاح فى مباراة أورجواى وانتظرت الجماهير أن يكون له دور فى مباراة روسيا الحاسمة لتخفيف العبء على صلاح ولكنه لم يفعل وسط دهشة الجماهير وحتى المعلقين على المباريات نفسها.. كان بمقدور «كوبر» الدفع بشيكابالا فى وجود «صلاح» الذى اعتقل بموهبته «ثلاثى روسي» لمراقبته والمناورة بشيكا لخطف أهداف أمام فريق اتسم أداؤه بالتحرك التقليدى لكن العبقرى دفع بـ«وردة» بدلا من «النني» فأفقد الارتكاز قوامه مع إحداث شلل بالجبهة اليمنى لهروب صلاح إلى العمق والذى من خلاله أحرز هدفه من ركلة جزاء..
وبالعودة إلى سيرة ومسيرة «الجوهرى» وشحاتة.. فالأول نجح فى تطوير أداء النصجوم طاهر أبوزيد وجمال عبدالحميد والتوأم حسن مع إضافة خامات نجح فى تطويرها مثل إسماعيل يوسف وهشام يكن وهشام عبدالرسول وهانى رمزى وكان ناشئا فى ذلك التوقيت وكان أداؤهم مع المنتخب نقطة تحول فى مشوارهم، بالإضافة إلى حسن توظيف أحمد حسن المحترف وبالمثل فعل «شحاتة» الذى لم يكتف بقاعدة أبنائه من فريق منتخب الناشئين وهم: عماد متعب وحسنى عبدربه وأحمد فتحى وعمرو زكى بل أضاف لهم محمد زيدان وأحمد حسن مع نجوم الدورى المصرى «أبو تريكة وبركات ومحمد شوقى ووائل جمعة ثم فاجأ الجميع بـ«محمد ناجى جدو» أفضل بديل دولى وصنع بهم معجزات فى القارة السمراء بالفوز ببطولة أمم إفريقيا ثلاث دورات متتالية.
«الجوهري» و«شحاتة» امتلكا حسا كرويا افتقده كوبر هو صناعة نجوم لمنتخب واكتفى «بالطبخة» الموجودة بخطط بائسة وأداء عقيم.
وبخلاف تيبس رؤيته الخططية. لم يقدم نجما جديدا للمنتخب ولم ينقذ سيرته سوى نجومية وحضور «محمد صلاح» وبدونه فإن الأداء يخرج باهتا وهزيلا.
تجاهل العبقرى «كوبر» مواهب مصرية جديدة بالاهتمام مثل حسين الشحات وأحمد جمعة وإبراهيم حسن وصالح جمعة وصلاح محسن وحتى محمود عبدالعزيز وأحمد الشيخ وساهم فى تفاقم أزمة المهاجم باسم مرسى مع نفسه باستمرار تجاهله ووضعه تحت ضغط كبير لاسترداد فورمته رغم أنه وبشهادة الخبراء من أبرز المهاجمين بينما أهمل مؤمن زكريا ووليد سليمان دون مبرر واضح رغم تألقهما وتأثيرهما.
الجنرال محمود الجوهرى اعتمد على الثقافة الدفاعية لنقص الخبرات والاحتكاك الدولى وعدم وجود محترفين وبالمحليين تصدى لمنتخبات قوية مثل هولندا وإنجلترا وأيرلندا وعندما فتح باب الاحتراف استثمر «المعلم شحاتة» هذا الانفتاح وصنع فريقا قويا تخلص به من الثقافة الدفاعية بفضل وجود زيدان وعمرو زكى ومستفيدا من خبرات التوأم حسن ورسم بالتالى صورة مثالية لـمنتخب قادر على تمثيل مصر فى المحافل العالمية.. بينما لم يضف كوبر جديدا رغم وقوعه فى مواجهات ومجموعات سهلت مهمته للوصول إلى كأس العالم وبدعاء الملايين وقبلها فشل فى الفوز ببطولة أمم إفريقيا رغم وصوله للمباراة النهائية أمام الكاميرون بفضل تغييراته العبيطة. حتى فى المباراة الودية الأولى له مع البرتغال بكامل نجومه وفى وجود «صلاح» فشل فى الحفاظ على نصر معنوى كبير بتغييراته العبثية فى الدقائق الأخيرة.
واستمر عقم «كوبر» الفنى فى باقى المباريات قبل السفر إلى روسيا وتوقع الجميع الفشل الذريع رغم التفاؤل برسم حضور يليق باسم مصر ومواهب شبابها.
بصرف النظر عن نتيجة المباراة الأخيرة مع السعودية، فإن منتخب مصر يستحق من القائمين على الكرة المصرية ورئيس اتحادها هانى أبو ريدة ترشيح مدير فنى قدير قادر على قيادة منتخب مصر فى المحافل الدولية أو التأنى واختيار جهاز وطنى يواصل مسيرة الجوهرى وشحاتة وأتصور أن الأنسب هو العميد حسام حسن بعد أن نضج فنيا لتجديد الخطاب الكروى وليس صحيحا أن العميد يفتقد الشخصية الفنية فخبراته الدولية ومسيرته ونتائجه مع المصرى ونجاحه فى خلق فريق قوى من العدم كل هذا يؤهله لقيادة منتخب مصر فى الفترة المقبلة ولا أحد غيره مع توجيه الشكر إلى عدو الشعب كوبر الذى أصبح وجوده غير مستحب..
فالفريق الوطنى بتاريخه العريض وبعد الصحوة وهذه السمعة التى صنعها «محمد صلاح» بموهبته وأخلاقه يستحق عناء أولى الأمر بالتخطيط والابتعاد عن حساب المصالح والمنظرة على حساب سمعة مصر.