الرئيس والمُصَفَّحَة.. والمصالحة!
ارتفع صوتى بسؤال: ماذا ستفعل يا فندم فى ملفى سد النهضة والمصالحة عندما تصبح رئيسًا بإذن الله؟.. أجاب: عندما أكون رئيسا حاعرف أعمل إيه.. قالها بصوت حاسم.. لكنها لم تشف نهم سؤالى.. لمح المشير السيسى - وقتئذ - مزيدًا من علامات الاستفهام على وجهى.. فقال: يعنى فيه حاجات سوف أطلع عليها، ومواقف وظروف سوف تحتم علىَّ اتخاذ القرار المناسب وقتها.
كان هذا يوم 26 مارس 2014 بالهايكستب (من داخل العربة المصفحة ناقلة الجنود).. وكانت من إنتاج الهيئة العربية للتصنيع.. وكان وزير الدفاع السيسى مهمومًا وقتها بتربص الإرهابيين بأولادنا الجنود (خصوصًا الأتوبيسات التى كانت تقلهم).. ولذا أمر بأن يتم إنتاج عدد كافٍ من العربات المصفحة؛ لنقل جنودنا أينما كانوا، حتى لا يكونوا هدفا للإرهاب الخسيس.
وفى اليوم نفسه دشن الإعلان عن قوات الانتشار السريع.
وللمفارقة كان هذا اليوم هو الأخير له كوزير دفاع.. وقد قابلنا نحن (المحررين العسكريين) نزولا على رغبتنا فى أن نكون أول من يعلم بقبوله تكليف الشعب له بالترشح.
كنا قد أوصلنا رغبتنا هذه إلى اللواء عباس كامل مدير مكتبه وقتذاك.. وعليه تم اللقاء معنا فى تمام الثامنة صباحا .. وتركنا بعد حوالى ساعة بعد أن أعلن لنا أنه سيقدم اليوم استقالته من منصبه كوزير دفاع، وعرض ترشحه على المجلس الأعلى للقوات المسلحة؛ للحصول على موافقتهم.
تركنا السيسى بعد أن قال لنا: أمامنا مهمات عسيرة، ولابد من إعادة بناء جهاز الدولة.. وأضاف: نحن مهددون من الإرهابيين ومن قبل أطراف تسعى لتدمير حياتنا وسلامنا وأمننا.. وصحيح أن اليوم هو آخر يوم لى بالقوات المسلحة.. ورغم حزنى لترك بيتى، ولكنى سأظل أحارب كل يوم من أجل مصر خالية من الخوف والإرهاب.. بل المنطقة بأكملها بإذن الله.
أصبح السيسى رئيسا للبلاد بعدها.. ولمدة أربع سنوات (هى فترة رئاسته الأولى) استمرت ملفات المياه والمصالحة تثير العديد من حالات الجدل الداخلية.
يوم السبت الماضى جاء الرد الرسمى للدولة (حول المصالحة) مصاحبا لحلف اليمين للولاية الثانية لحكم الرئيس، إذ تعهد وأكد أنه لن يكون هناك مكان لمن أرهب وأخاف الشعب المصرى، وحاول فرض سطوته عليه بالقوة.. وفى تحذير مهم بكلمته نفى أن يكون لهؤلاء وجود على الخريطة السياسية الداخلية لمصر، حتى لو كانت صفوف المعارضة التى يثرى الاختلاف الانتماء الوطنى الذى لا يعرفه هؤلاء الإرهابيون المرفوضون من أهل مصر.
وقد عّبرت الكلمة التى ألقاها الرئيس عن ذلك بسلاسة وتأكيد لا يشوبه التأويل.. وقد علمت أن من قام بكتابة هذه الكلمة هو شاب فى نهاية الثلاثينات بالفريق الرئاسى عبَّر عما يريده الرئيس أصدق تعبير.
ويبقى أمامنا ملف قضية مازالت مفتوحة «سد النهضة».. ورغم وجود مساحات جديدة للتفاهم (أعلن عنها خلال الأيام الماضية)؛ فإن القضية مازالت مستمرة.. ولم تأتنى الإجابة بعد.