
عاطف بشاى
السادية والمازوكية فى «رامز تحت الصفر»
بين «السادية» و«المازوكية» ينتقل «رامز جلال» وبرنامجه «رامز تحت الصفر» ويدخل هذا الثقل عامه الثامن، حيث كانت البداية عام (2011) بعنوان «رامز قلب الأسد» باعتبار أنه برنامج مقالب الغرض منه هو التسلية والإضحاك.. ويمثل امتدادًا لبرنامج الكاميرا الخفية مع الفارق الشاسع، ففى الأول كان يعتمد على رصد ردود أفعال ضحايا المقلب المختلفة، والمتنوعة فى إطار من الطرافة والمفارقات الكوميدية البسيطة والساخرة بلطف ودون تجاوز أخلاقى من قبل مقدم البرنامج الذى يخير الضيف حول إذا ما كان يرغب فى إذاعة الفقرة أم لا..
أما برنامج «رامز» فهو يتعمد إهانة ضيوفه فى مقابل مبالغ مالية كبيرة يصبح بموجبها صاحب الحق وسيد الموقف فى ارتكاب كل التجاوزات ابتداءً من التحرش اللفظى البذىء وانتهاءً بالترويع وإصابة الضيف بالفزع الشديد الذى يتصاعد من عام إلى آخر..
ويبدو أن السادية التى يمارسها صاحب البرنامج ضد ضيوفه سواء كان الأمر مفبركًا أو مدبرًا باتفاق الطرفين.. أو بعدم معرفة الضيف المسبق بالخدعة.. يبدو أن هذه الرغبة فى التعذيب قد اتخذت مع استمرار البرنامج عبر السنوات الماضية شكلاً من الاستمتاع المرضى.. الذى تغذيه نسبة مشاهدة تتزايد وأموالاً ضخمة تشمل حصيلة الإيرادات تتدفق... والغريب فى الأمر أن السادى يتحول من النقيض إلى النقيض بعد كشفه عن شخصيته فى نهاية الحلقة.. فيصبح «مازوكيًّا» فى لحظة.. أى يستمتع بالإهانة والسب والقذف، بل الإيذاء البدنى الذى يناله من الضحية.. بل إنه يتفاخر فى حديث صحفى بقوله باعتزاز بالغ.. شيكابالا «ضربنى علقة موت» والأمر برمته يستلزم تفسيرًا علميًا من طبيب نفسى متخصص..
أما العبارات الرنانة التى يرددها النقاد والإعلاميون، وتحتشد بها تقارير المجلس الأعلى للإعلام حول الاتهامات: (إفساد الذوق العام – الإساءة إلى الآداب العامة – تعكير صفو الأخلاق المرعية – الاعتداء على القيم المستقرة) فهى جمل مطاطة صارت «أكلشيه» متكررًا منذ وقت طويل يعبرون بها عن غضبهم من أعمال فنية معينة أو برامج تتسم مثلاً بالإسفاف والابتذال أو السطحية والتفاهة أو بث أفكار هدامة وقيم غير أخلاقية تضر بالأشخاص أو المجتمع..
هذه العبارات فى النهاية لا تمثل سوى تعميمات لا يجوز استخدامها أو إطلاقها دونما بحث موضوعى أو تدقيق فمثلاً ليس هنا – علمياً – ما يسمى بالذوق العام لأن المتلقين يمثلون كتلة هلامية من البشر مختلفى الأعمار والثقافات والبيئات والاتجاهات والميول والأذواق والأخلاقيات والتصورات ووجهات النظر.. والتركيبات النفسية والاجتماعية والخبرات الحياتية، وبالتالى فإنهم يستقبلون ويتفاعلون وينجذبون وتؤثر فيهم تلك البرامج أو الأعمال الفنية تأثيرات مختلفة بالسلب والإيجاب بناء على تلك الاختلافات بينهم.
ونحن بعد منتصف الشهر الكريم فإنى أوجه نداء إلى النقاد وكتاب الرأى بالابتعاد عن تلك الأحكام العامة والأكليشيهات التقليدية والمقولات التى ترددها دائماً باعتبارها مسلمات قاطعة لا تحتاج إلى مراجعة أو إعادة نظر..