الخميس 24 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
يـسـقـط .. يـسـقـط  حكم الرجل

يـسـقـط .. يـسـقـط حكم الرجل




عادت بى السنوات إلى زمن جميل تخيلت فيه نفسى «توفيق الحكيم» والسيدة حرمى هى «سيادات توفيق الحكيم» تلك الحسناء التى تزوجته مرحبة بشروطه الخمسة عشر القاسية ومنها ألا يستقبل ضيوفاً فى بيته.. لا من الرجال ولا من النساء.. وألا يصطحبها فى نزهة أو رحلة، وأن يعطيها كل شهر مائتى جنيه تدفع منها إيجار المنزل ومصاريف الطعام والكهرباء ولا تتجاوز هذا المبلغ بمليم واحد.. كما أنه غير مسئول عن مشاكل البيت والأولاد.. فهى أمور من صميم اختصاصها.. وأن يكون بيته هادئاً لا ضجة فيه ولا أصوات مزعجة حتى يستطيع التفرغ للكتابة.. وهو يعتبر نفسه مسجوناً فى سجن بلا أسوار يدخل فيه عندما يريد ويخرج منه عندما يشاء..

 مشهد : (1) نهار / داخلى / هذيان حلم:


يقول فى ذلك:  «لم تكن حياتى الزوجية بالنسبة لها ميسرة.. فأنا زوج من طرز أزواج القرن التاسع عشر.. لا اختلاط ولا خروج معى وأكثر وقتى أقضيه وحدى فى حجرتى الخاصة مع كتبى وأوراقى.. أما أولادى الأربعة فقلما أكون بينهم.. وكانت أمهم تفهمهم أن أباهم مشغول فلا تزعجوه..

  المهم أن سيادات الرائعة لم تكتف بالترحاب بشروطه وإنما كانت تجد لذة فى خدمته.
  والمشهد يصور مجموعة من اللقطات السريعة (فوتومونتاج) وهى تقدم له عشاءه.. وترتب منضدة الطعام ترتيباً أنيقاً.. وهى تخلع عنه الروب فى حجرة النوم.. وتعدل من وضع الوسائد.. وتساعده على الاستلقاء فى فراشه.. وتغطيه باللحاف وتضع القربة الساخنة تحت قدميه.
  مع مزج إلى صباح اليوم التالى وهى تحرص أن تستيقظ قبل أن يفتح عينيه بساعة.. ثم وهى تهرول إلى المطبخ لتعد له طعام إفطاره.. ثم وهى توقظه من نومه وهى تداعبه بوردة تقربها من أنفه.. إنها تشعره دائماً أنه الملك.. وأنها رعيته.. فقد أحبت المفكر الفنان فيه قبل أن تحب الرجل.


مشهد : (2) نهار / داخلى / الواقع المر:



مجموعة من المنبهات الموضوعة فى كل مكان فى حجرة نومى ترن فى تداخل وإزعاج.. وزوجتى تدخل مندفعة فى غضب جامح.. تهزنى بعنف.. أستيقظ مذعوراً منتفضاً بينما تهتف هى بصياح هادر:
إصحى.. كل المنبهات إللى بترن دى مش سامعها ؟!.. الأولاد اتأخروا على المدرسة.. وصلهم وادفع المصاريف.. والباص وبعدين روح ادفع فاتورة التليفون والموبايل.. واشتراك النادى واطلع على شغلى جددلى الأجازة بدون مرتب .. وانت راجع عدى على ماما اطمن عليها.. عطست إمبارح .. وكل أجواز إخواتى طلوا عليها ماعدا إنت.. وماتدخلش بايديك فاضية.. هات لها تورتة على شكل قلب.. واكتب لها عليها حمد لله على السلامة يا حماتى يا غالية علىّ.. وماتنساش تجيب لنا لحمة وفراخ وجمبرى وخضار وفاكهة.. وعلى فكرة ماتبقاش تغافلنى مرة تانية وتحلم «بتوفيق الحكيم» ومراته.

صحت مبهوراً ... والكاميرا تركز على ملامح وجهى الذاهلة:

عرفتى إزاى ؟!

مش شغلك.. دى آخر مرة تحلم فيها بالخزعبلات دى.. وإلا!

صحت مقاطعاً وأنا أسرع فى استبدال ملابسى:

وإلا إيه ؟! .. إنتى عندك سلطة مصادرة الحلم؟!

لا.. عندى سلطة الخلع ..

رد الفعل على وجهى دهشة بالغة .. أهتف مأخوذاً : الخلع؟!..

تهتف مؤكدة فى حسم وثقة :

 أيوه الخلع .. مستغرب ليه؟!.. إحنا كمان بقى عندنا خلع .. حاأغير الملة وأبقى تبع الشريعة الإسلامية وأخلعك ..

استجمعت شجاعتى وانفجرت فيها :

- يبدو أنك تعيشين فى دولة أخرى .. ولم يصل إليك حتى الآن نبأ أخونة الدولة .. وهم كما تعلمين يزدرون المرأة ويحتقرونها .. إن النظام الجديد لن يسمح بعد الآن إلا بسيطرة الرجل .. واستعادة حقوقه المسلوبة من الهانم زوجة المخلوع وشلتها من عضوات المجلس الأعلى للمرأة، حيث إنهم - فى عصرهن البائد - أرسين فاعليات قهر الرجل ونفيه .. وطرد القبيلة الذكورية من المجتمع المعاصر وتحويلهم إلى كائنات خرافية كالغول أو العنقاء أو أجناس منقرضة كالهنود الحمر.. وتعمدن إذلال الرجل .. فإحصائية المركز القومى للبحوث الاجتماعية تؤكد أن 38٪ من الرجال تضربهم زوجاتهم .. كما أن رئيسة إحدى الجمعيات النسائية طالبت بإصدار قانون يفرض على الرجل أن يقوم بتنظيف المراحيض العامة إذا ما أخفق فى القيام بواجبه فى المعاشرة الزوجية خير قيام .. واتضح أنه رجل (لجلج).


لقد انضممت فكرياً ووجدانياً إلى هؤلاء الظلاميين العظماء وأتابع فى تشف وحبور مجهوداتهم الرائعة التى تسعى إلى عودة النساء إلى «عصر الجوارى» وأسعدنى مجهودات جماعات الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر لتأديب السافرات الخليعات.. وإن كنت أتحفظ على قتل الشاب الذى كان يتنزه مع خطيبته بكورنيش السويس.. فقد كان ينبغى على الأخ القاتل المؤمن «قتل المارقة خطيبته فهى مصدر الفتنة والغواية.. ومبعث الرذيلة والفحشاء.. وهن من أهل النار وشياطين خلقن لنا.. أعوذ بالله من شر الشياطين».

كما أثلج صدرى نضال الإخوة الأتقياء فى اللجنة التأسيسية للدستور لمحاربة مساواة المرأة بالرجل وتشجيع الختان.. وزواج القاصرات.. وقد أعطيت صوتى لـ «نعم» المؤمنة فى مواجهة «لا» الكافرة.. وعند صدور الدستور المبارك سوف أسعى إلى ضم البقية الباقية من الليبراليين والمستنيرين إلى السلفيين وأباطرة الفتوى ونطالب بإلغاء المجلس القومى للمرأة.. وإنشاء المجلس القومى للرجل.. وسوف ندعو إلى عودة المرأة إلى المنزل حبيسة لا تبرحه إلا إلى القبر.. وعدم جواز توليها أى مناصب قيادية.. ونفيها من فردوس الولاية لأنها تحيض.. وهو ما يضعها فى مرتبة دنيا لا تستحق سوى النبذ والاحتقار.

  رد الفعل على وجه زوجتى التى تنظر إلىّ فى استهانة وتردد فى سخرية وتحدٍ:
- أضغاث أحلام .. لن تعيش دولة الإخوان.. وعقارب الساعة لن تعود إلى الوراء.. وحتى لو حدث ذلك.. سنقوم بمليونية نسائية ونهدم المعبد فوق رءوسكم.. ولا تنسى أن «نابليون» قال : «إن المرأة التى تهز مهد الطفل الوليد.. هى نفسها القادرة على هز عروش أعتى الرجال».


 مشهد : (2) نهار / خارجى /
ثورة النساء:


لقطة عامة لمئات من النساء محتشدات فى أحد الميادين.. بينهن عشرت من الناشطات وعضوات الأحزب والائتلافات الثورية فى وقفة احتجاجية يحملن أدوات المطبخ اعتراضاً على الدستور الإخوانى المطبوخ .. تندد السيدات محتجات بالمخالفات التى شابت مرحلتى الاستفتاء على مشروع الدستور.. يطرقن على أوانى «الحلل» و«الصوانى».. ويرددن هتافات تطالب برحيل حكم المرشد وإسقاط المخطط الإخوانى للسيطرة على مفاصل الدولة.. ويرفعن لافتات: «مادام صوت المرأة عورة.. على.. وعلى الصوت» .. و.. يسقط.. يسقط حكم المرشد».
  تقترب الكاميرا فى حركة (زووم إن) حتى تركز على زوجتى فى لقطة قريبة تتصدر الصفوف وترفع لافتة مكتوبا عليها : «يسقط.. يسقط حكم الرجل».