
محمد جمال الدين
معركة «النفس الأخير» بين الحكومة وأصحاب المعاشات
أثبت طعن وزارة التضامن الاجتماعى الذى تطالب فيه بوقف تنفيذ حكم القضاء الإدارى أمام محكمة الأمور المستعجلة، والذى يقضى بإضافة نسبة الـ80 % من قيمة الخمس علاوات إلى الأجر المتغير لأصحاب المعاشات، لحين الفصل فى الطعن المقام أمام المحكمة الإدارية العليا، أن حكومة المهندس «شريف إسماعيل»، استكثرت الفرحة على ما يقرب من 9 ملايين مواطن من أصحاب المعاشات، أفنوا عمرهم فى خدمة مصر ولم يبخلوا بأى جهد فى سبيل تقدمها ونموها، ولكنهم وللأسف وجدوا أنفسهم فى نهاية عمرهم لا يستطيعون مساعدة أنفسهم، بعد أن وقفوا عاجزين عن العيشة الكريمة، بسبب معاش لا يسمن أو يشفى من جوع، فحق عليهم تشبيههم بأنهم مثل خيل الحكومة, الذي يتم الاستغناء عنه لفشله فى أداء واجبه فيتم إعدامه.
فحكومتنا الرشيدة ترى أن ما يحصل عليه أصحاب المعاشات من أموال، يكفى وقد يفيض من وجهة نظرها، وأى حل أو طريق غير ذلك على المتضرر اللجوء للقضاء ودروبه، وطول أمد التقاضى من خلاله لمن يريد أن يسترد حقه، فى هذه المرة من تضرر هو الحكومة التى لم تكذب الخبر، حيث سارعت بالطعن على حكم القضاء الإداري، ضاربة المواطن المستفيد من المعاش فى مقتل لينطبق عليه المثل الذى يقول: «آخرة خدمة الغز علقة»، باختيارها الطعن فى غير المكان المخصص للطعن، رغم أنه من المعروف أن القضاء الإدارى وبنص قانون السلطة القضائية يعطى الحق لمجلس الدولة دون غيره حق فض المنازعات الإدارية، وبالتالى لم يعد هناك من شأن للقضاء المستعجل بحكم للقضاء الإداري، ولذلك يرى البعض من خبراء القانون أن الحكم المستعجل الذى حصلت عليه الحكومة، هو والعدم سواء، لأنه صادر من جهة غير مختصة، وفيه خروج على الشرعية القضائية.
وهذا ما تعرفه وتدركه الحكومة جيدا، ولكنها استخدمت هذه الحيلة المعروفة للتهرب من التزامها تجاه مواطنين لم يبخلوا على مصر بشيء، تحت زعم عدم احتمال الموازنة العامة هذه الزيادة بالمعاشات، وهذا الزعم مردود عليه خاصة إذا علمنا أن أموال المعاشات لا تصرف من الموازنة العامة للدولة، فأصحاب المعاشات يحصلون على معاشهم من أموالهم التى كانت تستقطع من مرتباتهم أثناء سنوات خدمتهم، ولذا لن تتحمل الموازنة العامة هذه الزيادات، ويكفى أن هناك لغطا كبيرا فيما يخص أموال المعاشات الضائعة والتى تقدر بالمليارات، التى حدثت فى عهود سابقة لسد العجز فى الموازنة، ولم يعرف أحد مصيرها حتى الآن، بالطبع هذه الأموال لا تتحمل مسئوليتها الوزيرة الحالية «غادة والي» رغم كونها مسئولة عنها حاليا بحكم منصبها، أموال الناس تصرفت فيها الحكومة دون وجود سند قانونى يبرر هذا التصرف، ومع هذا أصحاب المعاشات لم يتذمروا أو حتى تكلموا، ولهذا عندما تطلب هذه الفئة الوقوف بجانبها فى هذه السن حتى لا يشعروا بالغبن، علينا أن نساندهم حتى لا يمدوا أيديهم.. الرحمة مطلوبة يا حكومة لأصحاب المعاشات، فهم لا يطلبون منة أو إحسانا، فحقهم فى الحياة الكريمة أمر واجب، وكذلك حقهم فى أموالهم التى سبق واستقطعت منهم أمر محسوم بحكم القضاء، ولجوءكم لمحكمة الأمور المستعجلة لن يخرجكم من هذه الورطة، فلابد من عودة الحق لأصحابه حتى ولو كانوا من كبار السن، لأنهم أولا وأخيرا بشر لا ينطبق عليهم وصف خيل الحكومة، ويستحقون من الدولة حق الحماية والرعاية والإنصاف طبقا لنص القانون والدستور.