رقصة «الصهاينة» فوق «جثة» سوريا
لم أجد وصفًا لما فعله العابثون فى سوريا، الباحثون فيها عن «أرض ميعاد» جديدة تحتمل أطماعهم الخبيثة، ممتطين لذلك جَوادَ الدين، منتهكينَ جثةَ الشقيقة الغالية، إلا نوعًا من الشذوذ الجنسي، اسمه العلمى «نيكروفيليا» أو جماع الأموات.
هذا ما فعله «الصهاينة» الثلاث.. إسرائيل، وإيران، وتركيا.. فى سوريا.. بلاد الشام.. الأرض السيدة، التى غدرَتْها السنوات السبع الماضية، وجعلَتْها أشلاء دولة، ممزَّقةً بين أطماع دول الجوار الحالِمة بتمدُّدِ نفوذِها الإقليمي، ومِن ورائهم قوى عظمى تصفِّى حساباتها وتعزز وجودِها على حساب الجسد السورى العارى الذى نهَشَه الجميع بلا رحمة، ولا يزالون يبحثون فيه عن نصر جديد أو صحن الثريد.
فما مغزى أن تُعلِن إسرائيل الأسبوعَ الماضي، عن تفجيرها للمفاعل النووى السورى فى سبتمبر 2007، ولماذا مَنَعَت نشر التفاصيل لأكثر من عقد؟
وإلى أيِّ مدى ينوى الجيش التركى التوغُّل فى سوريا، وكم مدينة أخرى بعد عفرين «السورية» سيُرفَع عليها علم السلطان أردوغان؟
وهل تغسل إيران يدَها من دماء 1700 قتيل فى الغوطة الشرقية «قرب العاصمة دمشق»، أم أن الدم السنِّيَّ لا ينقض الوضوء عند الشيعة؟
أسئلة موجِعة لا تبحث عن إجابة، بل تنتظر طوقَ نجاة يُنقِذ ما «ومن» تبقَّى فى سوريا قبل الطوفان الآتي، وِفقَ ما توَقَّعَه مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا ستافان دى ميستورا، الذى قال قبل أيام: «إن التقسيم الهادئ وطويل المدى لسوريا، الذى نشهده فى اللحظة الراهنة فى مناطقَ سيطرةٍ مختلفة، سيكونُ كارثةً ليس فقط على سوريا بل على المنطقة بأكملها».
مدهش حقًّا أن تَعُمَّ احتفالات، تعكسها تصريحات «وتغريدات»، بعد أن اعترف الجيش الإسرائيلى بمسئوليته عن غارة جوية استهدفت فى 2007 منشأَةً فى شرق سوريا يُشتَبَه بأنها كانت تؤوى مفاعلًا نوويًّا تطوِّرُه دمشق سرًّا بمساعدة كوريا الشمالية، وتأكَّدَت بذلك الشكوكُ التى لطالما حامَتْ حول مسئولية الدولة العبرية عن ذلكَ الهجومِ الخاطف.
وعلَّقَ رئيسُ الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتانياهو مؤكدًا أن «إسرائيل ستمنع أعداءها من امتلاك أسلحة نووية»، وقال عبر حسابه على «تويتر»: «الحكومة والجيش والموساد، منَعَتْ سوريا من تطوير قدرات نووية، وتستحقُّ كلَّ شكر على ذلك». وأضاف: «سياسة إسرائيل كانت ولا تزال كما هي، وهى منع أعدائنا من امتلاك أسلحة نووية».
أما التركى «البجم» أردوغان، فقد أكد أن جيش بلاده سيواصل الهجوم على وحدات حماية الشعب الكردية «السورية» على امتداد الحدود التركية مع سوريا. فيما أدانت الخارجية المصرية ما وصفته بـ«الاحتلال التركى لمدينة عفرين السورية»، وما نجم عنه من انتهاكاتٍ في حق المدنيين السوريين وتعريضهم لعمليات نزوح واسعة ومخاطر إنسانية جسيمة.
وقد أعلنت مسئولة كردية «سورية» أن أكثر من 200 ألف سورى هَرَبوا من هجوم عفرين، وهم يعيشون دون مأوى أو غذاء أو مياه.
ومن عجائب «العثمانلى»، إعلان أردوغان فى الأسبوع ذاتِهِ أن تركيا ستطلب من الاتحاد الأوروبى الستةَ مليارات يورو التى تعهَّدَ بها الاتحاد لمساعدة اللاجئين السوريين فى بلاده، حيث قال: «لا يُمكِنُكُم أن تعبثوا بكبريائنا»، مشيرًا إلى أن أنقرة لم تتلقَّ سوى 850 مليون يورو من الحزمة الأولى المتَّفَق عليها، حيث أوضح أن تركيا تقدم خدمات، بما فى ذلك التعليم والصحة، لأكثر من 3 ملايين لاجئ سورى فى البلاد.
وبالقرب من دمشق، كانت «الغوطة الشرقية» التى شرفت بزيارة «ميمونةٍ ومصوَّرةٍ تليفزيونيًّا» قام بها الرئيس بشار الأسد، وقد وُصِفَت العمليات العسكرية فى الغوطة بأنها الأشد فتكًا، حيث راح ضحيتها 1400 قتيل، بينما ارتفع عدد النازحين منهاإلى نحو 70 ألف سوري.
وهذه التغريدة تختزل حالة البهجة عند مؤيدى النظام السورى «وشريكه الإيراني» فى جريمة الغوطة: «الأصوات اللى عم تطلع بالغوطة أجمل من أصواتthe voice مجتمعة»،إنهم فرحون لصراخ الضحايا.. يستمتعون بالرقص على جثة بلادهم.
إنها مأساة مكتملة الأركان.
أدعو الله أن يخفف عن أحبابنا وأهلنا السوريين الأحياء، وأن يرحم موتاهم.