الخميس 10 يوليو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
دكتوراة أمريكية عن عبدالحليم حافظ فى جامعة جورج تاون

دكتوراة أمريكية عن عبدالحليم حافظ فى جامعة جورج تاون


 بعد أيام قليلة، تحل الذكرى الـ41 لرحيل عندليب الغناء عبدالحليم حافظ – فى 30 مارس الجاري.. هذه الذكرى التى يجدد فيها عشاقه فروض الحب له وتتجدد فيها  أسطورته الغنائية.
 فحليم رغم مرور كل هذه السنوات ليس فقط متربعا على عرش الطرب وقلوب عشاق الغناء، بل إنه محور اهتمام الباحثين فى الموسيقى والغناء حول العالم، والمفاجأة هنا أن شهرة عبدالحليم التى تجاوزت الحدود دفعت شابا أمريكى الجنسية لتسجيل رسالة دكتوراة عن  معجزة  العندليب التى ما زالت ممتدة.. والصدفة وحدها قادتنا للانفراد بتفاصيل أول رسالة دكتوراة أمريكية عنه.
المفاجأة الأكبر أن الباحث اعتمد على معرفة سيرة «عبدالحليم» من خلال ما كتبته روزاليوسف عن مشواره الغنائى بالإضافة إلى الكتب والمجلات الأجنبية التى تحدثت عنه.
«نيكولاس مانجيا لاردى».. وهذا اسمه، جاء مصر هذه المرة وهى الزيارة الثالثة له.. لفتح ملف عبدالحليم سواء من خلال أسماء عملت معه أو مقربة منه.. وذهب لمنزل عبدالحليم واستقبله ابن شقيقه المطرب محمد شبانة، والذى رحب به ومنحه تفاصيل مهمة من أرشيفه وصوره وما كتب عنه فى شقته بالعجوزة، وهى التى شهدت معظم أعماله الخالدة فى الخمسينيات  والستينيات قبل انتقاله إلى شقة الزمالك الشهيرة.
«نيكولاس» الحاصل على ماجستير من جامعة جورج تاون الأمريكية جاء لمصر بمنحة من مركز  البحوث الأمريكى فى مصر للانتهاء من رسالة الدكتوراة عن عبدالحليم حافظ ودوره فى تطوير الغناء  المصرى والعربى وباعتباره مدخلا للتراث الموسيقى المصرى من خلال مشواره الغنائي.. وكان موضوع رسالة الماجستير عن الأدب والشعر العربى وكيف انتشرت أغنيات «الراب» خلال ثورة 25 يناير.. وإطلاق الشباب المصرى وقتها مجموعة أغنيات معظمها مستوحاة من التراث فى مقدمتها أغنيات المغنى «ديب» الذى قدم أغنية «موعود» أثناء ثورة مصر وهى مأخذوة من مقتطفات من أغنيات عبدالحليم وبعض الأعمال التراثية المصرية وتكتمل رحلته فى دراسات الشرق الأوسط مع «حليم» ودوره المؤثر  فى الغناء المصرى بعد تفاعله الشامل مع رموز  الأدب والشعر فى مصر مثل أمير الشعراء أحمد شوقى وإبراهيم ناجى ومحمود سامى البارودى  وحتى أحمد عبدالمعطى حجازي.. ويوضح نيكولاس أكثر:
 بدأت فى بحثى عن عبدالحليم منذ عامين  بعد فترة كنت فيها مهتما بموسيقى الراب فى مصر والعالم العربى، وأنا أرى أن هناك علاقة بين اهتمامى بالراب والموسيقى العربية الكلاسيكية، وهنا العلاقة مرتبطة بمفهومى الأصالة والتراث.
 اندفاع «نيكولاس» للاهتمام بسيرة «حليم» كما قال لى لأنه لاحظ كتبا ومقالات عديدة  بالإنجليزية تتناول موسيقى أم كلثوم ومحمد عبدالوهاب وأسمهان وسيد درويش، والإشارة فقط إلى دور حليم فى السينما الغنائية وأعماله فيها رغم دوره فى الغناء كمطرب.. ومن هنا كان اهتمامه بأعمال عبدالحليم ومساهماته الغنائية سواء فى الغناء العاطفى أو الوطنى الذى كان بمثابة المتحدث الرسمى عن مشاعر المصريين وموجها للرأى العام فى الثورات والانتصارات.. ولماذا لم يتناول بنفس الجدية كمطرب كبير له  جماهيريته العريضة..
  نيكولاس يعتبر «حليم» رمزا لفترة زمنية لها خلفيات اجتماعية وسياسية وثقافية بأدائه البسيط والمعبر وإحساسه الفذ وأن مشواره الغنائى فى بداياته قبل أعماله السينمائية يستحق التأمل فى أغنيات «صافينى  مرة» و«يا حلو يا أسمر» كما أن أغنياته الأخيرة التى اعتمدت على القصائد الشعرية فى حاجة للدراسة والتحليل مثل «يا مالكا قلبى» و«رسالة من تحت الماء»..
 وهنا يفجر نيكولاس مفاجأة بقوله  قصيدة «قارئة الفنجان» هى وراء اندفاعى لتعلم اللغة العربية وأن بعض الشباب الأمريكى اتجه فى نفس الهدف بعد هذه القصيدة التى يعتبرها تحفة فنية وشعرية،  ودرس فى الأداء والإحساس.. والقصيدة هى وراء دراسته للغة العربية، أما إعجابه بصوت «حليم» كان من خلال أغنية «بكره وبعده» وكما قال لى هى أغنية سابقة لعصرها  استخدم فيها حليم موسيقى الجاز  الشهيرة.
 «نيكولاس» قال أيضا «مفيش زى حليم عندنا» فى أمريكا فى شهرته وجماهيريته وأسلوب إدارته لأعماله الغنائية واستخدام الآلات الشرقية الأصيلة أغنياته بجانب الغربية مثل الجيتار والأورج ومنهجه فى أعمال مع كبار الملحنين مثل موسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب ومحمد الموجى وبليغ حمدي.. هؤلاء العظماء محور اهتمام «نيكولاس» أثناء وجوده فى مصر ويسعى للاقتراب من المقربين منهم لمعرفة المزيد عن عبقرية عبدالحليم  إلى جانب الأحياء من أعضاء فرقته الموسيقية «الماسية» ومقابلة مجدى الحسنى وهانى مهنى باعتبارهما شهود عيان فى رحلة عبدالحليم ..
 نيكولاس قال: إن وقفة حليم على المسرح وهو يغنى فى حاجة إلى تحليل حيث شهد نجاح عبدالحليم مولد علاقة حميمية بين الجمهور وبينه، بينما يغنى لم تكن موجودة بين المطرب والجمهور قبله..
 وقال أيضا إنه قرأ بشغف ما كتبته روزاليوسف عن انفعاله  مع الجمهور «التصفير» أثناء الغناء منحازا إلى العندليب بحكم أن قصيدة «قارئة الفنجان» تحتاج إلى هدوء وتركيز لغلبة المعانى التى تطرحها المعركة الموسيقية المبتكرة التى قدمها الموسيقار محمد الموجى فى القصيدة إلى جانب الكلمات الدرامية الصعبة والتى قدمها العندليب  بأسلوبه السهل الممتنع.
 ويفجر نيكولاس مفاجأة أخرى بقوله: جانب كبير من شخصية حليم الغنائية أمسكت به أثناء وجودى فى المغرب لدراسة اللغة العربية، وهناك حسبما قال سمعت : أهواك.. وأنا لك على طول، وقال أيضا إن شعب  المغرب يعشق عبدالحليم  ومعظمه ارتبط بالعامية المصرية من خلال أغنيات عندليب الغناء.
 مشوار الأمريكى العاشق لحليم لم يقتصر على الكتب والمجلات الأمريكية عن حليم، بل قام بتجميع كل ما كتب عنه فى روزاليوسف عبر مشواره وأيضا الكتب التى صدرت عنه.
 الكتابة عن عبدالحليم فى مصر كما يراها نيكولاس معظمها اقتصر  على حياته وعلاقاته ونشأته دونما اهتمام كاف بتحليل أعماله ولماذا استمرت بنفس التأثير رغم مرور 41 عاما على رحيله.. كان موسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب تحديدا محل اهتمام «نيكولاس» ويعتبره الملحن الأعظم فى الشرق الأوسط..
يترقب نيكولاس الاحتفال بذكراه الـ 41 الذي يشهد أكبر تجمع لمطرب مصرى وعربى حول مقبرته  وفى شقته بالزمالك كمحطة أخرى يتطلع إليها لكشف جوانب أخرى فى حياة المطرب الأسطورى  وكيف يجمع هذا اليوم عشاقه فى ظاهرة غير مسبوقة فى تاريخ الغناء.. لصوت عابر للأجيال والقلوب.