
محمد جمال الدين
فى أزمة نادى الزمالك.. ابحث عن الإدارة
أثبتت أزمة نادى الزمالك الأخيرة غيابنا التام عن الأخذ بعلم الإدارة الحديث فى إدارة أى أزمة أو منشأة فى مصر ، لأنه لو كان هناك مسئول يتمتع بقدر بسيط من الحكمة ، كان من الممكن وقتها أن تحل أزمة القلعة البيضاء ، دون أن نصل إلى ما وصلنا إليه من حجز على أموال النادى ، وتشكيل لجنة لإدارته ومراجعة تصرفات مجلسه المالية، مما استدعى تدخل رئيس الوزراء شخصيًا لإيجاد حل لهذه الأزمة، بعد أن وصل الأمر إلى مرحلة لا يمكن السكوت عليها من قبل من يدير النادى، الذى اتبع نهجًا يعتمد على إطلاق تصريحات، متهمًا فيها المختلفين معه بهدم مسيرة النادى، مهددًا ومتوعدًا من غضبة الجماهير البيضاء للنيل من أجهزة وأركان الدولة، هذا بخلاف التهديد بمنع مصر من المشاركة فى بطولة كأس العالم القادمة فى كرة القدم التى ستقام فى روسيا، وجلها أمور مرفوضة جملة وتفصيلًا من أى مواطن مصرى، فما بالك بمن انتخبه الشعب ووكله عنه فى إدارة شئونهم، ولكنها سياسة الصوت العالى التى اعتبرها البعض منهجًا لفرض إرادته على الجميع ، اعتقادًا منهم أن هذه هى الطريقة المثلى فى فرض اسم ناديه ولو بالقوة على المجتمع الرياضى، وغاب عن أصحاب هذا المنهج أن هناك دولة ولن يصح للتعامل معها إلا الصحيح، وأن هناك قانونًا لا بد وأن يفرض على الجميع، بعد أن انتهى زمن الحماية الخاصة التى كان يتمتع بها البعض فى وقت من الأوقات، بعيدًا عن الاستقواء بالجماهير العاشقة لناديها، وبعيدًا عن جمل التحدى من نوعية (لو هناك دكر ينقل ملايين النادى للبنوك) وأن الدولة لا تستطيع أن تحدد مصير النادى، معتمدًا على رأى الجمعية العمومية، صاحبة الحق والمصلحة فى كل أمر يخص النادى ، رغم أن القانون يعطى الحق للدولة فى الإشراف المالى على المنشآت العامة، هذه العبارات والجمل من نوعية (أنا الحكومة.. ومن النهاردة مافيش حكومة) مع الاعتذار للفنان (أحمد السقا) الذى ردد هذه العبارة فى فيلم (الجزيرة)، ثبت جميعها عدم صحتها، لأن هناك دولة وهناك قانون يفرض على الجميع احترامه، لذلك عندما ضاقت السبل بصاحبنا، لم يجد أمامه مفرًا سوى الاستعانة بالدولة، التى ساهمت بالقانون وليس بشيء آخر، فى حل مشكلة الزمالك أحد أهم قلاع الرياضة المصرية، حيث تم نقل أموال النادى التى تعد مالًا عامًا إلى أحد البنوك العامة، وتم الاتفاق على عدم المساس بهذا الحساب البنكى لحين وضع جدولة ملزمة لمجلس الإدارة، لسداد مديونيات النادى للضرائب والتأمينات، ومع (ممدوح عباس) الذى فجر هذه الأزمة وحجز على أموال النادى وفاء لمديونية مستحقه له، رفض رئيس النادى سدادها رغم حصول (عباس) على أحكام قضائية نهائية وباتة، لم يعرها الرجل الذى درس القانون وعمل به ومازال فى أكثر من موقع أدنى اهتمام، ولكنه العند الذى تحكم فيه وفى تصرفاته التى كادت أن تدمر هذا الكيان الرياضى العظيم بعد أن انفرد بالقرار ولم يعد هناك سوى صوته، رغم اعترافى واعتراف الجميع بمساهمته شخصيًا فى إحداث طفرة معمارية كبيرة بداخله وطفرة رياضية، ولكن هذه الطفرة جاءت على حساب الأخذ بالمنهج العلمى فى إدارة أى منشأة بالإضافة إلى الحكمة التى يجب أن تتوافر لمن يدير، واستعاض عن ذلك النهج بالعند والتكبر والصوت العالى الذى ثبت على مر التاريخ فشله فى حل أى أزمة أو مشكلة، خصوصًا بعد أن همش أغلب أعضاء مجلس الإدارة، لدرجة أن نائب رئيس النادى المستشار (جلال إبراهيم) عندما تم سؤاله عن اللاعب المفاجأة الذى وعد به رئيس النادى الجماهير البيضاء أكد أنه لا يعرف اسمه ، ولهذا ولغيره كثير حدث ما حدث ووقعت القلعة البيضاء فى أكثر من أزمة كنتيجة طبيعية لحكم الفرد الواحد ، الذى لم يعد يجدى فى هذا الزمن.