
هناء فتحى
الذين هربوا من «الألكاتراز» سيفرون من «جوانتانامو»
وماله! فليتوعدنا ترامب بإبقاء «جوانتانامو» مفتوحا كيّ يسجن بلاد الشرق فيه.. وماله!! منذ متى كانت المتاريس تعتقل العيون والمشاعر والأفكار والمظلومين؟.. فأقسى قلاع الأرض إغلاقًا لم تمنع سجينًا من الهرب.. وليعلم رجل الكاوبوى فى البيت الأبيض «أن باب النجار مخلَّع».. بوابات بلاده مرتجة.. وليذهب ليتفقد أبواب ونوافذ وقضبان سجونه.. وليحصى عدد المساجين الذين فرّوا من سجون أمريكا الحصينة منذ إنشائها حتى إغلاقها بفعل فضائح الهرب.
لم يسمع ترامب بعد خبر الذين فرّوا من سجن الصخرة عام 1962.. أن أحدهم الأسبوع الماضى ظهر فجأة على إحدى شاشات تليفزيون كاليفورنيا بعد 55 عامًا من الهروب الكبير وأنه تمكن ورفاقه من الهرب ولايزال حيّا .. وليس كما قالت ملفات السجون بأنهم ماتوا غرقًا.
ففى خبر كالقنبلة تلقاه أبناء الشعب الأمريكى وتلقاه بفرح شديد معهم كل الذين تعلقت مشاعرهم بأبطال فيلم « الهروب من الألكاتراز» لـ «كلينت ايستوود» والذين اعتقدوا أن المساجين الأربعة الذين فرّوا عام 1962 من السجن قد ماتوا فى مياه خليج سان فرانسيسكو كاليفورنيا كما قالت وأخبرتنا السلطات وأجهزة المخابرات والأفلام الكبيرة . السجن اسمه «الصخرة» أو «الألكاتراز» يقع فوق صخرة عالية داخل جزيرة منيعة تسمى بـ الألكاتراز؛ حيث لم يكن هواء السجن أو الناموس والذباب جميعًا يدخلون ويخرجون من وإلى الزنازين إلا برقابة صارمة... لكن الزلزال الذى ضرب جدران سجون أمريكا وعقول ضباط الـ «FBI» صباح أحد أيام الأسبوع الماضى قد أربك مفاهيم ومعتقدات السجانين فى شتّى أنحاء الأرض.. فمهما بنوا من سجون ومهما شيدوا من متاريس و قلاع ومهما دكوا القضبان وسلسلوا الأيادى والأرجل والرقاب بالأغلال فلسوف يفرُّ الفارون.
ما حدث بالضبط هو أن استيقظ سكان كاليفورنيا على شاشات تلفازاتهم؛ حيث أمسك «Marshsls Service» وهو أحد مقدمى برامج قناة « KPIX5» بورقة ليتلو على المشاهدين أسطر رسالة من أحد أبطال فيلم كلينت أسود واسمه «جون انجلين» - وهو فيلم يحكى سيرة حقيقية عن فرار سجناء الألكاتراز - يعلن فيها أنه البالغ من العمر الآن 83 عامًا لايزال حيّا لم يمت.. لكنه مصاب بالسرطان.. ومستعد لتسليم نفسه للشرطة مقابل علاجه و إيداعه مستشفى السجن.50عامًا منذ هروبهم تم خلالها إغلاق السجن نهائيّاً وتحويله إلى متحف ومزار .. 40 عامًا منذ أن أغلق الـ «إف بى أى» ملف القضية.. كل الأفلام التى صنعت من سيرتهم قد سجنت عيوننا وقلوبنا نحنُ .. أما هم فقد كانوا طلقاء.
فى رسالة شديدة الألم مليئة بالعِبَر أرسلها جون انجلين - وللعلم؛ فهو متهم باللصوصية ومدمن وتاجر مخدرات - إلى الجارديان وتليفزيون كاليفورنيا يقول نصها: «أنا فلان عندى 83 عامًا مصاب بالسرطان.. إذا قمتم بإذاعة ونشر خطابى أعدكم بالتوجه إلى السجن.. ليس هناك عمر آخر أحتمل فيه عذاب آلام السرطان.. أريد تلقى العلاج .. سأكتب لكم لاحقًا أين أنا.. هذهِ ليست مزحة» .. نعم لم تكن نكتة.
فما كان من مكاتب التحقيقات إلا أن فتحت مظاريف القضية من جديد. . فقد سلم السجين نفسه بالفعل.. وبتحليل الحمض النووى تبين أنه هو الهارب المقصود.
أى خيال سيجنح بصانعى الأفلام ليكتبوا لنا الجزء الثانى من فيلم الألكاتراز ..فلايزال كلينت إيستوود حيّا ليكمل فيلمه الناقص.. ثمة حكايا ستدور أين عاشوا وأى أسماء انتحلوا وفى أى وظائف قد عملوا وفى أى بيوت قد عاشوا وتزوجوا.. أى عذابات قد عانوا؟.
فى الحقيقة؛ طوال فترة اختفائهم منذ عام 1962 حتى الآن ستعرف بأن أمهاتهم لم يكنّ يصدقن أن أبناءهن هلكوا.. وكان على مدار السنين المتباعدة أن تصلهن فى أعياد الميلاد بطاقات تهنئة غير معلومة المكان وغير ممهورة باسم سوى «ابنك».. وفى رسالة أخرى أخبر بطل حكايتنا هذهِ والدته أن ابنها وأخاه والهارب مثله من ذات المعتقل قد مات فى 2014 «موتة ربنا».
هذهِ حكاية موجهة إلى ترامب وكل ترامب فى العالم.>