الإثنين 21 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
الساحر بهاء الدين

الساحر بهاء الدين


من «روزاليوسف» يتخرج «السحرة».. (سحرة الإبداع) وكما فى مذهب «الصوفية» مراتب ودرجات،  فإن الكاتب أحمد بهاء الدين فى المرتبة الأولى فى مذهب  «الساحرون» فى مرتبة «سحرة السحرة» وهى أعلى مراتب السحر.
أجيال وراء أجيال تتعلم السحر وترثه ونهر «روزا» لن ينضب ولا يعرف التيبس.

الساحر الأكبر الأستاذ أحمد بهاء الدين لم يترك أى نشاط إبداعى إلا ودق أبوابه، فبخلاف كونه كاتبًا سياسيًا فذّا فإن له صولات وجولات لا تنسى وغير  مسبوقة أو ملحوقة مع الحكام وقضايا هذا «البلد الأمين» والبسطاء فيه، بأنه مع تعاطى الكتابة مع المبدعين فى ذات التوقيت، والمفاجأة التى قد لا يعرفها البعض أن الكاتب «الأعظم» كتب عن القوة الناعمة والفنون بمختلف ألوانها وله حملات نقدية على  أسماء عظيمة مثل فاتن حمامة، وعمر الشريف، وفريد شوقى، ومحمد عبدالوهاب، وأم كلثوم، ومنهم إلى طه حسين وتوفيق الحكيم وصلاح جاهين.. «بهاء الدين» تناول كل هؤلاء فى مقالاته ليرسم لنا خارطة الكاتب كامل الأوصاف لمصر من حكامها لبسطائها إلى مبدعيها.. «أطلس كامل» عن تاريخ وجغرافيا وتربية وطنية لأم الدنيا.
الناقد «أحمد بهاء الدين» اتسمت كتاباته ومتابعاته بالروعة والبهاء والرشاقة والجمال، مما يؤكد امتلاكه ذوقًا فنيًا رفيعًا.. ويعترف الكاتب «البهى» فى حواراته بأن السياسة طغت على كتاباته فى الفنون وأنه تمنى أن يكون ناقدًا فنيًا.
«سحرة السحرة» تحدث فى مقال بديع عن سيدة الشاشة العربية بعنوان «فاتن حمامة» (عن أوجه الشبه بين الممثل والزعيم السياسى)، مشيرًا إلى طفولة «فاتن» ونشأتها وكيف اكتملت نجوميتها، وكيف أبدعت فى تصدير صورة البنت المصرية البسيطة والمكافحة، وفى مقال آخر يحمل عنوان «عمر الشريف أو مسيو رجب» كتب عن فيلم «صراع فى الميناء» وانتقد فيه مخرجه يوسف شاهين وافتقاد بعض أحداث الفيلم للمنطق رغم إشادته بتمثيل فاتن حمامة والتصوير.
ومن «فاتن وعمر وشاهين» تنبأ بمولد ممثلة كبيرة فى مقال كتبه عن «زبيدة ثروت» ذات الملامح الأوروبية والعينين العشبيتين، وفى مقال مدهش كتب نقدا سينمائيا لفيلم «رصيف نمرة خمسة» لفريد شوقى مشيدا بقصته المصرية البعيدة عن الاقتباس وتحدث عن الأداء الرائع لوحش الشاشة وعبقرية المخرج فى اختيار الممثل المناسب فى الدور المناسب.. ومن السينما إلى الغناء عن العملاقين أم كلثوم ومحمد عبدالوهاب.. فى المقال الأول عن سيدة الغناء وكتب عن الجانب الإنسانى فى شخصية المطربة العملاقة وقال إن البساطة هى سر النجاح الأسطورى الذى حققته،  أما المقال الثانى فعلق فيه على تحقيق نشرته مجلة «روزاليوسف»  عن اتهام الموسيقى رءوف ذهنى - وهو السكرتير  الفنى لموسيقار الأجيال - لعبدالوهاب بأنه يسرق ألحانه، ولخص الكاتب الكبير «التهمة» بقول أثير بالتأكيد على أن سرقة الألحان تهمة غريبة ويدافع عن منتجات محمد عبدالوهاب الإبداعية بتوجيه أسئلة منطقية لـ«ذهنى» فضلًا عن طرح علامات التعجب التى ترفض بالطبع إدانة موسيقار كل الأجيال.
المناضل الأكبر لقضايا البسطاء  والعدالة الاجتماعية والوحدة العربية قبل أن تتحقق، ومؤسس المذهب الإصلاحى فى الشارع الصحفى، والمتصدى الأكبر لكبرياء الرئيس السادات، وجماهيرية عبدالناصر، والمطالب الأول لإنشاء دولة فلسطين ونموذج الضمير  الحى لعصره، كتب أيضًا فى الأدب مقالًا بعنوان «ترشيح طه حسين وتوفيق الحكيم لجائزة نوبل» فى مجلة روزاليوسف فى 2 يناير 1956 وفيه  أطلق حملة ناشد فيها «جمعية الأدباء» بالانتقال من النطاق المحلى إلى العالمى وترشيح أديب لنيل جائزة نوبل، ففى مصر - كما كتب - طه حسين وتوفيق الحكيم أولى بها.. والرائع أن المقال لقى صدى عند الكاتب العملاق توفيق الحكيم وأرسل ردًا عليه فى عدد 9 يناير بروزاليوسف, مؤكدًا أن طه حسين أحق منه فى رد بمثابة رسالة لكل الأجيال عن روح الفروسية والمنافسة الشريفة. بهاء الدين اعتبر فى مقاله أن من حق مصر أن يكون لها سفير فى مجال الأدب وتحققت نبوءته ونالها أديب مصر الراحل نجيب  محفوظ.. ليؤكد أن الأستاذ سابق عصره ويرى ما لا يراه الآخرون وهو الشعار الذى ترفعه «روزاليوسف».
قلم بهاء تطرق إلى نقد الرواية المسرحية وكتب مقالًا عن مسرحية «دموع إبليس» للكاتب فتحى رضوان، وذهب إلى صلاح جاهين فى مقال بعنوان «كلمة سلام» وتوقف فيه عند قصيدة «دموع وراء البرقع» وقال إنها صورة رائعة لعامل فقد عمله وكيف رسم جاهين بالقصيدة هموم المواطن البسيط.
الجمال والفن عنوان مقال آخر للكاتب الأسطورى فى مجلة صباح الخير، عام 1956، وبدأ مقالة بسؤال هل يجب أن يكون الشىء مفيدًا لكى يكون جميلًا؟ وأجاب: نعم، فالجمال فى العمل الفنى أو المشهد الطبيعى أو المرآة لو تتبعنا أسراره لوجدنا أن الفائدة عنصر أساسى وأن  المفيد يجب أن يكون جميلًا، إنها رسالة بهاء لصناع الفنون ووصية واجبة التنفيذ من أجل مصرنا الجميلة.>