
هناء فتحى
2017 قصة ولا مناظر
كل الأفلام الأمريكية العظيمة التى أبهرتنا بإنسانيتها وتصويرها وأبطالها، قد سرقها الواقع من السينما حرفيًا فى 2017 خاصةً فيما يجرى فى منطقة الشرق الأوسط.. وحين تحول العام الماضى من سينما وخيال إلى قصص ومناظر واقعية، فإننى أدعو صناع السينما إلى إعادة إنتاج الواقع المسروق منهم لأننا «نحب السيما» أكثر.
كل الأفلام الأمريكية مثل: The Shawshank Redeption.. أو The Legend of Tarzan أو بعض الأفلام الرائعة عن الغزو الأمريكى لفيتنام: The Deer Hunter.. أو .. apocalype now .. أو حتى ثلاثية أفلام أوليفر ستون.. كلها.. كلها قد اقتبسها الواقع الفعلى نصًا دون تحريف.
كانت صحيفةThe Sun قد فجرت تحقيقًا صاعقًا عن رجل فيتنامى اسمه Van Lang عمره 44 عامًا قضى منها 41 عامًا مختبئا مع أبيه فى غابة Tay Tra ظنًا منه أن الحرب الفيتنامية الجنوبية على الشمالية بقيادة أمريكا لا تزال تدور رحاها حتى الآن.. يحكى فان للصحيفة أنه ظل عمره يعيش مع الحيوانات مثل طرزان، يأكل الفئران ويعتلى الأشجار.. بينما حافظ له والده ذو الـ85 عامًا على اللغة.. فطرزان كان يتحدث الفيتنامية ويفهم لغة الطير والحيوان.. ويصارع الكواسر.. الآن يتم إدراج طرزان والده فى مجتمع مدني.. أسكنته السلطات فى بيت يطل على الغابة.
بينما نشرت الـTime تحقيقًا شيقًا آخر أيضًا فى نهاية العام يحكى عن صديقين فى الفلبين امتدت المعرفة بهما حتى 60 عامًا ليكتشفا صدفة أنهما أخوان.. كان «والتر ماكفارلان» و«آلان روبنسون» من جزيرة هاواى صديقين منذ الصف السادس الابتدائي.. فجأة أعلنت السلطات عن توفير تجارب الحمض النووي.. وفجأة اكتشف الصديقان أنهما يتقاسمان نفس الأم.
أما الحكاية الثالثة فهى طريفة جدًا نشرتها صحيفة الـ Independent البريطانية عن أميركى أسود عمره الآن 69. . قضى منها 44 عامًا فى السجن وخرج ليرى الحياة المتطورة تكنولوجيا إلى حد لم يكن يتوقعه.. حيث أمسك للمرة الأولى تليفون آيفون ثم زار تايمز سكوير.. كده مرة واحدة خبط لزق!
فى حكاية الرجل الفيتنامى الذى اختبأ فى الغابة هربًا من مشاهد الدمار والدم والموت الذى أذاقته أمريكا لبلاده.. لم يعرف الرجل أن أمريكا فشلت وتم هزيمتها ودحرها من بلاده، وأن فيتنام لم تنقسم لاثنتين كما أراد الاحتلال الأمريكى الفاجر كما فعل فى السودان واليمن وكما حاول وفشل فى سوريا.. بل إن هزيمة دواعش أمريكا المسميّن بمصطلح الدولة الإسلامية فى العراق والشام والمأجورين من دولتى الاحتلال الإسرائيلى والاحتلال الأمريكى فشلتا فى صنع الحدود بين العراق وسوريا كدولتين كبريين .. لكن أمريكا الإمبريالية لا تتعلم من هزائمها فى بلادنا.. تواصل الآن نفس اللعبة الفيتنامية مع الكوريتين الجنوبية والشمالية مهددة بإبادة الشمالية التى استعصت عليها.. وكالعادة أيضًا كان الاتحاد السوفيتى وقتها ومعه الصين يناصران حكومة الشمال الفيتنامى الشمالي.. الحكومة التى دحرت عدة رؤساء أمريكيين مثل ترومان وأيزنهاور وكينيدى وجونسون.. فى عام 1976 تم توحيد الفيتناميتين.. فهل يحدث ذلك لكوريا واليمن والسودان؟ ربما بعد أن يحدث فى السينما أولا ينتقل إلى الواقع بعدها.
ربما كانت سينما أمريكا أكثر شرفًا من إدارة أمريكا لولاياتها ولبلاد العالم .. ربما كانت أفلام مثل «صائد الغزلان».. و«نهاية العام الآن».. و«مأساة الجندى رايان».. هى أفلام تمثل الضمير الأمريكى المفقود.. بالطبع كان الرأى العام الأمريكى الحر والمعارض للحرب على فيتنام.. كان سببًا رئيسيًا فى خروج عسكر أمريكا من بلادهم.. لكن السبب الأعظم كان فى شرف مقاومة الشعب الفيتنامى نفسه للاحتلال الأمريكى الغاشم.
ربما كانت إحدى شخصيات فيلم إصلاحية شوشانك للمخرج وكاتب السيناريو «فرانك درابونت» تشبه ذلك الأمريكى الأسود الذى خرج من السجن بعد 44 عامًا.. لكنه فى الفيلم انتحر.>