الأربعاء 9 يوليو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
سواكن.. ولكن: ألا تستحى يا «زول»؟!

سواكن.. ولكن: ألا تستحى يا «زول»؟!


أما جزيرة «سواكن» فهى الميناء الأقدم لدولة السودان (الذى لا يزال وسيبقى شعبها.. شقيقًا)، وعندما تعرف أن الدولة العثمانية قد استخدمت «سواكن» مركزًا لبحريتها فى البحر الأحمر، كما أنها كانت مقرًّا للحاكم العثمانى لمنطقة جنوب البحر الأحمر بين عامى 1821 و1885 فستزول دهشتك من عملية التأجير الرخيصة التى قام بها الـ«زول» المراهق حاكم الـ«نصف» دولة، الذى خَلَع جلبابه السودانى وبعثر تاريخ بلاده النضالى والحضارى، وتقمص حالة كاريكاتورية شهيرة، جسد فيها دور البواب (حارس العقار) الساذج الكسول، القابع أمام دولته ينتظر أى «بقشيش» من سيده «الباشا العثمنلي». 

الأتراك هم «الصهاينة الجدد» يخططون بمكر ودهاء لاستعادة مجدهم القديم، وإمبراطوريتهم المتحللة، ويروجون بكل السبل لمشروعهم العقيم «دولة الخلافة الإسلامية»، والتى أفسدوا بها الإسلام لخمسة قرون، ومارسوا على شعوب الأمة أبشع جرائم الاستعمار التى عرفها العالم.
وقد نجح الأتراك قبل شهور قليلة أن يجدوا لهم موضع قدم فوق «القرن الأفريقي» فى الصومال عند مدخل البحر الأحمر، واليوم يجدون النقطة الثانية والأهم، وبالقرب من الحدود السعودية والمصرية، النظامين اللذين يقفان عثرة فى طريقة أحلام أردوغان السلطانية. لكن لا يمنعنى العداء للمشروع الأردوغانى الفاشى، من الإعجاب بفكرة الطريق الجديد للعمرة والحج الذى سيجبر الأتراك عليه، والذى سيمر عبر «سواكن» التى يشتمل مشروع تأجيرها ترميم آثارها (العثمانية)، الموجودة بكثرة فى هذه الجزيرة المهجورة منذ أكثر نصف قرن، والتى قررت أنقرة فجأة أن تعيدها إلى الحياة، وبحسب تصريح أردوغانى لوكالته الرسمية «الأناضول»: «الأتراك الذين يريدون الذهاب للعمرة (فى السعودية) سيأتون إلى سواكن، ومنها يذهبون إلى العمرة فى سياحة مبرمجة».
أما «ولكن» التى ذكرناها فى العنوان، فإننى أحيلها إلى الموقف المصرى (الصابر) على هذه المراهقة السودانية التى تعبث فى أخطر ملفات الأمن القومى المصرى، بدايةً من ملف المياه، بعد تحالفِها المشبوه مع إثيوبيا، ومرورًا بملف «حلايب وشلاتين»، الذى تستدعيه الخرطوم كلما افتضحت عورات الحاكم المخرف، أو تجلت سوءات الحكم العسكرى لـ(الفريق) التى يدفع ثمنها أبناء السودان الشقيق، ثم كانت قصة «سواكن» المؤجرة، التى أتمها بتحالف عسكرى (سوداني- قطرى - تركي)، عقد اجتماعه الأول فى الخرطوم قبل أيام، لتكتمل ملامح الصورة. إن مصر والمنطقة العربية باتت فعليًا تحت الحصار، بين ثلاثة أطماع كلها «صهيونية» سواء تركية أو إيرانية أو إسرائيلية، يحيط بها ثلاثة آخرون أقل صخبًا وفجاجة لكن أكثر شراهة، هم أمريكا وروسيا والصين، ومن خلفهم تقف معظم الدول الأوروبية، الجميع يتخطفوننا، ويتآمرون علينا فى السر والعلن. لنا الله.. يحفظ شعوبنا.
وأخيرًا، فاجأنى صديق بريطانى، عاش سنوات فى السعودية، بمعلومة مهمة تحريتُ دقتها وتأكدتُ منها، وهى أن الخراف «السواكني» السودانية هى من أجود لحوم «الضأن» وأغلاها فى المملكة، وهى تتدفق بشكل منتظم من ميناء بورتسودان إلى جدة، وكان آخرها شحنة تصديرية، الأسبوع الماضى، ضمت 1000 رأس من الإناث (ومن المعروف أن تصدير الإناث/ أو ذبحها خطر على بقاء السلالة، ولا تلجأ إليه إلا الدول المتخلفة)، ويقفز هنا سؤال (حيران)، لا علاقة له بـ«الإخوان» هل يستمر تدفق الخرفان «السواكني» إلى المملكة أم ستمنعها تركيا بعد أن وضعت يدها على «سواكن» ونختم بالإجابة عن سؤال آخر، ولكنه قديم كنا نسأله عام 2011 ساخرين: لماذا لم تصل ثورات الربيع العربى إلى السودان؟ ببساطة لأن البشير دفع «نصف دولته» ثمنًا للبقاء، وهو اليوم مستعد لأن يدفع ما تبقى من السودان (وفوقها عمامته) كى يحكم لآخر يوم فى عمره، ألا تستحى يا زول؟