
هناء فتحى
هل ينال ترامب هدية كالتى نالها بوش من منتظر الزيدى؟!
ليس شرطًا أن يخبرنا المنجمون والعرافون بالهدية القدرية الحتمية التى سوف يتلقاها ترامب فوق رأسه كالتى تلقاها بوش من العراقى منتظر الزيدي.. شاء ترامب أو أبى.. sooner or later .. فالسياسيون والمحللون والمعذبون والمحتلون والمطرودون من بلادهم يعرفون مصير ترامب.. بل إن الأمريكان أنفسهم يعلمون وباتوا يقارنون ويقاربون بين مصير وسلوك بوش وترامب.
فالتخمينات التى يرسمها البعض فى نهاية كل عام تجمع ولأسباب عدة أن الحذاء الذى تلقاه «بوش» فى العراق 2008 من «منتظر الزيدي» سينال مثله «ترامب» لا محالة.. فالرجلان متشابهان وليس شرطًا أن تكون الواقعة فى العراق .. فالبلاد كثر - بلادنا- والـ «منتظرين» لضرب ترامب كثر -كلنا - .. وما بين «منتظر» وبين «منتظرين» يتقدم ترامب باتجاه هديته.
لم يكن سوى القدر وحده ذلك الذى جعل ترامب يلقى خطابه باعتبار القدس عاصمة لدولة الاحتلال الإسرائيلى فى ذات التوقيت الذى توافق مع نفس الشهر قبل 9 أعوام من واقعة ضرب بوش بحذاء الصحفى العراقى داخل مؤتمر أقامته قناة البغدادية العراقية للسفاح بوش وبحضور نورى المالكى رئيس الوزراء العراقى وقتها.. احتفالا بانتهاء ولاية الرئيس الأمريكى واحتفالا - ربما - باحتلال قواته الأمريكية للعراق!
فى مقال تنبؤى مليء بالتفاصيل التراتبية للكاتب الأمريكى Tom Towers فى صحيفة الـ Daily Star فى 17 من هذا الشهر يشرح فى مقاله كيف أن الضوضاء القادمة الآن من البيت الأبيض بخصوص شبه الجزيرة الكورية الشمالية تشبه جدًا تلك الضوضاء التى صدرت من ذات البيت الأبيض أيام غزو واحتلال العراق 2003 ولذات الأسباب: امتلاك الدولتين للوقود النووي.
يقينا كوريا الشمالية ليست العراق.. ليت الأمريكان يعرفون.
اعتمد مقال الدايلى ستار على تحليلات سياسية وعسكرية لمسئول رفيع المستوى فى المجلس الأطلنطى يدعى Ropert Manning يقول أن ثمة حربًا ستكون أكثر تدميرًا مما حدث فى العراق ستطال أمريكا وكوريا.. متي؟ هو لا يعرف.. لكنه يقول إن الذين يعملون فى إدارة ترامب يعلمون! بينما الرئيس لا يعلم.
يقينًا كوريا الشمالية ليست العراق.. ليت العاملين فى إدارة ترامب يعرفون.
فالرئيس الكورى حين هدد بإطلاق صواريخ تصل إلى قلب أمريكا فى 50 دقيقة مخترقة 620 ميلا، لم يكن يهدد أو يتوعد - أو يهزر - بل يؤكد.. ثمة دول عظمى نشأت فى هذهِ السنوات العجاف بينما بات يخبو نجم القارة الأمريكية الشمالية.. باتت أضعف وأضعف.. تمت هزيمة داعشييها فى العراق وسوريا.. حتى حلفائها فى اليمن يخسرون كل يوم.. واسأل عن شعبية ترامب داخل أمريكا نفسها.. فى أدنى مستوياتها حتى داخل حزبه الجمهوري.. هؤلاء الذين دفعوه لإلقاء خطاب القدس ساقوه إلى مصيره.. بل ساقوا بلاده إلى مصير مجهول.. ثمة نيران تغلى وتفور لن تستطيع أمريكا الضعيفة الآن أن تطفئها.. أمريكا الضعيفة قياسًا بروسيا والصين وكوريا.. أمريكا الضعيفة قياسًا بشعوب صارت أقوى وأعلى صوتًا ورفضًا .. فشعوبنا قبل 2011 ليست كذات الشعوب بعد 2001.. كان هناك منتظر زيدى واحد.. ثمة عشرات الملايين يرفعون الأحذية.
نعود لمقال الدايلى ستار والذى أكد كاتبه إمكانية ضرب ترامب لكوريا.. فقد هدد بالفعل فى خطابه بالأمم المتحدة، وكذلك إمكانية ضرب كوريا للعمق الأمريكى فقد هدد رئيسها بالفعل فى خطاب علني.
يقينًا كوريا الشمالية ليست العراق.. ليتنا نحنُ ندرك ذلك.
فلنترك البلدين يتحرشان ببعضهما البعض ونفكر فى سؤال مهم: حذاء من فينا سينال شرف الضربة القادمة؟
يقينًا ليس ترامب وحده من يستحق الهدية.. لكنهم كثر.