السبت 23 أغسطس 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
ما أخذ بالقوة!

ما أخذ بالقوة!


عزيزى المواطن العربى
أنا أدرك تماما أنك غاضب وتشعر بالإهانة، وأنا أقول لك أن هذا هو شعورى بالضبط.. فأنا أكتب المقال بعد يوم واحد من إقرار نقل السفارة الأمريكية إلى القدس مع التأجيل لأسباب أمنية..
أنت غاضب وأنا كذلك، ولكن الوضع لم يعد يحتمل مزيدا من الكذب فاسمح لى أن أصارحك بالحقيقة.

أنت يا عزيزى لم تفعل شيئا من أجل القدس من الأساس.. أنت تريد أن تشتم الحكام العرب وأن تردد مع مظفر النواب قصيدته الشهيرة التى يصف فيها الحكام العرب بأنهم أبناء زوانى.. جيد جدا ورائع.. هذا شعور مريح جدا.. تفريغ لا يختلف عن غيره من أنواع تفريغ الكبت التى لن تسمح الظروف أن أحدثك عنها كلها! وأنت طبعا رجل لبيب وكل لبيب بالإشارة يفهم!
أكاد ألمح صديقا ثوريا قابعا فى ركن ما يستعد لكى يشتم المقال وكاتبه ويقول إننى أحمل المشكلة للشعب كى أدافع عن الحكام لكننى فى الحقيقة أقول إن الحكام هم إفراز الشعب واختياره.. وأذكرك بأنه لم يأتِ حاكم فى التاريخ أسوأ من هتلر ولا تشاوشيسكو ولا ستالين.. لكن هؤلاء الحكام حكموا شعوبا تعرف قيمة العمل والمعرفة، والقراءة، والاستيقاظ مبكرا.. لذلك وجدت هذه الشعوب لها مكانا تحت الشمس. ولم يكتب عليها الضياع لأن حاكما ما فى تاريخها سلك الطريق الخطأ..
لذلك أريد أن أسألك ماذا فعلت أنت للقدس غير الصراخ؟
إذا كنت ثورى المزاج فأنت غاضب بلا شك مما قاله علاء مبارك من أن الربيع «العبرى» قد أضاع القدس.
أنا أيضا أختلف معه وأرى أن الربيع كان «عربيا» لا «عبريا».. ولكن الحقيقة أن العبرة بالخواتيم، ولا توجد خاتمة أسوأ من هذه للعرب، كيف تريد من الدول العربية أن تتخذ موقفا فى حين أنه لم يعد لدينا دول عربية من الأساس باستثناء هذا البلد المحروس بإرادة الله وبجنوده المخلصين، فى يوم ما كان الجيش العراقى هو الجيش الخامس فى العالم، وكان الجيش السورى يجتهد كى يكون مؤثرا فى المعادلة، وكانت ليبيا مخزن سلاح يمكن استخدامه فى الوقت المناسب.. وكان اليمن دولة موحدة.. لكن هذا كله لم يعد موجودا بفعل الربيع العربى ثم أنه حين كان موجودا لم يكن يعجبك!
أنا مدرك أنك رومانسى تماما وحالم، وأنك كنت تريد سقوط كل هذه الأنظمة بحثا عن أنظمة أفضل وأكثر عدلا.. لكن هذا ما حدث.. أنت يا عزيزى لم يعجبك نصف الكوب الفارغ فأهدرت نصف الكوب الملآن.. لذلك لم يبق لنا سوى الفراغ!!
إياك أن تتخيل أننى أدعوك للانهزام.. على العكس أنا أدعوك للعمل وأدعوك لأن تفهم أن ما أخذ بالقوة لا يسترد بغير القوة.. لكن قوة الشعوب الآن أصبحت فى العلم والعمل.. فما هو نصيبنا من هذه القوة؟!