شموخ السلطة القضائية
تسطر السلطة القضائية فى التاريخ الوطنى المصرى سطوراً لن تمحى من الذاكرة الوطنية، حيث تولت هذه السلطة الدفاع عن حقوق المصريين، ليس دفاعاً من فوق منصة القضاء، ولكن دفاع من منبر التجمع القومى لقضاة «مصر» نادى القضاة فى وقت وقفت فيه السلطة التنفيذية بقمة هرمها «رئيس الجمهورية» سالبة لحقوق شعب «مصر» ومتعدية على المبادئ الدستورية للحياة الديمقراطية فى البلاد
ولأول مرة منذ أن عرفت «مصر» الحياة النيابية والسياسية، منذ أن كان أول فرمان سلطانى بتولى «محمد على باشا» الولاية على البلاد، نيابة عن السلطان القائم فى الأستانة فى موقع الخلافة الإسلامية، كما كانوا يسمونها حينئذ!!
وقفت السلطة القضائية المصرية الشامخة «ململمة» أطرافها وأطيافها و«ممهلة» لخلافاتها، ومنهية لتسميات «فيما بينها» مرة بتيار الاستقلال، ومرة بقضاة مصريين أحرار، وغيرها من مسميات إلى توحيد صفوفهم جميعاً، أولاً من خلال جمعية عمومية طارئة، انضم إليها كل الشرفاء من المواطنين المصريين من جميع أطياف المجتمع، ووقف المستشار أحمد الزند «أسدا» على منصة النادى الذى عقد جلسته ببهو دار القضاء «رمز العدالة» فى «مصر» وبيت الأمة فى حالة الرغبة للتوحد على قرار يوحد الشعب لمصيره، وقف الرجل منادياً كل أطياف المجتمع فى مصر إلى أهمية التوحد، أمام تعدى رئيس الجمهورية على الدستور والقانون الذى أقسم ثلاث مرات بالحفاظ عليهما وعدم المساس بهما منه أو من غيره!! وإذا به يطيح بكل ما أقسم عليه والأدهى من ذلك أن يصرح أحد قضاة مصر، ممن فقدوا سيرتهم القضائية أمام منصب تنفيذى رفيع حينما كان المنصب رفيعاً! وهزيل بعد أن أصبح مفعولًا به!! وقف القاضى الجليل سابقاً، والوزير حالياً لكى يقول إن الرئيس سوف يصوم ثلاثة أيام لحنثه بقسم اليمين الدستورى!!
على أن يحترم الدستور والقانون، والصحيح أنه لا يجوز أن «يحنث» الرئيس بيمينه أو بيساره!! وإلا فقد شرعيته كرئيس للجمهورية، ومرة ثانية حينما اجتمعت الجمعيات العمومية لجميع المحاكم المصرية «ابتدائية واستئناف ونقض وقضاء إدارى ودستورى» لكى يتخذوا نفس الموقف الذى اتخذه ناديهم العريق، إن السلطة القضائية المصرية التى تصدت لديكتاتورية ناشئة فى قصر الاتحادية، وأمام رئيس «حنث بيمينه»، وهى تسطر أرقى فقرات تاريخها الوطنى، يجب علينا كشعب «مصر» أن نشجعها وأن نصطف خلفها، وأن نساعدها، وألا نتحرك قيد أنملة، نحو تبسيط الأمور، إلا بتراجع السلطة التنفيذية عن قرار خاطئ اتخذه رئيسها دون وعى، ودون حساب لما هو آت، ولا حساب لما تم فى عصر سلفه «محمد حسنى مبارك»!! السلطة القضائية المصرية وهى تقف أمام هذا التحدى الرئاسى، إنما تقف مع حق شعب مصر فى الحرية، وفى مصادرة حقوق أى ديكتاتور مهما كان فصيله السياسى، ومهما كانت أيديولوجياته، التى يؤمن بها قطيع من شعب «مصر» أغلبهم من المساكين والمقهورين، نتيجة حقبات ظالمة من الحكم الفاسد فى «مصر»، إلا أن الحق لابد أن يستتب والعدل يجب أن يسود، وإذا أراد الله خيراً بالظالمين، فأمامهم التوبة والدعاء بأن يتقبل الله توبتهم، وأن يتقبل الشعب رجوعهم عن الرذيلة، وإن كان سقف المطالب فى تصاعد، فليكن ما حدث درساً لمن يأتى بعد الرئيس «مرسى»، الرئيس السابق للبلاد!!