
محمد جمال الدين
الإساءة المزعومة!!
مؤخرا خرج علينا البعض ممن يقولون إن اتهام مؤسسة الأزهر بالتقصير فى تكفير من قاموا بجريمة مسجد «الروضة» الإرهابية ببئر العبد فى شمال سيناء فيه تفتيت للجهود وإساءة للأزهر الشريف، مبررا ذلك بأن الأزهر يرى بأن هذه التنظيمات الإرهابية أحقر من أن يكفرها، علما بأن هؤلاء البعض يرون من وجهة نظرهم أن جل هذه التنظيمات كافرة، وهنا تحديدا لا بد من طرح سؤال يفرض نفسه بشدة: إذا كنتم ترون أن هؤلاء كفرة، فما هنا وجه الإساءة التى ترونها بالنسبة للأزهر، والذى تطالبون بالحفاظ عليه خوفا من تفتته؟؟ أليست هناك دماء بريئة أهدرت على يد هؤلاء الدواعش الذين استحلوا قتل النفس التى حرم الله قتلها، وذنبها الوحيد أنها خرجت من منازلها لتؤدى فريضة الصلاة التى تعد من أركان الإسلام الخمس، وأيضا ما هى الإساءة الموجهة من قبل البعض ضد الأزهر؟ والبعض من أبناء هذه المؤسسة الدينية العريقة يسيئون إليها ليل نهار، بفتاوى من نوعية رضاع الكبير ومضاجعة الموتى ونكاح البهائم، اعتمادا على كتب الفقه والتراث.. أليس الأزهر وجامعته ومعاهده التعليمية هى التى خرج من بين جدرانها من كفر المصريين لمجرد أنهم يدينون بالمسيحية، كان آخرهم المدعو «عبدالله رشدي» ومن قبله أحد خريجيه الكبار سنا ومقاما «سالم عبدالجليل».. ألم يكن البعض من علماء الأزهر هم من كفروا «فرج فودة» بسبب نقده للدولة الدينية والدعوة لمدنية الدولة وشنت جبهة علماء الأزهر هجوما كبيرا عليه أدى فى نهاية الأمر إلى اغتياله، وهم أيضا من كفروا «نصر حامد أبوزيد» بسبب بحث قدمه لنيل درجة الأستاذية، وفرقوا بينه وبين زوجته، ومن قبله سبق أن كفروا عميد الأدب العربى «طه حسين» بسبب كتابه «فى الشعر الجاهلي»، «ونجيب محفوظ» بسبب رواية «أولاد حارتنا».. من فعل هذه الأفعال هم من أساءوا للأزهر ويسعون جاهدين إلى تفتيته، وهذا ما لا نتمناه أبدا، نعم الحفاظ على الأزهر أمر مهم، ولكنه أيضا ليس فوق النقد، ونفس الحال بالنسبة لخريجيه، ولم يفكر مصرى واحد سواء كان مسلمًا أو مسيحيًا أن يسيء إليه بأى شكل من الأشكال، ولكن عندما يقع مسئولوه فى خطأ ما، علينا أن نعترض عليه بل ونقومه أيضا إذا لزم الأمر، فهم بشر مثلنا لهم وعليهم ما على كافة المصريين، بيانات الأزهر الرافضة لتكفير داعش أو غيرها من التنظيمات الإرهابية هو ما جعلنا نتعجب من موقفه عندما سارع أبناؤه بتكفير خيرة أبناء مصر، الذين لم يقتلوا أو ينهبوا أو يسرقوا، ثم يأتى بعد ذلك تصريح فضيلة الأمام الأكبر وشيخ الأزهر الدكتور «أحمد الطيب» بأن قضية تكفير الآخرين مغلقة أمام أى فرد أو جماعة، وهذه قضية يتولاها أهل الخبرة فى هذه المسألة وهو القضاء، وأضاف أن الكفر يترتب عليه أحكام أقلها لو ثبت أنه كافر لا يغسل ولا يكفن ولا يدفن فى مقابر المسلمين ولا يرث، فلو أن شخصًا ثريًا ارتكب فعلاً أو أنكر المعلوم من الدين بالضرورة، ورفع أمره للقضاء الذى أثبت أنه كافر فعلا لا ترثه زوجته أو أولاده. وأضاف شيخ الأزهر موضحا: نحن تركنا الواقع والتنمية والمجتمع والناس وتركنا التقدم التكنولوجى والعلمى المهزومين فيه، وجرينا وراء أوهام أنت كافر أم لا وحلال دمك أم لا، وأصبحت الصورة التى يعرفها العالم عن المسلمين هى هذه الصورة البائسة والرديئة جدا.. انتهى تصريح الأمام الأكبر، الذى أعتقد أنه أوكل أمر قضية دينية فى المقام الأول إلى القضاء، رغم أنه كان يجب عليه حسمها حتى نرفع الغطاء الدينى عن هذه التنظيمات، ويشكك الضعفاء منا فى انتماء هؤلاء الإرهابيين للإسلام، الذين باتوا يكفرون المجتمع دون أن نجد من يقف ضد مبدأ التكفير الذى يفعلونه ضد جل من يخالفهم أو يقف معهم، لأننا من وجهة نظرهم أنكرنا ما هو معلوم من الدين بالضرورة، أما هم ومن على شاكلتهم فيجاهدون فى سبيل الله بقتلنا وإزهاق أرواحنا، لهذا لم يعد فى وسعنا سوى أن نقول: لله الأمر من قبل ومن بعد.