سقوط «الزبير» حفيد مؤسس «الإخوان» فى فضيحة جنسية
ضحكتُ بمرارة.. ضحكًا كالبكاء، ليس من الكاريكاتير الساخر الذى نشرَتْه الصحيفة الهزلية الفرنسية «شارلى إيبدو» عن الدكتور طارق رمضان، ولكن من «بوست فيس بوكيّ»، كتبه أحدهم من ذوى الهوى الإخوانى يدافع عن حفيد مؤسس جماعته، ويستعرض أبرز قضايا «التحرش الجنسى» التى شَغَلَتْ الرأى العام العالمى مؤخرًا، والتى تسبَّبَت إحداها فى استقالة وزير الدفاع البريطانى، وربما تضع قضايا مشابهة دونالد ترامب رئيس أمريكا (أكبر دولة فى العالم) فى مأزق سياسى كبير حال إدانته فيها.
لم ينتبه «المُدافِع» إلى مَنْ هو طارق رمضان، الذى يُعتَبَر أحد القيادات الإسلامية المهمة والمؤثرة فى أوروبا، وكارثة إلصاق هذه التهمة (الفضيحة) به، كما أنه نسِيَ عمدًا ما يمثله رمضان (وأسرته) من قيمة تاريخية لجماعة الإخوان، وما لَعِبَه من أدوار استراتيجية ظاهرةٍ وخفيةٍ لدعم الجماعة، بعد أن استقرَّ والدُهُ سعيد رمضان (سكرتير حسن البنا مرشد «الإخوان» المؤسِّس وزوج ابنته وفاء) فى سويسرا منفيًّا فى نهاية الخمسينيات، قبل أن يولَد طارق عام 1962 وتحصل الأسرة على الجنسية السويسرية، ويؤسس الأب وولداه طارق وهانى لوجودٍ قويٍّ فى الغرب، تنامى بشكل مذهل فى حالة طارق، حيث يعمل الآن أستاذًا دكتورًا متخصصًا فى الفكر الإسلامى ومحاضرًا فى جامعة أكسفورد (أعرق جامعات بريطانيا)، وجامعة فرايبورغ بألمانيا، كما أنه مستشار وخبير لدى عدة لجان فى البرلمان الأوروبى، وعضو فى الفريق الاستشارى لوزارة الخارجية البريطانية فى حرِّيَّة الدين والمعتَقَد.
واستغلَّت الساخرة الفرنسية «شارلى إيبدو» الحدث بقوة، فبعد أن نشرت رسمًا كاريكاتيريًّا لطارق رمضان يبدو فيه «شيء منتصب» تحت سرواله، كتَبَتْ على لسان طارق كأنه يدافع عن جريمته، فيقول: «إن هذا (الفعل) هو الركن السادس من الإسلام»، وقد قَدَّمَت الصحيفة شكوى إثرَ تلقِّيها تهديداتٍ بالقتل على شبكات التواصل الاجتماعى، بعد نشرها لهذا الكاريكاتير، ومعروف أن الصحيفة سَبَقَ أن استُهْدِفَت باعتداء إرهابى شهير فى يونيو 2015، تبناه تنظيم القاعدة فى جزيرة العرب، وأوقع 12 قتيلًا.
وتفَجَّرت قضية «رمضان والنسوان»، بعد أن اتهمَتْه الناشطة النسائية الفرنسية هند عيارى (السلفية السابقة)، باغتصابها داخل غرفَتِه فى أحد فنادق باريس عام 2012، ثم أعقبتها دعوى من امرأة فرنسية أخرى تعانى من إعاقة جسدية تتهمه باغتصابها فى أكتوبر 2009.
وسيواجه (حفيد حسن البنا) البالغ من العمر 55 عامًا، تحقيقاتٍ فى فرنسا حول التهم الموجهة إليه، وبالمقابل تقدم محاموه بدعاوى مضادة بخصوص اتهامه بالاغتصاب، الذى وصفه طارق رمضان بأنه «حملة افتراءات من أعدائى»، وقد اضطُرَّ الأكاديمى الإسلامى إلى الخروج فى إجازة من عمله بجامعة أوكسفورد، مجددًا نفيه لاتهامات امرأتين فرنسيتين باغتصابهما، إضافةً إلى اتهامات أخرى بأنه تحرش جنسيًّا بقاصرات.
وقد قالت صحف سويسرية إنها تحدثت إلى «أربعِ نساء كن طالباتٍ لدى رمضان فى ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضى، حين كان مدرسًا حكوميًا فى جينيف، وقالت إحداهن إنها صَدَّت تحرشه الجنسى حين كانت فى سن الرابعة عشرة، كما أبلغت ثلاث أخريات، تراوحت أعمارهن بين 15 و18 عامًا آنذاك، أن رمضان استغل سلطاته كأستاذ لإقامة علاقات جنسية معهن».
وكانت هند عيارى التى تنحدر من أصول عربية، وتقود «جمعية النساء المتحرِّرَات» فى فرنسا، قد سبق لها أن ألَّفَت كتابًا تروى فيه قِصَّتَها ورِحْلَتَها من السلفية إلى العلمانية ونشرَتْه فى نهاية عام 2016، تحت عنوان «اخترتُ أن أكون حرَّة.. الهروب من السلفية فى فرنسا»، وتحدَّثَتْ فى ذلك الكتاب عن مثقفٍ إسلامى اعتدى عليها ورَمَزَت إليه باسم «الزبير» ليتضح لاحقًا أن المقصود هو طارق رمضان، وذلك وفق ما كتبته على صفحتها بـ«فيس بوك» مؤخرًا.
شيء محزن ومخزٍ أن يُزَجّ بالإسلام فى قضية اغتصاب وتحرّش جنسى، لعنة الله على هذه «الجماعة» التى تجد اسمها حاضرًا فى كل جريمة تُلصَق بالدين الإسلامى، منذ أن وُلِدَت فكرتها الشيطانية فى رأس مؤسسها، واحتكرت صفة «المسلمين»، وتسبب مشروعها الملعون فى أكبر ضررٍ للدين الحنيف.