الإثنين 21 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
«مجنون ليلى» و«مشروع ليلى»

«مجنون ليلى» و«مشروع ليلى»


أغرب ما فى الحوادث المأساوية التى هزت أركان المجتمع، أن وراء كل حادث خلفية موسيقية وألحان أساسية، فعندما ظهر «عبدة الشياطين» كانت لهم موسيقى خاصة لها طابع يتناسب مع أفكارهم الهادمة والجانحة تتسق مع انفعالاتهم المخيفة.. نفس الكارثة التى وقعت الأسبوع الماضى كانت أيضا على خلفية فرقة موسيقية تقدم أغانى الروك الغربية ومتنوعات غريبة تروج للتمرد والانفلات الأخلاقى.
 الأغرب أن فرقة «مشروع ليلى» التى أحيت حفل المثليين فى التجمع الخامس تتميز بتقديم أغنيات وألحان متمردة أغلبها يصب فى إطار الدعوة للاعتراف بحقوق المثليين مثل أغنية « شم الياسمين» التى تتحدث عن علاقة شاب بحبيبه الذى تركه وحيدا، أما أغنية «أم الجاكيت» فهى تستعرض قصة فتاة بدون مكياج تدعو إلى حرية اختيار المظهر الخارجى وتقليد الرجال وغيرهما من الأغنيات المسيئة للغناء والحرية وأيضا لتاريخ الغناء المصرى المليء بالشجن ومخاطبة المشاعر الإنسانية السوية.
 إن تسلل الأغنيات الغربية على مجتمعنا فى الألفية الجديدة وراء كل هذه المآسى حتى أفسدت ذوق الشباب، فضلا عن تخاذل المطربين والملحنين  من أبناء هذا الجيل الذى ركعوا بسهولة لهذه التيارات الشاذة والدخيلة على مجتمعاتنا  الشرقية وتصدر ما أسموهم بمطربى الجيل للمشهد الغنائى الذى كان بداية الكارثة.. وسط تراجع المطربين الحقيقيين  والهروب من مواجهة الموجة التى أدت لهذا الانحلال.
 فموسيقى سيد درويش موسيقار الشعب ساهمت فى يقظة الحس الوطنى والشعبى ومن بعده جاء عمالقة الموسيقى والغناء فى مصر والعالم العربى محمد عبدالوهاب موسيقار الأجيال - باستثناء هذا الجيل - ورياض السنباطى ومحمد الموجى وبليغ حمدى على جناح أم كلثوم وعبدالحليم حافظ ونجاة وشادية ووردة وفايزة ومن بينهم عبدالعزيز محمود وكارم محمود  ومحمد قنديل كل هؤلاء صنعوا نهضة موسيقية شكلت ذوق أجيالاً كثيرة ولعبت دورا فى تحريك الانفعالات الإنسانية المرتبطة بأغانى الحب والعفاف والهجر والخصام.
 كل هؤلاء صنعوا سحابة من الأعمال غطت سماء عالمنا العربى بإبداعات هزت المشاعر وترجمت الانفعالات الطبيعية للأسوياء .
 قارنوا مثلا بين رائعة «مجنون ليلي» لأمير الشعراء أحمد شوقى وموسيقار الأجيال  ومشروع «ليلي» لشواذ فى الكلمة واللحن والمدلول ودعوة كل منهما وكيف أن قصيدة «مجنون ليلي» تركت أثرا عظيما مازال موجودا وفصلت بين الغزل الجاهلى الذى يرتكن على اللهو والمجون والخمر وبين الغزل العفيف.. الغزل الذى يفترض تعدد العشيقات وتصوير مفاتن المرأة إلى الغزل العذرى المحقون بالعفة  والعذوبة ومع اختلاف المناخ العام وتبدل المجتمعات سار الشعراء العظام فى مصر والوطن العربى من نزار قبانى إلى كامل ومأمون الشناوى  وأحمد رامى وهم شركاء النجاح الأسطورى لكوكب الغناء أم كلثوم  وعبدالحليم حافظ الذين رسموا خريطة المشاعر ووضعوا الكتالوج الخالد للغناء العربى  فى أعمال مازالت باقية رغم  أنف المتطرفين والشواذ .
 إن الشارع الغنائى فى حاجة إلى ثورة شاملة وخوض معركة فاصلة بين المجون والعفاف وإعادة الأمور إلى نصابها الصحيح وإلحاق الهزيمة  بالغناء الجاهلي.. نحن فى حاجة إلى نقلة تعيد أمجاد العمالقة.. الموسيقى والغناء تهذب الأحاسيس وتترجم الانفعالات البشرية الحقيقية..
نحن فى حاجة  إلى صحوة غنائية كبرى تحسن المزاج العام تقود الأجيال الجديدة إلى طريق الصواب ومساندة الدولة لقيادات هذه الثورة من الأسماء الموهوبة حاليا أمثال أنغام وشيرين عبدالوهاب وآمال ماهر ومحمد حماقى ومعهم تامر حسنى ومساندة آخر جيل من الأصوات الجميلة مثل على  الحجار ومحمد الحلو ومدحت صالح وأحمد إبراهيم فهى مازالت قادرة على الإبداع والعطاء فضلا عن دعم شعراء هذا الجيل الموهوبين أمثال بهاء الدين محمد وأيمن بهجت قمر ومصطفى مرسى وأمير  طعيمة ومعهم آخر جيل الموهوبين من الموسيقيين منهم وليد سعد ومحمد محيى  وعزيز الشافعى ومحمود طلعت.
 كل هؤلاء أمام مهمة  قومية  لعودة الغناء إلى مساره الطبيعى لإصلاح ما أفسده المتطرفون والشواذ وأباطرة أغنيات الموضة التى أوصلتنا  إلى الطريق المسدود والمهجور .. نحن فى شوق إلى «البيض الأمارة» و«السمر العذاري» و«العيود السود» ، و«عيون بهية» و«أيظن» و«حبيبها» و«كامل الأوصاف» و«صافينى مرة» و«فوق الشوك» و«ألف ليلة وليلة» و«أنت عمري» و«غدا ألقاك» و«أمل حياتي».. نحن فى حنين إلى عودة الأعمال الوطنية لإيقاظ المشاعر القومية وزرع حب الوطن على طريقة « مصر التى فى خاطري» و«أنا الشعب» و«بالأحضان» و«فدائي» و«يا حبيبتى يا مصر».. نحن فى حاجة إلى «مجنون ليلي» جديد وإزالة «مشروع ليلي» للأبد..