
محمد جمال الدين
الباحثون عن الشهرة!
بين الحين والآخر دائما ما يظهر على السطح من هم يبحثون عن الشهرة التى يعتقدون أنها من الممكن أن تفتح لهم الأبواب المغلقة، هؤلاء يعملون وفق منهج محدد بدقة، لذلك يتبعون سياسة (الخطوة خطوة) التى سبق أن انتهجها وزير الخارجية الأمريكى الأسبق (هنرى كيسنجر) فى محادثات السلام بين مصر وإسرائيل، وغاوى الشهرة الذى يريد أن يصل إلى مبتغاة سريعا، يتابع ويراقب الأحداث حتى يجد ضالته التى يبحث عنها، ليصرح بما يريد بشأنها حتى يضمن أن يكون فى دائرة الضوء، حيث تتلقفه شاشات الفضائيات التى تبحث بدورها عن تحقيق أعلى نسبة من المشاهدة التى تعنى فى النهاية تدفق الإعلانات على القناة وما يستتبع ذلك من زيادة فى الدخل لجميع من يعملون بها، وفى هذا تطبيق سليم 100 % لنظرية (نفع واستنفع) لأن فى النهاية المصلحة تحكم،
صاحبنا إياه الباحث عن الشهرة والأضواء يدرك ذلك، فهو يقوم من نومه ليراقب هذا ويعترض ذاك، حتى يجد ما يقوله ليلا فى برامج (التوك شو) خدمة لبلده مصر التى يرى فى نفسه أنه حاميها وراعيها.
أمثال هؤلاء الباحثين عن الشهرة، تجدهم فى كل زمان ومكان، ولكن فى هذه الفترة كثر عددهم بعد مرحلة عدم الاستقرار والشد والجذب التى تميز المجتمع المصرى حاليا، فقد وصل بهم الحال إلى رفع الدعاوى على كل من لايعجبهم أو يسير على خطهم، وأصبحت كل شاردة وواردة تخضع عندهم لمعايير، يأتى فى مقدمتها خلق حالة من الجدل تضمن لهم تصدر شاشات التليفزيون وديباجة الأخبار عنهم، وما اعتراضاتهم أو دعاواهم القضائية ألا لتحقيق القدر الأكبر من الشهرة، ففى وقت ليس بالبعيد كان هناك الشيخ الراحل (يوسف البدرى) والذى أطلق عليه البعض لقب (شيخ الحسبة) أو عدو المثقفين والفنانين وهو بالمناسبة صاحب دعوى تفريق المفكر الراحل (نصر حامد أبوزيد) عن زوجته بدعوى خروجه عن ملة الإسلام بسبب أبحاثه ومؤلفاته، وهو أيضا صاحب العديد من الدعاوى القضائية ضد شعراء (أحمد عبدالمعطى حجازى) وأدباء (جابر عصفور والراحل جمال الغيطانى) وفنانين (شريف منير) وصحفيين (عادل حمودة) لم يسلم أحد من دعاوى الشيخ يوسف، الذى ساند محمد مرسى واعتصم فى ميدان رابعة العدوية، حيث وظف نفسه لملاحقه العقول التى ترفض الجمود وسمح لها أيضا أن تحاسب الناس على نواياهم فى الوقت الذى لا يسمح لهم بمحاسبته على نواياه.
هناك نوعية أخرى من هواة الشهرة والأضواء يتصدرها البعض ممن يعملون بالقانون، انصب جل همهم فى تقديم البلاغات بعد اطلاعهم يوميا على ما ينشر فى الصحف، والتى تبدأ بطلب المنع من السفر مرورا بطلب سحب الجنسية وتنتهى بالاتهام بالخيانة العظمى، هؤلاء لم يسلم من بلاغاتهم أحد، ومن كثرة بلاغاتهم وتنوعها، يعتقد البعض من المتابعين لهم ولنشاطهم أنهم يذهبون إلى مكتب النائب العام صباح كل يوم وهم حاملون فى أيديهم ملفًا يتضمن البلاغ الذى سيقدمونه، وليس مهما إن كان البلاغ يحمل الصبغة السياسية أو الإعلامية أو الفنية، حتى الرياضة لم تسلم من بلاغاتهم، (وكله حسب ما تجود به القريحة)، الجميل فى هذا التنافس الذى يدور بين العاملين فى القانون أنها تضم يوميا أعضاء جددًا يتنافسون فيما بينهم على من سيكون صاحب العدد الأكبر من البلاغات، وكأن هناك صراعًا على من يحرز أهدافا أكثر (أقصد بلاغات).
ملحوظة لابد من ذكرها عزيزى القارئ: أغلب هذه البلاغات إن لم يكن جلها يتم حفظه فى الأدراج.
ولهؤلاء (متنازعى الشهرة) ويسعون فى طلبها ويلهثون خلف الأعلام ليل نهار أسأل: من عينكم محتسبين علينا أو مراقبين لضمائرنا ودواخل نفوسنا؟ ولهؤلاء أقول أيضا: ارحمونا يرحمكم الله، مصر مش ناقصة أمثالكم.