
هناء فتحى
البلاد الحبلى باغتصاب النساء
يا امرأة.. وأنت تمدين عينيك الباكيتين للأفق تشكرين الله على الإشارة والبشارة.. ثمّ وأنت تطوحين للأعالى حبال النور والفرح المضواة - بالبنفسجى والأصفر والأخضر - وتثبتينها فى بطن سمائنا العربية المطفأة نجومها على الدوام بفعل رجالات الدين والحكم.. وأنت ترفعين عنقك المحنيّ وذراعك المقطوعة كفه وتلوحين للعدل المخاتل الذى اجتاح الكون فجأة.. وتتفرسين باتجاه قانون شديد الباس أقره رجالات برلمان الأردن مجابهين به سلفيى بلادهم يعاقب المغتصب.. وآخر فى تونس يعيدهم إلى عصر «بورجيبة» الإنسانى. وأنت تتنفسين بعمق روحك السحيقة الغائرة الغائبة وتقولين: «أخيراً!!» وكأن العالم صار طيبا حنونا عادلاً.. العالم الذى فجأة اجتاحه مصطلح الاغتصاب: الوطن والمرأة.
فى الصراع الأبدى بين عشائر الحكم وعشائر الدين على تقسيم الغنائم.. هذا له السلطة وذاك له أجساد الصبايا تضيع النساء.. يضيع الطرف الأضعف.. حيث انتهى زمن العبيد.. صار العبيد يحكمون.. ولم يبق إلا النساء ضحايا رجال الدين ورجال الحكم فى العالم كله وبلا استثناء.. فى العالم الذى يكتب دستوره الشيخ والوالى:
ابتدأت الأخبار اللافتة غير التقليدية.. وغير المسموح بها على الإطلاق فى اليمن أولاً بإعدام علنى فى ميدان التحرير لرجل اغتصب وقتل طفلة عمرها سنواتٍ ثلاثة.. أمام حشد من اليمنيين قامت الشرطة بتقييده وضربه بـ5 رصاصات من بندقية آلية.. طيب.. حلو طبعاً.
بعدها بأيام تم فى تونس إقرار قانون لمكافحة العنف ضدّ النساء.. حلو برضه.
فى ذات التوقيت ألغى نواب البرلمان الأردنى تشريعا كان يتيح للمغتصب الزواج بالضحية.. والإفلات من العقوبة.. فوجبت العقوبة.. كمان ده حلو أوى.
فى باكستان الأسبوع الماضى أمر مجلس العشائر بقرية «البنجاب» باغتصاب طفلة 12 عاما أمام الناس وأهلها وجيرانها وزملاء المدرسة وفى ميدان عام.. فأقبل الرجال على الغنيمة لاغتصابها مهللين. وكان أخو المغتصبة قد قام باغتصاب طفلة من قبل من قبيلة أخرى.. فجاء رأى الراشدين -رجالات حكم مجلس القرية - أن يتم اغتصاب أخت الولد الجانى وعلى الملأ.. وهكذا تضيع النساء حين يحكم ناقصو العقل والدين بلاد الله وناسها.. طبعاً قامت السلطات فى نهاية الفيلم باعتقال 28 رجلا ما بين مغتصب وعضو فى مجلس شورى الاغتصاب.
طيب بص بقى.. فى بريطانيا بجلالة قدرها وسمعتها فى الحريات وقسوة تطبيق القانون.. فى برمنجهام أيضاً الأسبوع الماضى تم اغتصاب فتاة عمرها 15 عاماً داخل محطة قطار.. وحين تمكنت من الهرب بعد الاغتصاب ولجأت إلى رجل خارج المحطة لينقذها قام هو الآخر باغتصابها.. الغريب والمقرف أنه بعد أن ألقى البوليس القبض على الجناة تبين أنهم آسيويون من بلاد يداس فيها القانون بأحذية الحكام ورجال الدين.. هذهِ بلاد تحكم بشرع الله.
فى وثائقى مهم بثته الـ BBC بعمل حوارات مكثفة مع الفتيات الصوماليات اللاتى اختطفهن متشددو بوكو حرام فى 2014 وهرب بعضهن وتم تحرير البعض الآخر.. ثمّ فجأة عادت بعض الفتيات المحررات إلى مغتصبيهن بإرادتهن! قالت الفتيات الهاربات إلى أحضان مغتصبيهن إنهن وجدن الحب والاحترام والرعاية من إرهابيى بوكو حرام ولم يجدنها فى مجتمعاتهن السابقة بنيجيريا والصومال! فيما أسماه علم النفس بـ«متلازمة ستوكهولم»، أى التعاطف مع العدو.. للأسف حين تصير بلادك هى العدو.. ويصبح عدوك حبيبك!
ماذا نفهم مما سبق؟>