الأربعاء 23 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
(ما بنروحش) المدرسة!

(ما بنروحش) المدرسة!


كشفت نتيجة امتحان الثانوية العامة عن حقيقة مؤكدة لا تحتمل اللبس أو اللف والدوران، أن الذهاب إلى المدرسة ليس له فائدة تذكر، هذه النتيجة التى وصلنا إليها والتى على أثرها غاب دور المدرسة، ليس لى أو لأى متخصص فى التعليم دور فيها، فمن كشفها وأوضحها للعيان هم الطلبة الحاصلون على أعلى الدرجات فى امتحان هذا العام، وهم بالمناسبة من نطلق عليهم الأوائل، فجميعهم أكدوا وبما لا يدع أدنى مجال للشك، أن المدرسة ليس لها أى دور فى تفوقهم، بعد أن تلاشى دورها ولم يعد له وجود.
وأصبحت الدروس الخصوصية (والسناتر) هى البديل عن المدرسة التى أصبح الذهاب إليها مضيعة للوقت وتستنفد قدرات الطلاب الجسدية والذهنية، فى ظل غياب المدرسين أصحاب المستوى العلمى المحترم الذين تفرغ أغلبهم للدروس الخصوصية، ولم يتواجد إلا المدرس متوسط المستوى حديث التخرج إن استمر فى الحضور أصلا، وهذا ما يكشف ويوضح للقاصى والدانى الحالة التى وصل إليها حال التعليم فى مصر، وعندما يصرح أوائل الثانوية العامة بهذا التصريح الصادم لكل من له علاقة بالتعليم، لا بد أن نشعر بالخوف على باقى أولادنا أصحاب المستوى العلمى المتوسط الذين يتعلق مصيرهم ومستقبلهم بسنة دراسية واحدة، وكذلك نأسف لحال أولادنا الذين لم تساعد الظروف المادية أسرهم فى توفير فرص الدروس الخصوصية، البديل الوحيد المتاح الذى يعوض غياب دور المدرسة، تصريحات أوائل الثانوية العامة، تدق ناقوس الخطر لكل مسئول فى هذا البلد، الذى لم ولن ينهض إلا بالتعليم، ولكن كما رأينا أصبح دوره غائبا بغياب دور المدرسة وغياب المعلم صاحب الكفاءة والتمكن من مادته، المقترن بغياب الرؤية والفكر لدى أغلب المسئولين عن التعليم الذين اكتفوا بترديد كلام نظرى عن تطوير التعليم ومناهجه وضرورة حضور الطلاب للمدرسة والتفتيش على من حضر ومن غاب، وتحويل من فقد نسبة الحضور إلى نظام المنازل، دون البحث عن أصل الداء والمشكلة الملقاة على عاتقهم بحكم المسئولية والمناصب التى يتقلدونها، والتى  بسببها لم يعد التعليم القاطرة التى تذهب بالوطن إلى الأمام.
الحقيقة فيما حدث وسيحدث واضحة وضوح الشمس، المدارس لم تعد تقدم علمًا، والمدرس لم يعد قادرًا على الوفاء بواجبه مع الطلاب فهو يلهث من صباح ربنا لتوفير لقمة العيش له ولأسرته فى ظل ارتفاع الأسعار الذى جعل جيبه خاويًا، والراتب لا يكفي، بل هو متدنٍ بدرجة كبيرة، وبالتالى لم يعد له من بديل سوى الدروس الخصوصية، حتى ولو كان هذا البديل العمل كمساعد فى (سنتر) دراسى لأستاذ مشهور، المهم أن يوفر قوت يومه، فى الوقت الذى يسمع فيه ليل نهار عن قرب النظر فى رفع رواتب المدرسين، هذا بخلاف العجز وقلة عدد المدرسين الذى تعانى منه جميع مدارس مصر الحكومية منها بالذات، مما يفتح الباب للتعاقد مع مدرسين يعملون بنظام الحصة، قليلى الخبرة ويسعون للعمل خارج المدرسة أيضا لزيادة دخلهم، ومن أجل هذا وذاك يبحث المدرس سواء كان دائما أو مؤقتا عن أى فرصة متاحة أمامه للفكاك من وزارة التعليم وكل من له علاقة بها أو بالتعليم من أساسه، مثلما يهرب الطالب من مدرسته التى لم يعد يرى لها فائدة، فأصبح الابتعاد عنها غنيمة بالنسبة له ولغيره من باقى الطلاب، متجها إلى الدروس الخصوصية التى توفر له فرص تلقى العلم والنجاح، هذا هو بعض من كل من حال التعليم فى مصر والذى يلخص فى النهاية حال المجتمع فى بلدنا الذى يرتع فيه الفساد وانعدام الضمير، وجعل من المدرسة سجنًا تدرس فيه مناهج بالية ومتخلفة، ويقود التعليم فيها مدرس فقد الاحترام لنفسه بسبب ضعف راتبه، فعرف طريق الدروس الخصوصية، التى قد تعينه فى عثرته مع الحياة، ثم نعود ونكرر ونسهب ونطالب بضرورة عودة الطالب إلى المدرسة، وهى الكذبة الحقيقية الوحيدة التى كشفها لنا أوائل الثانوية هذا العام فى نظامنا التعليمى المصري! 